المشاكل الاقتصادية للمجتمع من اثر الطلاق |
الأسرة أساس المجتمع لأنه يتكون من مجموعة من الأسر يرتبط بعضها ببعض ويقوى المجتمع ويضعف بقدر تماسك الأسر التي يتكون منها أو انفصامها ، وكلما قويت الأسرة اشتد ساعد المجتمع وإذا تفرقت وانحلت روابطها تدهورت الأمة ولقد عني القرآن الكريم بترابط الأسرة وتأكيد المودة والرحمة بين أفرادها ، فارشد إلى أن الناس جميعاً أصلهم واحد خلقهم الله من ذكر وأنثى ، ووجه إلى أهمية رباط الأسرة قوله تعالى : "يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى ، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " من ( الآية رقم 13 من سورة الحجرات)، وهذه الآية الكريمة ترشدنا إلى أن الزواج هو أصل الأسرة به تتكون وفي ظله تنمو . ومن هنا أخذت العلاقة الزوجية حظاً وافراً في الشريعة الإسلامية فقد عني بها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة فجاءت آيات القرآن مبينة أحكامها داعية للحفاظ عليها " والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات .." (من الآية 72 من سورة النحل ) " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " (الآية 21 من سورة الروم). والزواج عهد وميثاق ميزه الإسلام عن سائر العقود فلا يجري على نسقها ولا يقاس عليها فقد جعله القرآن ميثاقا ًغليظاً " وأن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً " (من الآية 20 من سورة النساء). وبهذا الميثاق ألحق الله عقد الزواج بالعبادات فإن المتتبع لكلمة (ميثاق) ومواضعها في القرآن الكريم لا يكاد يجدها إلا حيث يأمر الله بعبادته وتوحيده والأخذ بشرائعه وأحكامه وبعد أن وصف الله الزواج بأنه ميثاق غليظ بين الزوجين ، صور الخلطة بين طرفيه فقال "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن " (من الآية رقم 17 سورة البقرة) وكانت أهم عناصر الناس بأن ثمرة هذا الرباط المحاط بكل هذه المواثيق البنين والأحفاد ليعمروا الأرض وليعبدوا الله . وإذا كانت شريعة الإسلام تعلو كل الشرائع لأنها من الله وإذا كانت قواعدها وأصولها قد قطعت في أمور رأت أنها ثابتة لا تتغير فإنها في أمور أخرى وضعت ضوابط عامة تدور في نطاقها الأحكام وفقاً لتطور الأزمان وتغاير الأحداث وأناطت بولي أمر المسلمين أن يشرع لهم في نطاق أصول الشريعة – مما يصلح به حالهم وتستقيم معه قناتهم . وإذا كانت مذاهب فقه الشريعة الإسلامية قد أثرت الفقه التشريعي استنباطاً من القرآن الكريم والسنة الشريفة فإن اختلاف الفقهاء لم يكن على حكم قطعي وإنما كان مرده إلى أصول الاستنباط وقواعده وفي المسائل التي للاجتهاد فيها النصيب الأوفى الرجل يتأثر بالطلاق والانفصال فلن يكون الرجل سعيداً وهو يرى حياته الأسرية تذوي وتدخل مرحلة تتزعزع فيها فإلى جانب فقدانه لزوجته سوف يفقد سعادته مع أبنائه فإن ظل أبناؤه إلى جانبه شكلوا له مصدراً للقلق وخلق الخلافات مع زوجته الجديدة إن تزوج فأحياناً لا يعتمد الرجل على زوجته أم أبنائه ولا يكتفي بعنايتها بل يباشر العناية بأبنائه بنفسه مع وجودها إلى جانبهم فكيف إذا بحال رجل أبناؤه مع امرأة ترى أنهم منافسون لها وهم يرون أنها دخيلة عليهم؟"والطلاق يصيب كبد الرجل وعقله وقلبه وجيبه لأنه الخروج طواعية من أنس الصحبة وسكينة الدار ورحابة الاستقرار إلى دائرة بلا مركز"،من الضرر الواقع عليه من كثرة تبعات الطلاق المالية كمؤخر الصداق ونفقة العدة ونفقة وحضانة الأولاد، الأمر الذي سينعكس أيضاً على الزوجة الثانية وأولادها، هذا إذا قبلت به زوجة أخرى لترعى مصالحه وأولاده في ظل وجود الأعباء المالية عليه الناتجة عن الطلاق. الطلاق يسبب للمرأة التعاسة طيلة حياتها فنسمع أن فلانة من الناس طلقت ولديها طفل أو اثنان.. مما يعني أن عمرها لم يتجاوز الخامسة و العشرين أو اقل من الثلاثين, فتصبح في غالب الأحوال تعيسة إن بقيت بدون زواج! وتعيسة إن تزوجت.. فمن يتزوج بها لن يكون بمثابة والد أبنائها حتى و إن ادعى ذلك! فالإنسان أبناؤه عليه حمل.. فكيف بأبناء الآخرين؟؟ و عن بقي أبناؤها مع والدهم فستكون هي مشغولة الذهن عليهم وهي معذورة في ذلك..فالإنسان ينشغل باله على أبنائه و هم حوله فكيف و هم بعيدون عنه؟؟ وتعتبر المرأة المطلقة مدانة في كل الأحوال، في مجتمعاتنا التقليدية –كونها الجنس الأضعف- والكل ينظر إليها على أنها ستخطف الأزواج من زوجاتهم. إن المطلقة تعود حاملة جراحها وآلامها ودموعها في حقيبتها، وتكون معاناتها النفسية أقوى. ويحاصر المجتمع المطلقة بنظرة فيها ريبة وشك في سلوكها وتصرفاتها مما تشعر معه بالذنب والفشل العاطفي وخيبة الأمل والإحباط مما يزيدها تعقيداً ويؤخر تكيفها مع واقعها الحالي فرجوعها إذن إلى أهلها بعد أن ظنوا أنهم ستروها بزواجها وصدمتهم بعودتها موسومة بلقب "مطلقة" الرديف المباشر لكلمة "العار" عندهم وأنهم سيتنصلون من مسئولية أطفالها وتربيتهم وأنهم يلفظونهم خارجاً مما يرغم الأم في كثير من الأحيان على التخلي عن حقها في رعايتهم إذا لم تكن عاملة أو ليس لها مصدر مادي كافٍ لأن ذلك يثقل كاهلها ويزيد معاناتها، أما إذا كانت عاملة أو حاملة لأفكار تحررية فتلوكها ألسنة السوء فتكون المراقبة والحراسة أشد وأكثر إيلاما وأبرز ما يفعله الزلزال الاجتماعي الأسري (الطلاق) على الزوجة هو العوز المالي وزيادة الأعباء المالية على المرأة المطلقة مما يجعلها من أكثر الأطراف تضررا من الناحية الاقتصادية مما يؤدي إلى انخفاض في المستوى المعيشي. "إن ظاهرة الطلاق من الظواهر الاجتماعية الجديرة بالاهتمام، لأنها تؤثر على أداء الأسرة لمهامها، كما تؤثر على تكوينها الداخلي، واستقرارها الاجتماعي ومستقبل أبنائها، وبالتالي مستقبل الأجيال اللاحقة في المجتمع، لأن الأسرة هي مصدر تكوين المودة اللازمة لصاحبي العلاقة وذريتهما، من الناحية النفسية والاجتماعية، كما أنها مصدر المسؤولية الاجتماعية المنوطة بالأسرة لإنتاج أجيال مفيدة اجتماعيا تعي واجباتها الاجتماعية والمستقبلية المنوطة بها، إذ أن الطلاق يؤدي إلى تفكك الأسرة وقد يؤدي إلى الانحرافات الإجرامية والأخلاقية، وما يترتب على هذه المشكلة المعقدة الجوانب بسبب ارتباطها بوضع المرأة والرجل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وكونها أحد أشكال التصدع الذي يقع في نطاق الأسرة أيا كان شكل البيئة والتنظيم اللذين تقوم عليهما، خصوصاً أن للطلاق ارتباطا وثيقاً بصلاحيات وسلوك الأفراد في الأسرة". عند حدوث الانفصال و الطلاق فذلك ينمي الكراهية و الحقد و الغضاء بين الطرفين مما يؤدي إلى حدوث مشاجرات و عدم استقرار في المجتمع , و في معظم الأحيان يكون الأهل مصدرا للخصام و زيادة المشاكل بدلا من أن يساعدوا على إصلاح ذات البين و التأثير النفسي على المرأة و الرجل , فبعد حدوث الطلاق يترتب على الرجل أعباء مادية و مبالغ يجب أن يدفعها مما يؤدي إلى زيادة همومه و كثرة تفكيره في كيفية جمع هذا المال اللازم , مما يؤدي به إلى سلك طرق غير شرعية لكي يستطيع أن يؤمن المال . و كذلك المرأة ما تعانيه من ألم الطلاق و نظرة المجتمع لها , مما يؤدي بها إلى سلك طرق غير صحيحة لتأمين رزقها , و جميع هذه الطرق تؤثر سلبا على المجتمع و كثرة الجرائم و تزعزع الأمن في المجتمع و زيادة الانحراف و الأمراض النفسية , كل ذلك يعود سببه إلى تشرد الأطفال بعد طلاق الوالدين و قلة الرعاية لهم و التفكك الأسري الذي دفعهم لأن يتجه إلى سلوكيات غير سوية. من أساسيات إقامة علاقة زوجية ناجحة هي الثقة المتبادلة، فيجب على الزوج أن يكون وفيا مخلصا لزوجته ويجب على الزوجة أيضا أن تكون مخلصة ووفية لزوجها وهكذا تستقيم الحياة الزوجية هادئة وناجحة، ولكن الضربة القاضية لأي علاقة زوجية هي الخيانة؛ فالخيانة هي ذلك الداء الخبيث الذي يقتلع العلاقة الزوجية من جذورها ويلقي بها في مهب الريح ولا تستطيع مهما حاولت أن تغرس لها ثمارا من جديد ولذلك فالخيانة هي العامل الرئيسي والأول لحدوث الطلاق. إذا امتنع الزوج عن الإنفاق على زوجته فإن كان له مال ظاهر نفذ الحكم عليه بالنفقة في ماله فإن لم يكن له مال ظاهر ولم يقل إنه معسر أو موسر ولكن أصر على عدم الإنفاق طلق عليه القاضي في الحال وإن ادعى العجز فإن لم يثبته طلق عليه حالاً وأن أثبته أمهله مدة لا تزيد على شهر ، فإن لم ينفق طلق عليه بعد ذلك |