في اﻷمس القريب..في ظل أزمة الضمير،كان للخطاب الطائفي دوره المؤثر في المعادلة الانتخابية في العراق، فكل طائفة كانت ترى في الشخصية ذات الخطاب الطائفي،ضمانة لهيبتها متغاضية عن مدى الكفاءة والنزاهة في الادارة ! واليوم.. وبعد أن أشبعت أسماع المواطنين من هذا الخطاب ومن نفس الشخوص ، دون تغير واقعهم المتردي، فهل سيصوتون مرة أخرى لهؤلاء مع استمراهم بطائفية الخطاب؟ وما هو المعيار الشعبي الجديد للتصويت ؟ لا ريب أن ساسة الخطاب الطائفي لم يستعملوا هذه الوسيلة الفاسدة بشكل عفوي ودون قراءة للواقع بعد 2003 ، بل أنهم وجدوها فرصة ذهبية لتحقيق الزعامة السياسية لمكوناتهم وفق المنطق الميكاثيلي (الغاية تبرر الوسيلة) ! فشعب دخل الى عالم الديموقراطية في الحكم بعد مخاض عسير من الحروب والنزاعات الداخلية التي جسدت الطائفية بكل أشكالها بين مكوناته ، صار مهيئا بشكل كبير لاستقبال الخطاب الطائفي المفرق بين المكونات بل حتى بين أبناء المكونات أنفسها ! فأصبح الخطاب السياسي حادا جدا حاملا معه هموما مغلفة باﻷحقاد والثارات،وهم بذلك يمارسون دورا تمثيليا فوق ساحة النزال الانتخابية، فينشغل المواطن بصراعاتهم وأزماتهم التي تولد واحدتها الأخرى، وينسى همه الاساس وهو حقه في العيش الكريم!تكرر هذا المنهج لعدة دورات انتخابية على المستويين البرلماني والمحلي، وكانت النتيجة هي احتلال الارهاب لاراضينا وتفجيرات متكررة واستشراء الفساد في كل مفاصل الدولة، نتيجة انشغال الساسة الطائفيين في مناكفاتهم وأزماتهم المفتعلة بعيدا عن هموم المواطن! وبعد كل هذا نرى من خلال قراءتنا لقناعات ورؤى الشارع، أن المواطن قد أخذ العبرة وعرف حقيقة المشهد التمثيلي الذي كان قد أوقعه في الوهم بشكل ممنهج، ولذا فهو أما مصر على عدم المشاركة في الانتخابات المقبلة-وهذا هو الخطأ الذي سيعكر اﻷمور أكثر- أو يفكر في معيار جديد لتحديد الخيار الانتخابي.. وفي كلتا الحالتين نرى أن الخطاب الطائفي وخصوصا في الساحتين الشيعية والسنية، قد أصبح لايعني شيئا في ساحة المنافسة الانتخابية، فماهو المعيار الانتخابي الجديد اذا ؟؟ من بين عدة معايير أخرى،نرى أن معيارا مهما سيكون هو اﻷصوب واﻷنجح فيما لو اتبعه الناخب في تحديد خياره، وربما ستدفع نحوه المرجعية العليا في خطاباتها القادمة ، ألا وهو معيار النزاهة ومدى نظافة اﻷحزاب والتيارات السياسية من الفساد.. فلقد كشفت في المرحلة المنصرمة وربما ستكشف أكثر في المراحل المقبلة ،من الملفات المستورة التي أخفت بين طياتها تورط كبار السياسيين والقادة بملفات فساد يندى لها الجبين! فعلى الناخب أن يتفحص جيدا ليرى من هي الجهة التي تخلو من الفساد أو من هي الجهة اﻷقل فسادا ، ومن هي الجهة التي أثرت بمناصبها ولم تتشبث بها، احتراما للرأي العام والمصلحة العامة، ومن هي الجهة التي لم يكن خطابها السياسي طائفيا على الاطلاق باعتباره (الخطاب الطائفي) نوع ممنهج من أنواع الفساد. وبهذا نقلل من تواجد الفاسدين ونعزز من تواجد النزيهين في المراحل القادمة،خصوصا ونحن نمر بأزمة مالية وموازنات يشوبها العجز فكلما يكثر الفساد نتجه أكثر نحو مستقبل اقتصادي مجهول! اذا فإن الخطاب الطائفي ستكون نتائجه عكسية على السياسي الذي يعمل بمضمونه في الاستحقاقات القادمة، ونحن بانتظار النهج الجديد الذي نأمل أن يرسمه المواطن بنفسه لا أن يرسمه له الساسة النفعيون كما في السابق!.
|