حنان الرب

 

يسحرني سماحة الشيخ محمد متولي الشعراوي.. رحمه الله، بمنهجية أحاديثه، التي تحث على الهداية المؤمنة، التي تتخذ الاسلام منطلقا للايمان غير المؤطر بالاديان السماوية الثلاثة المنزلة.. الاسلام والمسيحية و اليهودية، ويتوسع للايمان بالايديولوجيات الوضعية، التي تنبثق من عقول حباها الله نور وعي استثنائي، يميزها عن البشر، ويبوئها موقع القدرة على ادرة شؤون الفكر الانساني بقيادة المجتمعات.

قال الشعراوي، في محاضرة شيقة، يفسر خلالها حديثا للرسول محمد (ص): اذا اسند الامر لغير اهله؛ فسدت الدولة؛ فانتظروا قيام الساعة، لتعيشوا حنان الله.

كم هي جميلة تلك السلسلة البهيجة، التي يبني من خلالها الشيخ الشعراوي، منهج وعي، يبدأ بالناسوت وينتهي باللاهوت، يختتم بنهاية رومانسية لأخطاء البشر في احضان الرب.. حلم جمالي.. مخملي الاثير، يحيل حديثا نبويا شريفا الى معنى تفسيريا راقيا، يأخذ المؤمن.. سواء أكان مسلما ام يهوديا ام مسيحيا، او من ديانة وضعية غير منزلة، بل حتى من فكر تواضعي نشأ بالاتفاق، الى انطقة لا تنذر بالخراب البلقع المدمر، انما خطأ تولية الحكم، لمن هم ليسوا اهله، يفضي بالدولة الى فساد، يقيم يوم الدينونة، الذي لا نخافه، قدر ما نشتاق له؛ كي نسعد مرفهين بالاستلقاء في احضان الرب.

"والامر يوم ائذ لله".

الاسلام المتفائل، الذي يتحدث عن حنان الرب واحضان الله، كنتيجة لاخطاء اجرائية آل فيها الامر الى غير اهله ففسدت الدولة وقامت الساعة، ولم يبقَ سوى حنان الله.. انها ابوة الله.. شفيع اخطائنا، يحنو على ضعفنا ويلبي رغباتنا، ما صح منها وما فسد.

تفاؤل يسمو على سوداوية اولئك الداعين للبكاء، مرة قبل الاكل ومرتين بعده، وقتل من يشرب ماء مبردا في ثلاجة لم تخترع ابان عهد الرسول والخلفاء الراشدين ويجبر البنات على الاعتذار عن جمالهن بدل المباهاة بنعمة الله.

ولان الله يمهل ولا يهمل، فهو لم يدع من ولى الدولة غير اهلها من دون حساب، اذ يقول الحديث النبوي الشريف، برواية متولي الشعراوي:

"لا يشم ريح الجنة من يولى رجلا وفي الناس خير منه".

اذن حسن اختيار الناخب للمرشح، مسؤولية ايمانية ووطنية واخلاقية، وهي نظير مدني لبيعة الخلافة، في الدولة الدينية.