داعـش أخـرجـوا مـن بـلاد الـعرب




إن العنف خليقة مرذولة، ولكني ما أحببت أبداً أن أتصف بها، فالعنف هو من مظاهر العدوان والحقد والكراهية، ولست أضيق بشيء في حياتي كما أضيق بالمعتدين على الأبرياء والفقراء والمساكين والغلابة في الأوطان، كأنني أوددت أن الأرض تصفر منهم هؤلاء الدواعش، وتخلو من أشباحهم، حتى تهدأ الحياة ويستريح الأحياء.
إن كل الأديان تتبرأ من كل هذه الأيدلوجيات العنصرية، وطموحاتها المبنية على الغطرسة والإعتداء والعنف، والتعالي المتعجرف على الآخرين، والممعن هنا في التاريخ يجد أن الأديان تعمل تحت عناوين الإصلاح والتحضر والتحرر.
لقد هاجت في الآونة الأخيرة جماعة تسمى (داعش) على القرى النائية في بعض البلاد العربية وأصبحت تتوسع وتتفرع بلا مركزية، ليس هناك شيء يجمعهم سوى الفكر التكفيري والتشابه في مناهج العمل، ولكن هم بالأقلية التي سوف تتلاشى ذيولهم منتهية لا محالة قريباً جداً.

... من المعروف أن (داعش) معظمهم تكونوا من ضباط مخابرات من جنسيات مختلفة، دربتهم أمريكا وبعض الدول الإسلامية والدول العربية على إتقان التطرف ووضعت بيدهم المال بمساعدة أمريكية، فإن غناهم المادي والبذخ هو سمة من سمات تصرفاتهم وممارساتهم الاستفزازية كإحتلال المقرات بالقرى، ومصادرة السلاح، والخطف عند الحواجز، وقطع الرؤوس والحرق، وإرهاب المواطنين الآمنين، وخطف الفتيات بالترغيب والترهيب، أنهم فعلاً صنيعة جماعات معادية للإسلام، وتمارس أعمالاً مجردة من كل الإنسانية ومن كل الأديان.. ناهيك عن الإسلام الذي تبرأ ويتبرئ من كل هذه الأفعال والتصرفات. فداعش لا هوية لهم إنهم كارهي الحياة لا هدف لهم إلا إشاعة الخراب والدمار في القرى ودفع الناس والمجتمعات والدول إلى حروب الكل ضد الكل اللانهائية، لا برنامج لهم إلا تجريد الناس من حب الحياة بنشر الفزع والخوف والإحباط وإلقاء قدراتهم الفردية والجماعية على رفض الهمجية والجهل والعنف التي يرفعون راياتها السوداء.
بلا شك إننا في حدادنا وأحزاننا على ضحايا الإجرام الإرهابي الداعشي في سيناء وفي ألمنا البالغ إزاء الوحشية التي قتل بها الطيار الأردني معاذ وقتل المسيحين في ليبيا وحرقهم، لقد ذبحتهم داعش أمام عدساتهم السادية المنشورة في مواقع مختلفة بين العراق وسوريا وليبيا في الصدمات المتتالية لتلقي أبناء التهجير الإجرامي لمسيحي المشرق العربي في بعض المدن والقرى التي دوما ما عمروها وتدمير دور عبادتهم في متابعة قوائم الشهداء والمصابين بين ليبيا واليمن وخرائط الدم وهي تتسع لتغطي مساحات شاسعة من بلاد العرب، لقد خرب داعش بعض القرى في البلاد العربية بعد ما عطلت مغانيها، ويبس دم القتلى في أرجائها، وشرد الأطفال والنساء والشيوخ، كما شرد الناجون من أبنائها بين المفجوع يطلب الثأر، أو مهزوم من أقلية يطلب المأوى، فإن داعش يستعمل أسلوب الهمجية المجنونة، ولكن فليعلموا أن بطشهم جبار، وإنهم يأكلون لحوم بعض البشر في ضراوة مفزعة، فإذا لم يكن لكم رب تتقونه، أما تخشون أن تدور عليكم الليالي فتدفعوا ثمن هذا كله؟
... فالوحشية الدموية التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية التي تعمل مع داعش وتحت رايتهم منتشرة أيضاً في بلاد العرب وتهديداتها المستمرة لحقوق وحريات الإنسان والمجتمعات وللدول الوطنية ومؤسساتها جميعاً ظواهر تستدعي الفعل الكامل والسريع للتحصين الداخلي والقضاء على هذه التنظيمات الإرهابية ولاحتواء الانفجارات الإقليمية، وأننا في مصر وبلاد العرب نستطيع كبح جماح داعش وكل الجماعات الإرهابية وأخواتها عبر ترشيد المواجهات الأمنية والحملات العسكرية التي تقودها أمريكا وحلفائها بالدفع إلى الواجهة بأولوية الحفاظ على تماسك الدول الوطنية ومؤسساتها وتجاوز الاستبداد والطائفية والمذهبية وعوامل الفقر والجهل التي ترتب معاً تنامي الإرهاب. فداعش يهاجم الأقاليم محدودة الكثافة السكانية، ويستوطن في العراق وسوريا واليمين وليبيا والجزائر وسيناء، اما في المناطق غير الآهلة بالسكان وإما تلك المأزومة حقوقياً وتنموياً ومجتمعياً إما بسبب طائفية مقتبسة للإرهاب متطرفة على نحو يجعل منها بيئات حاضنة للإرهاب والعنف، وندرك أن سيناء والمناطق على الحدود مع ليبيا على سبيل المثال تحتاج بجانب التوظيف الفعال للأدوات العسكرية والأمنية إلى تقوية وتنشيط التجمعات السكانية الحاضرة هناك والنظر في مطالبهم الحقوقية والتنموية العادلة بهدف (تعبئة طاقاتهم وجهودهم) لمواجهة هؤلاء الإرهابيين.
لقد أساءت داعش وقدمت صوراً إجرامية تحت إسم الإسلام وشعار التوحيد، فقد شوهوا صورة الإسلام، وقاموا بقطع الرؤوس، وذبحها وحرقها، فقد قاموا بعمل جرائم بكل ما تحمله الكلمة من معنى، أعمالاً وحشية مجردة من الإنسانية، ولا تمت إلى الإسلام بصلة، فالإسلام برئ من كل هذه التصرفات والأفعال، فهم يتعصبون لجهلهم، ويشوهون بأفعالهم صورة المسلمين وصورة الإسلام، ويجعلون العالم يظن أن أفعالهم عبارة عن الإسلام، والإسلام برئ، فالإسلام لم يحمل رسالة للتخريب أو الدمار وإهانة الإنسان، ولكنه جاء لخدمة الإنسانية والإصلاح والتعمير، ومن أجل تحقيق السلام العالمي والرحمة للبشرية.
إذا تظل مسئوليتنا الأخلاقية والوطنية في بلاد العرب وثيقة الارتباط بالتضامن في مواجهة هؤلاء الإرهابيين الدواعش وجرائمهم التي تسيل دماء من يضحون بحقهم في الحياة دفاعاً عنا، وتطهير الأرض من دنس ووحشية ودموية عصابات الإرهاب، وحماية لحقنا نحن في الحياة وحق المجتمع في الاستقرار وحق الدول في التماسك.
اللهم إنا نتبرأ من أفعال داعش وكل التنظيمات الإرهابية والجماعات التكفيرية، ومما أساؤوا إلى الإسلام والمسلمين، فيا من أسأتهم إلى الإسلام والمسلمين، راجعوا أعمالكم هذه كلها، وانتهوا عنها، وتوبوا إلى ربكم، وارجعوا إلى رشدكم وإلى دين الحق والرحمة وكفوا الأذى عن الناس، وإلاّ أخرجوا من بلاد العرب.