رسالة الى الفقهاء .. التعرب بعد الهجرة.. بقلم/ د. حيدر محسن جارالله

 

 

العراق تايمز: كتب د. حيدر محسن جارالله

كثيرا ما نسمع هذا المصطلح من المتفقهين في الدين و لطالما حدثنا المحدثون عن كونه من الكبائر و انه فعل جلل .
عندما تبحث عن تعريفه في كتب الفقه تجد انهم يعرفوه على انه الإقامة في بلاد ينقص بها الدين و يضربون مثلا بلاد الغرب .
الغريب في هذا التعريف انه لا يطابق زماننا زمان القرية الواحدة و التي اصبح فيها الدين و التمسك به متاحا لمن يشاء في غالب البلدان( و لا أقول كلها ).


الحقيقة ان هذا التعريف خائن للمعنى الحقيقي لفكرة التعرب و لا يظهر المغزى من كونه كبيرة كما نصت المصادر الدينية .
فلنتمعن في هذه الآيات اولا 
الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ


قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

بنظرة بسيطة تجد ان الله يصف الاعراب بأنهم الاجدر بان لا يعلموا حدود الله و الآية الثانية انهم مسلمون بالاسم فقط و ليسوا مؤمنين.

 
على هذا فالتعرب معناه العودة الى اخلاق الاعراب في الجاهلية و ليس الهجرة الى بلاد الغرب و مغادرة دار الاسلام.


و الحال ان كل عودة الى سلوكيات الاعراب هو تعرب بعد هجرة .


و هذا الوضع هو ما يمارسه آلاف المواطنين في بلادي ...


أ ليست العودة الى مبدأ الفصول العشائرية التي لم يقرها الدين تعرباً ؟!!! 
أ ليس امتهان المرأة و إذلالها و اعتبارها كائنا من الدرجة الثانية تعرباً ؟؟
أ ليس احترام السلّاب و النهّاب و الحيّال و تقديس الفرهود تعرباً ؟؟؟
أ ليس التعدي على الممتلكات العامة و نبذ السلوك المدني الحضاري تعرباً ؟؟؟؟
أ ليس الالتزام بأعراف بالية و قيم عشائرية بائدة لا سند من الأخلاق لها ....تعرباً ؟؟؟؟
أ ليس مثل ( انا و اخوي على ابن عمي و انا و ابن عمي على الغريب ) تعرباً ؟؟؟؟
أ ليس مجتمعنا باكمله بنكوصه الى العشائرية و البداوة مجتمعا أعرابيا بامتياز ؟؟؟؟
والله اني لاحلف صادقا ان بقاءنا في هذا المجتمع المتهاوي و سكوتنا على انجراره نحو البداوة لهو التعرب بعينه .

و هذه والله كبرى الكبائر...

فالتفتوا أيها الفقهاء و أصلحوا بوصلاتكم المصنوعة من كتب التراث .