لا يمكن فهم السلوك السياسي أوطبيعة النظام السياسي لأية دولة قوية على الصعيد الدولي او الاقليمي سواء كانت تمتلك القوة الحقيقية ، او الكامنة ، او الاعتبارية ، ألا بفهم المجال الحيوي لتلك الدولة ، وحددت الدولة القوية كون الكؤوس غير المملوءة بالماء (القوة) لا تسيل او تندلق ، وتبقى الدول غير القوية ساكنة مهذبة تؤمن بسياسة عدم التدخل وعدم الانحياز ، بل وعندما تقتضي الضرورة تقايض سيادتها بوصاية او حماية ، ولكن متى ما امتلكت تلك الدولة عناصر قوة يظهر لها حق مغتصب هنا ومقدسات ضائعة هناك ..يذكرني ذلك بمقلب حصل لي كطالب في كلية الاركان العراقية حيث كانوا يعلمونا الاختصار والدقة فيكلفون خمسة طلبة بكتابة وعرض (سيمنار).عشرة دقائق بمعدل دقيقتين لكل طالب ، وكان السيمنار عن تركيا وحصتي منه اللغة والدين فيها ، ..لا ادري كيف تورطت وذكرت الاسكندرونة كأرض عربية مغتصبة ..بعد انتهاء السمينار بدأ المعلم الاقدم بالحديث سائلا أياي الاسئلة ألآتية..هل الدولة العراقية طالبت بالاسكندرونة؟؟ هل طالبت سوريا بالاسكندرونة ؟؟هل يحق لك انت المطالبة ؟؟ كنت اجيب بحرج شديد ، وللهروب من الرسميات والدول قلت بأنني انتمي الى منظمة جماهيرية تؤمن باستعادة الاراضي العربية المغتصبة (اقصد البعث) وعاد يسأل هل طالبت القيادات البعثية في سوريا والعراق بالاسكندرونة ؟؟ فاز علي بالضربة القاضية كونه يمتلك الحجة فسألت الطلبة بعد خروجه لماذا تصرف بهذا الحماس ضد موضوع الاسكندرونة ؟؟ اجابني احدهم (لأنه تركماني) ..
نظرية المجال الحيوي التي اتهم بها هتلر جزافا بينما هي نظرية ازلية ظهرت مع خلق الانسان ومعه غريزة ألأنا ، بل هي ظهرت منذ الحرب العالمية الاولى بين قابيل وهابيل حول مجالهما الحيوي الوحيد ( اختهما)...وترسخت بنشوء القبائل فكل قبيلة امتلكت عناصر قوة فائضة سالت قوتها على جيرانها من القبائل ، وبعد نشوء الدول ترسخ الامر نفسه ..النظرية وضعها ابن خلدون وليس هتلر ، وليس راتزل متأثرا بدارون وبعدهما سبنسر كما يدعي الغرب ،حيث ان ابن خلدون كان اول من وصف الدولة بالكائن البشري الذي ينمو واعطاها راتزل وسبنسر ابعادها عندما قالا ان حدود الدول اصبحت ليست حالة مادية بل استبدلت بمفهوم الحدود البيولوجية التي تعني ان الحدود متحركة وتعتمد على احتياجات الدولة فأن كبرت وتقوت وزادت احتياجاتها عبرت الحدود الى الدول الاخرى ، وبعدها جائت الحدود الشفافة والتي تتلخص بأن حدود الدول اصبحت ممتدة الى حيث تقف مصالحها أو الى حيث تمكنها قوتها ..ولعل الحجج جاهزة وهي ان المنطقة س هي جزء من الامن القومي الامريكي ، ونشر الديمقراطية ، والارساليات التبشيرية ، والحروب الصليبية والفتوحات الاسلامية ، ولعل احدثها تصدير الثورة الاسلامية . ونختتم الفكرة بقول ابن خلدون ((ان الغاية التي تجري اليها العصبية هي الملك )) والعصبية هنا يقصدها بكل ابعادها ..دولة ، عشيرة ، حزب،..آلخ ..ولكون الاديان والمذاهب عابرة لحدود الاوطان والقوميات كانت من اسهل الطرق وارخصها في عبور حدود الدول بل في الهيمنة على الدول كالفاتيكان الذي هيمن على اوروبا من خلال كنائسها الى ان قامت الملكة اليزابيث بأنهاء دوره يوم قالت كلا للفاتيكان نعم لبريطانيا فصارت بريطانيا بريطانيا وتبعتها دول اوروبا في رؤية النور وبناء الثورة الصناعية وتحقيق الحرية والرفاه والعيش الكريم لشعوبها..ولعل (اسرائيل الكبرى) ((لنسلك اعطي هذه الارض من نهر بابل الى النهر العظيم )) تعطي الدليل القاطع على توضيف الدين ضد حدود الاوطان ولولا ان الشرق الاوسط مجالا حيويا لامريكا وامريكا فقط (التي يتصورها البعض العوبة بيد اسرائيل ) لكانت اسرائيل الكبرى قد تحققت ولكانت تركيا الكبرى وايران الكبرى قد تحققت ايضا في ضل الضعف العربي ، ولعل من لم يدرس نظرية المجال الحيوي يحق له ان يقول ان امريكا احتلت العراق (لضمان امن اسرائيل ) او (لضمان استمرار تدفق النفط) تلك السلعة التي ندلل بها ونجد لها مشترين بشق الانفس وكأننا لو شئنا لبعناه الى قبائل الزولو او لطورنا به صناعاتنا المتطورة خصوصا بعد الثورة الصناعية الهائلة التي انطلقت يوم 9 نيسان ولن تتوقف حتى تبيع الوزارة ما تبقى من مصانعها وقيد نصف المبلغ ايرادا للخزينة والنصف الآخر في صندوق الاجيال القادمة (الجيوب الخاصة)في بدايات ظهور صور السيد الخامنئي في مدينة المدن استضافتني قناة ايرانية في دمشق وكان معي النائب عباس البياتي وشخص آخر من لندن وكانا يؤيدان رفع تلك الصور ، ولما وصلني الدور وكانوا يتوقعون الجعجعة مني قلت (( ان الاديان لا علاقة لها بحدود الدول فهناك عراقي يؤمن برمز ديني باكستاني او ايراني مسلم ولا ضير في ذلك على الاطلاق)) بانت علا مات الارتياح على الجميع فقلت ((ولكن هذا لا ينطبق على السيد الخامنئي لأنه ليس رمزا دينيا فقط بل هو القائد الاعلى للقوات المسلحة والحرس الثوري والباسيج والجندرمة )) ولما اعترضو على الامر ذكرت لهم المادة الدستورية التي تنص على ذلك قائلا ((ومع ذلك انا اوافق ان حصلت معاملة بالمثل ورفع الايرانيون صور القائد العام العراقي في ايران))بعد ان ناقشنا نظرية المجال الحيوي ودور الاديان والمذاهب في التغطية عليها وتحقيق غاياتها باسم الدين والمذهب ننتقل الى الدستور الايراني كي نتوصل الى هوية ايران ومشروعها المعلن ونحاول استشراف غير المعلن فيه قدر الامكان وبكل علمية ، ولعن الله كل متحيز لفئة او متحرف لقتال
وللحديث بقية