صراع في حلبة الإعلام

 

رصيد الإعلام ، بكل صنوفه ارتفع بشكل لافت عند السياسيين في المدة الاخيرة لاسيما في الاسبوعين الاخيرين ، حتى فاق رصيد الرياضة ومتابعة اخبار كأس العالم  .. وقد وصل الأمر بأحد السياسيين الى ان يظهر في يوم واحد على ثلاث فضائيات ، ومقابلة في صحيفة ولقاء اذاعي ! وشخصيا ، لاحظتُ ان اية مقابلة يجريها د. هيثم الجبوري عضو مجلس النواب ، يقابلها في اليوم ذاته لقاء مع السيد هوشيار زيباري وزير المالية ، على خلفية استجواب الاول للثاني في البرلمان .. وفي ثنايا اللقاءات الاعلامية بين الاثنين تكشفت العديد من قضايا  الفساد والتهم المتبادلة  التي احدثت قلقا مشوبا بالريبة عند المواطنين ..

 

الى ماذا يعزو المراقب ، حالة الصحوة تجاه الاعلام من قبل سياسيين ، كانوا سابقا يغلقون هواتفهم بوجه الاعلام ؟

 

اكيد ان ذلك تم بعد فهم دور الاعلام في المجتمع حيث يقوم الإعلام بدور جوهري بارز في تكوين الرأي العام من خلال أجهزته العديدة ووسائله المؤثرة التي  تعمل متضافرة ، وفي اتساق وتكامل على تكوين رأي عام في مختلف الموضوعات والظروف والأوضاع والمشاكل التي تطرح نفسها على الأذهان ، دون النظر الى الحديث الذي يكثر في الاستضافات عن ما يعتقده  الضيف  بأنه ايجابي والتقليل من شأن السلبيات التي يعرفها المتلقي .. وهذا التناقض بات واضحاً بشكل بارز ، بين اقوال هذا المسؤول او ذاك وبين المتابع ..!

 

 يبدو ان بعض المتبارين في حلبة الاعلام ، يؤمنون بانهم لو ارادوا   تغيير قناعات الجمهور ، فالأعلام  هو سلاح فوري في تحقيق المرامي … لكنهم على خطأ ، فالمشاهد والقارئ دائما اوعى ، لأنه يعيش الشارع وتناقضاته ، بعكس الذين يفترشون الكراسي الفارهة ويتنعمون بلذائذ الحياة الدنيا … ومتناسين ان الاعلام الصادق  هو من  يقول للمسؤول ما يريده الشعب، وليس أن يقول للشعب ما يريده المسؤول !!

 

 فهل ابتعدت اللقاءات التي ذكرتها عن الكلمات المشحونة والتي يمكن تذكي جوانب لا اخلاقية في المجتمع على غرار اذكاء الطائفية… لا اعتقد ، فقد كانت معظمها ( كسر عظم ) وسط حالة من السخط الشعبي على مصير وطن تتقاذفه امواج من الاحباط في مناحي الحياة بكل اوجهها ..

 

وصدق من قال إن الاعلام  اليوم يشكل دوراً كبيرا في تكوين الرأي العام لدى كثير من المتابعين ، ويعد مرجعاً لا يستهان به في معرفة آخر الأخبار وما يطرأ من المستجدات فهو جزء من مؤثرات البيئة ومكونات الشخصية ، وسلاح ذو حدين بحسب من يوضع في يده فإن تكفل به الأمناء سار على الدرب ، مستقيم ومحقق للآمال والطموح وإن تولاه العابثون اختل اتزانه وأصبح يترنح ذات اليمين وذات الشمال فتبدو الأمور مضطربة لا تخلو من الزيف والمبالغة..