عصام احميدان: لا مصلحة في إثارة الضجيج الطائفي والصراع السني الشيعي في المغرب، ولا وجود أو تبني علم خاص بشيعة المغرب الكبير |
تحدى السيد عصام احميدان، الباحث المغربي في الفكر الإسلامي الشيعي، جريدة "المساء" أن يأتي صحفيها الذي نشر أخيرا مقالا حول تبني الشيعة المغاربة لعلم جديد يتضمن نجمة خماسية تؤثثها أسماء الرسول الكريم وعلي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين، (أن يأتي) بحجة واحدة تفيد أن هناك عددا من الشيعة المغاربة تبنوا ذلك العلم. وأبدى احميدان، الذي يشتغل في المحاماة، استغرابه من اعتبار صحفي "المساء" رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والإمام علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، وحفيداه الحسن والحسين (عليهما السلام) رموزا دينية للشيعة المغاربة، كأن باقي المسلمين من المذاهب المختلفة ليسوا رموزا النسبة لهم"، وفق تعبير الباحث. وتساءل احميدان، في مقال توضيحي، عن الغاية من نشر مثل تلك الأخبار والمقالات في هذا الوقت تحديدا، مشددا على أن "هناك أكثر من جهة من مصلحتها إثارة الضجيج الطائفي والصراع السني الشيعي لفائدة جهات الكل يعملها، ولإثارة الفتنة بين المسلمين". وفي ما يلي نص مقال السيد عصام احميدان الحسني كما توصلنا بنسخة منه: جاء في عدد السبت 25 غشت 2012 بجريدة المساء المغربية، صورة كبيرة لأفراد لا ندري إن كانوا من الشيعة العجم، أم من الهندوس في بلد من البلدان، وفوق هذه الصورة كتب بالبند العريض صحفي يدعى عبد الرحيم ندير: "شيعة المغرب يخرجون إلى العلن بعلم خاص". وتضمن الخبر أن "مجموعة من المغاربة الشيعة الناشطين على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" كشفوا عن "علم مغربي جديد" يضم "رموزهم الدينية"، وتضمن العلم الجديد، الذي تبناه عدد من الشيعة المغاربة اسم الجلالة "الله"، يتوسط نجمة إلى جانب اسم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين". وإننا نتساءل إن كان قد صدر موقف ما من جهة ما اعتبرت تلك الصورة بمثابة "علم" يعبر عنها؟، وإني أتحدى هذا الصحفي أن يأتي بحجة واحدة تفيد أن هناك عددا من الشيعة المغاربة تبنوا هذه الصورة واعتبروها علما لهم بحسب ما ادعاه.. كما أني أستغرب من اعتبار رسول الله صلى الله عليه وآله والإمام علي بن أبي طالب وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء والحسن والحسين سبطي رسول الله وريحانتيه رموزا دينية للشيعة المغاربة.. وهو ما ينم عن ضعف كبير في الثقافة الدينية لدى هذا الصحفي، لأنه ببساطة اعتبر رسول الله رمزا دينيا للشيعة المغاربة، وكأن باقي المسلمين من المذاهب الأخرى لا تعتبره وآل بيته رموزا لهم! وتابع الصحفي كلامه قائلا: "ويأتي هذا التحرك السياسي اللافت للنظر من طرف الشيعة المغاربة في وقت يتزايد فيه المد الشيعي داخل البلاد خاصة في أوساط المهاجرين المغاربة الذين يقيمون بدولتي بلجيكا وهولندا اللتين تعدان من المعاقل الرئيسية لنشر المذهب الشيعي في أوروبا" .. ومن حقنا أن نتساءل كيف لصحفي يتحدث عن نشاط افتراضي على الفايسبوك أو الانترنت عموما، أن يعتبره تحركا سياسيا؟ ! علما أن التحرك السياسي هو بطبيعته ميداني واقعي لا افتراضي صرف، ويهدف إلى تحقيق أهداف سياسية لا مجرد التعبير عن وجهة نظر دينية أو مذهبية ما قد لا تتوافق مع هذا الفريق أو ذاك.. مما يعني أن الصحفي المحترم ليس فقط لديه ضعفا في الثقافة الدينية، بل أيضا على مستوى الوعي والثقافة السياسية وعدم قدرته على التمييز بين التعبير الديني والمذهبي وبين الحركية السياسية. ويستكمل الصحفي استدلاله على كون الشيعة المغاربة قد خرجوا فعلا إلى العلن بعد أن أعلنوا عن علم جمهوريتهم الوهمية، التي لا نجد لها موقعا إلا في مخيلة البعض، متجاهلين علم "الحركة الأمازيغية" الذي يرفع في كل مناسبة، وأيضا علم ما يسمى "جمهورية الريف"..فيقول الصحفي المحترم "كما يأتي هذا التطور بعد دعوات أطلقها رموز التيار الشيعي بالمغرب تطالب الدولة باحترام حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية على خلفية المتابعات التي تعرض لها مجموعة من معتنقي المذهب في المغرب.. وحقا إنه لربط عجيب بين دعوة بعض المثقفين الدولة إلى احترام دستورها الذي نص بما ليس فيه لبس على أن المملكة المغربية العضو النشيط في المنظمات الدولية يلتزم بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا، وأيضا الذي نص على سمو المعاهدات والاتفاقيات الدولية في مادة الحريات والحقوق على التشريع الوطني..كل ذلك اعتبره الصحفي بمثابة مقدمة لإعلان "الجمهورية الوهمية" و "العلم المغربي الجديد" لشيعة المغرب الذي تضمن "الرموز الدينية الخاصة بالشيعة: رسول الله وآل بيته الكرام " .. وأخيرا، نتساءل عن توقيت هذا المقال، والهدف المراد منه، فبحسب معرفتي بالخط التحريري لجريدة المساء وبرصانة مديرها الأخ عبد الله الدامون، فإني أستبعد أن تكون هناك خلفية ما وراء هذا الخبر، وأحمل المسؤولية للصحفي فقط، مذكرا أن صحفيا آخر من قبل سبق أن أنجز تقريرا لفائدة مجلة "أوال" المتوقفة عن الصدور وأيضا تقريرا آخر لذات الجريدة المحترمة "المساء" سبق أن سافر لبلجيكا ودخل مسجد الرضا ببروكسيل وطلب إجراء حوار مع إمام المسجد الشهيد الشيخ عبد الله الدهدوه، فاستجاب له أهل المسجد والقائمون عليه، فلما خرج وعاد للمغرب كتب "جريدة المساء تخترق مساجد وحسينيات الشيعة المغاربة ببروكسيل"، فلم تمض مدة طويلة إلا واخترق سلفي تكفيري المسجد وأحرقه وتسبب في استشهاد إمام المسجد.. مما يجعلنا نحمل المسؤولية لهذا الصحفي ولغيره ممن يصبون الزيت على النار، ويدعون أن بيدهم مفاتيح الجنان، وبأمرهم تأتمر النيران، فيوزعون صكوك الكفر والإيمان، مكفرين هذا ومفسقين ذاك، غير متورعين في دماء حرمها الله إلا بحقها، وعصمها بعصمة لا إله إلا الله محمد رسول الله. إن مسؤولية الإعلام كبيرة وكبيرة جدا، وإن الأمة الإسلامية تمر بمنعطفات تاريخية خطيرة، وهناك أكثر من جهة من مصلحتها إثارة الضجيج الطائفي والصراع السني الشيعي لفائدة جهات الكل يعملها، مما يجعلنا نثير أكثر من علامة استفهام حول كل من يتحرك في اتجاه "الفتنة" بين المسلمين، سواء ادعى أنه ينتمي لأهل السنة والجماعة أو ادعى أنه ينتمي لمدرسة أهل بيت رسول الله .. والجدير بالذكر فان السيد عصام احميدان الحسني يعد من ابرز الرموز الشيعية في المغرب الكبير، ومن اهم مفكريها، وله نتاجات فكرية كثيرة، ومشاركات في محافل فكرية ثقافية دولية، وقد درس المقدمات والسطوح في حوزة السيدة زينب بدمشق بعد ان تبنى فكره السيد محمد حسين فضل الله (قدس سره الشريف)، وهو يمارس مهنة المحاماة في المغرب اكبير |