الاستجواب؛ وطني أم سياسي !؟


لا يمكن الحصول على إحصائية دقيقة، حول عدد سياسيي الصدفة، الذين خدمتهم الظروف، بعد تغيير النظام السياسي في العراق، وسقوط حزب البعث الصدامي، حتى بات الرقم عند بعض المتابعين يفوق كل التوقعات.
هذه هي نتيجة الديمقراطية، عندما يتم إقحامها في مجتمعً عاش عقود من الزمن، تحت وطأة الأنظمة الشمولية، التي تسير المواطنين بحد السيف، وحبال المشانق، حتى بات من يمتهن السياسة، لا يميز بين الصديق والعدو، والمقبول من عدمه، لذلك تجده يتنقل بين كتلة وأخرى،  ومن حزب الى حزب أخر، تتقاذفه المصالح الشخصية، وغياب الروح الوطنية.
المعروف عن نظام تعدد الأحزاب، أنه يمتاز بأنتشار التشرذم وعدم الاستقرار السياسي، بسبب كثرة الأحزاب العاملة في الساحة والتي تختلف في الأيديولوجيا، والمبادئ، والأهداف، التي تسعى لتحقيقها من خلال الحصول على أكثر عدد ممكن من المكاسب، وهو ما عانينا منه خلال السنوات الماضية.
هذه المقدمة ؛ عششت في ذهني،  بعد موضوع أقالة وزير الدفاع السيد خالد العبيدي، حتى بات نقطة تحول في علاقة القوى المتحالفة، وتمسك بعض منها بأحقيتها في محاسبة الفاسدين، الذين اتهمهم السيد الوزير، وبعضهم في أقالة الوزير الذي تجنى على السيد رئيس البرلمان وبعض النواب لأسباب ودوافع سياسية، حتى وصل القصور الفكري الى تناسي الظروف الامنية والقفز عليها في أغلب الأحيان.
جبهة الإصلاح تريد أن تكون قضية أقالة العبيدي رصاصتها الاولى للشروع نحو محاربة الفساد بقيادة المصلحة عالية نصيف،!! وبدعم مباشر من السيدة حنان الفتلاوي، والسيد هيثم الجبوري، الحزب الاسلامي كذلك يريد أن يحافظ على هيبة أمينة العام المستقبلي، لأننا نتميز بثنائية السلطة الحزب والرئاسة، في قبال ذلك؛ متحدون التي دعمت وزير الدفاع في مشروعه الهجومي بكل ما تملك من قوة، ويقف الى جانبها أتحاد القوى ممثلا بزعيمه صالح المطلك، وكل منهم لا يريد أن يكون سليم الجبوري منافسا جديدا لهم، خوفا من أن يتزعم الطائفة السنية في المستقبل القريب، وبين أهداف، ومصالح هذا الطرف وذاك، تدور الدوائر من دون الالتفات الى الاهتمامات الوطنية .
بروز ظاهرة استجواب الوزراء في الآونة الاخيرة، 
تثير كثير من التساؤلات؛ منها أن هناك من يراها صحوة وطنية ضد الفساد، وهذا الامر مستبعد لان اغلب النواب المستجوبين تحوم حولهم شبهات فساد، وكانوا جزءا من المنظومة السياسية التي حكمت لسنوات فائتة، وهناك من يرى انها تصفية حسابات، والدليل على ذلك هو أستجواب الوزراء الحالين من دون الالتفات الى من سبقهم من الوزراء الذين تسببوا بهدر مليارات الدولارات، ودون مراعاة الظروف الأمنية في قضية وزيري الدفاع والداخلية .
كل المؤشرات تدل على أن الوزارات سوف تدار بالوكالة، وأن هناك خلاف واضح بين طرفي دولة القانون( المالكي والعبادي) وهو من يتحكم بدفة هذه الاستجوابات، وقد تناغمت معه القوى السنية التي ذكرناها في بداية الحديث، مما تسبب بفوضى، وأرباك، غير مسبوقين في مجلس النواب العراقي، وصلت الى حد المبارزة بقناني المياة، بين نواب دولة القانون جناح السيد المالكي، وبين النواب الأكراد في عملية أستجواب السيد هوشيار زيباري .
عدم مأسسة التحالف الوطني هو السبب الرئيسي في التقاطعات، والتشنجات، الحاصلة في العملية السياسية، وعدم قدرة أطرافه على أختيار رئيس يقوده هو الفشل بعينه،  وخطورة المرحلة تتطلب أن يكون هناك تعاون، وتبادل للأدوار، وأعطاء الذين يملكون المقبولية دوراً، لكي يعملوا على أصلاح ما أفسده المفسدون  طيلة السنوات المنصرمة، أما اثارة هكذا قضايا فهي لاتخدم سوى داعش وجماعات المصالح السياسية الشخصية .