وان تعددت التعريفات والمفاهيم للأمن بشكل عام والأمن الاجتماعي كجزء أساسي منه، مفهوماً بأوجه متعددة، فإن الأخذ بالتعريف الذي قدمه عالم الاجتماع العراقي الاستاذ الدكتور إحسان محمد الحسن والذي أوجز الأمن الاجتماعي بسلامة الأفراد والجماعات من الأخطار الداخلية والخارجية التي قد تتحداهم، لأنه تعريف يفي بالغرض الذي أردناه سبيلا لمناقشة التفجير الحاصل في أحد مخازن الأسلحة في مدينة العبيدي شرق بغداد. هذا وان الأخطار التي يقصدها الاستاذ الحسن بطبيعة الحال ليست الآتية من القتال الذي يجري في سوح الحرب بين فريقين أو أكثر فقط، بل من نتائجها وأعمال القتل والتشريد والاختطاف والعزل والتجاوز على الممتلكات العامة والخاصة سرقة أو تخريباً، وعلى وفق هذا المفهوم يمكن أن تمتد قائمة الأمن الاجتماعي لتشمل الصراع بين الجماعات واستهداف بنية الدولة وغيرها. وما نريده اليوم موضوعاً للنقاش سنقتصره على التفجير المقصود في المنطقة المذكورة ضمن أسوار بغداد المعروفة. ونبدأ من القرار على وضع مخزن متفجرات فيه خطورة على أرواح الناس وممتلكاتهم بين البيوت والمعامل، ونسأل كيف يمكن اتخاذ مثل هكذا قرار فيه خرق للأمن الاجتماعي من جهات تدعي القتال الى جانب الدولة؟. الم يكن القرار خرقاً من جهة يفترض بها أن تكون حامية للأمن وليس طرفاً في خرقه؟. ان اختيار مخزن لمواد متفجرة أو حتى لأسلحة أو أعتدة وسط معامل وبيوت مسكونه لا يختلف عن الأخطار المتأتية عنه اثنان حتى أن أي شرارة من تماس كهربائي أو نار بسيطة لعود ثقاب أو بقايا عقب سيجارة يمكن أن تفجر ما في المخزن الذي لم تتوقف اثاره وأخطاره على مساحة التخزين فقط، بل وستمتد مئات الأمتار وربما عشرات الكيلومترات اذا ما حوى المخزن صواريخ ومقذوفات. كما ان وسائل الضبط والأمان الفنية في هذه المخازن وسبل حراستها وبالتأسيس على تكرار حصول التفجيرات أكثر من مرة تؤشر بدائيتها، الأمر الذي يعرضها الى التفجير حتى بارتفاع درجات حرارة الجو أحيانا، ويعرض أصحابها الى مواجهة جمهور يسأل كيف لها أن تلجأ وهي جهة تحسب نفسها على الجهد الوطني القتالي بالضد من الإرهاب في أن تنشأ مخازن لأعتدتها الخطيرة وسط السكان؟. ألم تكن الخسارة الناجمة بالأرواح والأموال والمنشآت خسارة مثلها مثل أنواع الخسائر الآتية من الآخرين المصنفين أعداء للدولة والمجتمع؟. هذا واذا ما كانت الجهات التي خزنت لم تحسب في قرارها التخزين داخل المناطق السكنية حساب الدولة وأجهزتها، ولم تأخذ موافقات أو لم تشعر الجهات الأمنية بوجودها بين المدنيين فإنها أضافت معايير خروق أخرى لما مذكور، وإذا ما فعلت فإن الجهات الحكومية بموافقتها أو بسكوتها تتحمل وزر الخرق الأمني، ولابد من محاسبتها من قبل الحكومة والمجتمع. واذا لم تكن تعلم فمن حق السائل أن يسأل لماذا لا تعلم وما هو دورها في ضبط الأمن اذا كانت لا تعلم، وكيف تدير أمورها بوجود خرق مثل هذا كبير وهي لا تعلم؟. واذا ما كان الأمر هكذا فكيف لها أن تعلم بنوايا وأساليب عدو تدار أحياناً بالهمس. ان وجود مخازن عتاد داخل المدن سواء في بغداد أو في مدن أخرى من العراق ومن جهات عدة تدمير للأمن الاجتماعي يمكن أن يجر البلاد والمجتمع الى سلسلة من الخروق وهي أوجه تدمير لا تنتهي عند هدم بيت أو زهق روح، بل وهدم أركان المجتمع وأعمدته، الأمر الذي يحتم أن تلتزم الجهات صاحبة الشأن بالابتعاد عن تخزين أعتدتها داخل المدن وان لم تمنعها الأجهزة الأمنية الضابطة التي باتت تخشاها في وضح النهار.
|