مشروع مترو بغداد بين الحلم والوهم |
عام 1981 انطلقت فكرة مترو بغداد, أطلقها نظام صدام لتلميع صورته البائسة, بعد المجازر التي فعلها بحق الشعب العراقي, بالإضافة لإشعاله حرب عبثية لا تخدم الا الأعداء, وقامت شركة فرنسية بإكمال تصاميم المشروع, لكن لم يتحقق شيء, بل بقيت مجرد تصاميم على الرف, لان جهد نظام صدام كان متوجه للحرب, ونظام صدام ليس نظام مهتم بقضايا الوطن كما أثبتت سيرته,فالوطن والمواطن لا يبالي بهما حتى لو احترقا, فكان مجرد بالون أعلامي ليس الا!
مر أكثر من عقدين بعد ذلك ونسيت الفكرة, خصوصا أن البلد قد مر بفترة حصار اقتصادي دمر ما بقي من البلد.
عادت الفكرة للوجود وتحديدا في عام 2007, حيث صرح أمين العاصمة أن عام 2007 سيشهد انطلاق مشروع المترو, لكن تبخرت الأيام والأشهر ولم يتحقق شيء, مجرد كلام ومبالغ وتصريحات للعيساوي! وفي عام 2008 عاد أمين بغداد العيساوي ليعلن من جديد انه تم تخصيص واحد مليار دولار لمشروع المترو, لكن مع الأيام تبين أن كلام العيساوي مجرد وهم, لا صلة له بالواقع! حيث لم يتحقق شيء, وبقي الصمت طويلا, ليعود الكلام من جديد في عام 2013, حيث أعلنت أمانة بغداد أن شركة فرنسية اسمها سيستر قد باشرت بتطوير التصاميم القديمة لمشروع المترو, والتي ستنجز بنفس العام, وقد بلغت التكلفة التخمينية للمشروع 7,5 مليار دولار, أي بظرف خمس سنوات ارتفعت تكلفة المشروع من 1 مليار دولار الى 7,5 مليار دولار! فانظر لحجم التكاليف الجديدة, ولكن لم يتحقق شيء, مجرد كلام للضحك على الشعب البائس, وأموال تختفي!
وفي 28 أيار من العام الحالي, كشف مقرر مجلس محافظة بغداد, أن تكلفة التصاميم المشروع بلغت 40 مليون دولار! وقال أن هناك اتفاق مع شركة فرنسية لكن المشروع يحتاج لأموال ضخمة, لذا تنفيذ المشروع متروك ألان, فانظر معي الى حجم التلاعب الذي حصل في السنوات السابقة!
لنترك أيام صدام وقد ذكرناه فقط لتبيان تاريخ المشروع, ولنتكلم عن ما بعد 2003, ترى لما كل هذه المماطلة, ولماذا لا حساب لهذا الكذب؟ وما مصير التخصيصات المليار دولار ثم السبعة مليار دولار؟ وهل يعقل أن مجرد رسوم ومخططات المشروع تكلفتها أربعون ملايين دولار! ما هذا الرقم الغريب, أن الفساد يحيط بالمشروع ولا اعرف لماذا لحد ألان سكوت هيئة النزاهة أو ديوان الرقابة؟ بل حتى الإعلام العراقي لا يتابع ولا يهتم بالمبالغ التي ذهبت مع الريح.
ما جرى بشان مشروع المترو يمثل استهانة كبيرة بالإنسان العراقي, لأنه كذب ساذج يمارس عبر أعوام, من دون أن يكون هنالك اهتمام بأي ردة فعل جماهيرية متوقعة, حيث يكذب السادة المسئولون وتخصص الأموال, وتنتهي السنوات ولا شيء , فيعودوا للكذب من جديد ثم يضاعفوا رقم التخصيص بشكل فاضح, ولا احد يسأل أو يستفهم عن السبب, وتسير الأيام! لكن الغريب في الأمر أن لا تكون هنالك ردة فعل جماهيرية لهؤلاء اللصوص الكذابون, مما يدلل على حالة سلبية يعيشها المجتمع, تتمثل باللامبالاة بما يحصل.
هذا الأمر لو كان في بلد يحترم القيم والقوانين, لتم "إعدام" كل من كذب وسرق, لان الكذب هنا كان على الأمة العراقية, والسرقة كانت للخزينة العراقية, وهو نوع من الإرهاب الذي يمارسه السادة المسئولون, لطعن العراق من الخلف بخنجر مسموم, لكنه بلد ضائع فلا يحاسب اللص الكبير, بل يكرم ويجزل له بالعطاء, واليوم كل من شارك بكذب وسرقات الأمس يستلمون رواتب خرافية, ويعيشون في قصور كبيرة, ولا احد يلاحقهم عن الأموال التي سرقوها.
ننتظر صحوة جماهيرية وإعلامية, وفتح لملفات الأمس, كي نقتص من كل من سرق أحلامنا, عسى أن تكون الصحوة قريبة.
|