في العراق قتيل غالي وقتيل رخيص

 

نحن ضد قتل العراقي، مهما كان مذهبه، أو طائفته، أو من أي عرق يكون، ولكننا ضد التمييز الأنساني، من أي جهة أو مصدر يكون، لأن في ذلك تحدي لوجودنا، وكرامتنا، وامتهان لدماء شهداءنا، ونرفض قبوله أو المساومة عليه، وأذا أراد السياسي أو المسؤول التصرف فعليه أن لايتجاوز حقوقه الى حقوق الآخرين وأن لا يفرط بما يعود لهم ويتصرف وفق المثل القائل: (وهب الأمير ما لا يملك ) . فمنذ سنوات والشعب يتعرض لعملية تصفية عمياء، غايتها أضعاف معنوياته أولا، ووضع العصى في دولاب عمل الحكومة ثانيا، ومن ثم التوجه الى لغة التهريج، وأطلاق العنان للضجيج، بأتهامات مفبركة تلقي اللوم على طرف وتستثني أطراف أخرى . لو أراد أي صاحب ضمير أن يجري مسحا لضحايا الارهاب، الشهداء منهم، أو الأحياء ( الأرامل والأيتام والجياع )، فأنه سيكون امام أرقام مذهلة، والكل يعلم أن الارهاب لا يستطيع أن يتحرك من دون غطاء معنوي ، ومادي، وتكتيكي، ومن ثم أستراتيجي، وأن من يوفر مثل هذه الثوابت على الدوام لأستمرار حركة الارهاب، سيكون حتما جزءا من الصراع وعنصرا من عناصر المعادلة، وعليه تحمل العواقب المترتبة على ذلك، أما أن أعمل وفقا لمقولة ( ضربني وبكى وسبقني واشتكى )، فهذا لا يعني أن الآخرين مجردين من أنماط التفكير المقبولة لدرجة أن تنطلي عليهم الكلمات التمثيلية وأحابيل الاعلام الرخيص . أن ذوي الشهداء من رجال الشرطة والجيش يتساءلون عن مكانة تصنيف أعزائهم الذين سقطوا دفاعا عن وحدة الوطن؟؟؟ وهل أن مثل هذه التضحيات ستمر مرور الكرام ؟؟؟؟ ولماذا نسمع عويلا وبكاء من بعض المسؤولين على جانب مع أهمال قد يكون مطبق عن أبناء القوات المسلحة ؟؟؟؟ الذين لو أردنا أجراء مقارنة بين أعدادهم، وأعداد من قتل في أحداث الايام الماضية، لوجدنا أن من سقط من اعداد المدافعين عن الوطن يفوق كثيرا ما سواهم . أن من يسمع لغة الخطاب التي ينطق بها من وضعوا انفسهم بموضع المدافع عن حقوق جزء مهم من الشعب، لن يجد غير التحريض، والتحكم والوصاية غير المعلنة، على هذا الجزء الحيوي من الشعب، ولا ندري من أين حصلوا على هذا التفويض، خاصة ونحن في زمن يستطيع فيه القاصي والداني الظهور أمام وسائل الأعلام، والتحدث بما يشاء ولكن الانسان الحليم الحكيم يتجنب مثل هذا الفعل، أذا ما طلب منه ذلك، لأن المزايدات لن تجدي نفعا، كما أن مصلحة الوطن فوق الجميع، ولاتبررها التهم والتلفيقات السمجة التي نسمعها من هنا وهناك، وهي تثير الأسمئزاز، وتذكرنا بكلمات (شعوبي) و(صفوي) التي كان النظام السابق يستخدمها في تبريره لقتل ابناء الوسط، والجنوب، بلا رحمة، والتي كلما تذكرناها تلتهب في اعماقنا نيران الثأر لأبناءنا الذين فقدناهم لهذه الحجة، ولكن حرصنا على سلامة الوطن، تدفعنا لفتح صفحة جديدة على امل أن يغير الآخرون من لهجتهم العدائية، وأن لا يتصوروا في حرصنا جبنا أو محاباة أو عدم قدرة على الرد، وعليهم أن يتذكروا تلك السنين السوداء التي هددت مصير البلد، عندما فلتت الأمور وآلت الى الشباب المندفع، الذين فيهم من فقد أبا، أو أخا، أو قريب، ولن يترددوا عن العودة للساحة أذا ما أستمرت سياسة التأزيم، التي يحاول البعض تصعيدها، سواءا لاغراض ومنافع شخصية أو مستقبلية لشراء الذمم، على أمل أن يكون بطل المرحلة اللاحقة . ليس أنساني من يعجبه منظر الدم النازف من الأجساد الغضة ومن غيرها، ولكن عندما تصوب البنادق وتفتح النار، تقطع على المقاتل طرق التفكير بحلول أخرى، خاصه مع ما شاهدنا من صلف التحدي عند بعض الأشخاص، وهم يواجهون أعدادا ضخمة من قوات الجيش بالرغم من تعاملها معهم بسماحة وخلق، وعلينا مقارنتها بطريقة تعامل قوات النظام السابق الذي يتباكون عليه، عندما كان يركل بالأخذية، ويقطع الالسن، ويستهين بالشعب، أذا ما تجاسر أيا فيه ورفع صوت الأعتراض قليلا، على كل ما هو غير أخلاقي وقبيح وعنيف .