عدم الخروج عن القواعد الدستورية في التشريع الاجرائي |
اذا كان تعقد الحياة المعاصرة يستلزم العمل على محاولة اكتشاف مصالح الشعب وتنظيم هذه المصالح بناءا على أهميتها وصياغتها في مؤسسات ، أي تأسيس شعور لدى الشعب بالعدالة وخلق الشروط القانونية السياسية والاجتماعية لحماية سيادة المؤسسات في الدولة لأنه إن لم تحترم سيادة القانون ومبادئ العدالة فيكون الميل لاستبدال القانون بسلطة الفرد ، لذلك ينبغي وجود دستور يحمي حقوق المواطنين وتحقيق أهدافهم في الاطمئنان في حياتهم اليومية وتقدمهم ورقيهم لأن سيادة القانون تستمد من سيادة الدستور ، فهو الذي يضع الأسس التي يقوم عليها القانون في كل فروعه ؛ فيسمو عليها بحكم مكانته ، وتخضع لقواعده القانونية جميع القوانين والانظمة المعمول بها في الدولة .وبهذه العلاقة بين الدستور والقانون ، تتدرج القواعد القانونية من حيث المرتبة ؛ فيتخذ منها الدستور وضعه الأسمى . القانون الجنائي ينظم العلاقة بين الفرد والدولة، وهو يشمل بيان الجرائم والعقوبات المقررة لها والإجراءات الواجب إتباعها للتحقيق في الجرائم والحكم بالعقوبات وتنفيذها وتظهر العلاقة بين الفرعين في أن القانون الجنائي يعمل على حماية الدستور ونظام الحكم في الدولة، فهو يعاقب على محاولة المساس بنظام الحكم بالطرق الغير مشروعة وكذلك معاقبة التزوير في الانتخابات، والدساتير عادة ما تتضمن أهم المبادئ الجنائية كمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ومبدأ أن كل فرد يعتبر بريئاً في نظر القانون حتى تثبت إدانته. والدستور بحكم سمو قواعده التي تسمو على كافة القوانين في الدولة ,إنما هو القول الفصل بين إدارة الحاكم وإدارة المحكوم . وهذه العلاقة تتسم بالقوة والفعالية , فوجود قانون الإجراءات الجنائية وما يعترضه من تنظيم للقضاء وتحديد لأسلوب عمله ، هو وفاء بالتزام تفرضه على الدولة المبادئ الدستورية العامة بكفالة توزيع العدالة بين المواطنين ، واهتمام قانون الإجراءات الجنائية بكفالة حقوق الدفاع وحماية كرامة المتهم وحقوقه الأساسية هو وفاء بالتزام دستوري بصيانة الحريات العامة ونتيجة لذلك كانت خطة المشرع في قانون الإجراءات الجنائية مرتبطة بالقواعد الدستورية العامة . وقد كفل الدستور الكويتي للمواطنين الحقوق والحريات المعترف بها للمواطنين في دساتير البلاد الديمقراطية ، وقد تعرضت نصوص الدستور الكويتي إلى تلك الحقوق والحريات بإشارات مباشره وغير مباشره ، فديباجة الدستور تنص على إرساء دعائم ما جبلت عليه النفس العربية من إعتزاز بكرامة الفرد ، وهذا ما أكدته أيضا المادة (29)منه عند إشارتها إلى الكرامة الإنسانية وتساوي الناس فيها . والحريات التي كفلها الدستور الكويتي. المحكمة الدستورية الإيطالية في مقدمة المحاكم الدستورية التي ارتأت لنفسها الحق في رقابة التعديلات الدستورية ، كما ذهبت في حكمها الشهير في القضية رقم 1146 الصادر بتاريخ 29/12/1988 ، حيث أعلنت أن سلطة تعديل الدستور يتعين عليها أن تتقيد بالمبادئ الدستورية العليا التي تعلو وهي بصدد مباشرة اختصاصها وأن الدستور الإيطالي يتضمن مجموعة من المبادئ العليا لا يمكن تعديلها أو إلغاؤها بمثابة قيود مطلقة على سلطة تعديل الدستور... ثم أعلنت أنها مختصة بالفصل في مدى مطابقة التعديلات الدستورية للمبادئ العليا في النظام الدستوري(2). وفرنسا ايضا من الدول التي رفضت فيها جهة الرقابة الدستورية تناول التعديلات الدستورية أو إخضاعها لرقابتها بغير الإجراءات المنصوص عليها في المادة 89 منه والتي تحكم سلطة التعديل ، فقد قرر المجلس الدستوري عدم اختصاصه بنظر دستورية تعديل الدستور الذي يتم بواسطة الاستفتاء طبقاً للمادة 11 من الدستور. وقد أسس المجلس قراره على أن سلطته في الرقابة تقتصر على مشروعات القوانين التي يقرها البرلمان. 1) د. احسان حميد المفرجي و د. كطران زغير نعمة ، د. رعد ناجي ، النظرية العامة في القانون الدستوري والنظام الدستوري في العراق ، ، كلية القانون ـ جامعة بغداد ، 1990 ،ص 254 ، وانظر كذلك د. يحى الجمل ، القضاء الدستوري في مصر الفصل الاول المقدمات الضرورية لإمكان وجود رقابة على دستورية القوانين. [2] - - د. عبد الحفيظ الشيمي ، نحو رقابة التعديلات الدستورية ، دار النهضــــة العربية ، 2006 ، ص 165 وما بعدها، وكـــــذلك يراجع د. أحمد فتحي ســـــرور، منهج الاصـــــــــلاح الدستوري ، ص 87 وما بعدها ، ويراجع ايضاً د. عبد أحمد الغفلول ، فكرة النظام العام الدستوري وأثرها في تحديد نطاق الدعوى الدستورية ، ص 154 وما بعدها. |