بين الكرادة والعيد حكاية وحداد

 

   الكرادة مدينة في قلب العاصمة بغداد من جانب الرصافة، بمساحة تقدر بسبعة عشر كيلومتر مربع، وبتعداد جاوز المائتين وخمسون إلف نسمة، تمتاز بكثرة الأسواق والحركة التجارية، ملتقى لجميع أهل بغداد والعراق بدون استثناء، سمتها التعايش السلمي، حيث تجد المسيحي مع المسلم، ومرقد السيد ادريس الذي يتوسط الكرادة، والمساجد والكنائس ما هي إلا نتاج لوحدة العراقيين.

 تلك الاسباب جعلت الكرادة عرظة للاستهداف، فلماذا الكرادة؟ هي من تستهدف قبل العيد، لم تكن الكرادة المنطقة الوحيدة التي استهدفت، لكن استهدافها المتكرر في هذا العام وقبل الاعياد تحديدا، جاء لعدت اسباب لعل ابرزها؛ يعود الى الزخم قبل هذه الفترة، فاتجاه الناس نحو الاسواق تحديدا في هذه المنطقة، وتهاون او خرق الجهاز الامني فيها، جعلها عرضت للاعتدائات.

   هذه المدينة الصغيره بالآم كبيرة، خلال أربعة أشهر ضربت مرتين من الإرهاب، أولها الفاجعة الأليمة في العشر الأواخر من رمضان، وأخرها في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، الاستهدافين جاءا قبل العيدين، فهل كتب الحزن عليها في الاعياد؟ والعجيب ان الأجهزة الأمنية لم تتعظ من الاستهداف الاول، فجاء الاخر بنفس المعطيات خرق امني كما يزعم ذهب ضحية الأبرياء، لم تجد القوى الامنية المسؤولة عن أمن بغداد الحل، في الفاجعة الأولى لم نعرف من المسؤول عن الامن في بغداد، فالكل ألقى المسؤولية على الأخر، ولم يقفوا على الخلل.

   الكل تهرب من مسؤولية، فأتهم البعض وزارة الداخلية، التي بينت انها غير مسؤولة عن امن بغداد بل المسؤول عنه هي عمليات بغداد، والاخرى تهربت ايضا، وكان للمهاترات السياسية دورا كبيرا ايضا، فأخذت الكتل السياسة تتهم بعضها البعض، وكان اتهام وزير الداخلية من قبل البعض مبنى على العداء، بعد عاصفة التهم تلك، ذهب البعض كي يرقص على الجراحات، جاءوا مصطحبين مواكبهم الجرارة كأنهم اتو محررين، وبين المدعين انهم اولياء الدم، لكن بعد مدة كبيره ثبت اليوم انهم يتلاعبون بمشاعر الناس لا غير.

   وعدت لجنة الامن في البرلمان بأن تحقق في القضية، كما هو الحال في اغلب القضايا امثال جريمة سبايكر وغيرها، لكن كعادة التحقيقات لم تنتج شيء أبدا، لم ينسى اغلب الشعب الفاجعة الاولى حتى أردفت قوى الظلام بأخرى لكن اقل شدة منها، فأين الخطط الامنية التي زعمت بعد التفجير الاول انها تحرزت للقادم، بنصبها اجهزة كشف المتفجرات المتطورة (الراب سكان)، فهل الأجهزة المتطورة لم تعمل ايضا ام ان عملها عطل؟

     وبعد الحادث الثاني لم تكن هناك استعراضات او خطب رنانه، فأين من استعرضوا في الحادث الاول اليوم؟ لماذا لم يبينوا موقفهم من هذا الاعتداء ايضا؟ ام لم يكن له رأي عام قوي لكي يستغله له، هذا يجعلنا نشك في صدق نواياهم وتعاطيهم مع الاحداث، وايضا لم تتبادل الكتل التهم فيه، وعرفنا المسؤول عن أمن بغداد مباشرتا، لم تتهم وزارة الداخلية به مطلقا، ا لأن الوزير تم تغيره؟

    كشف لنا الانفجار الاخير في الكرادة، كثير من الامور التي كانت مبهمة للبعض في التفجير الاول، فقد بين لنا ولله الحمد؛ إن عمليات بغداد هي من يقع على عاتقها امن بغداد، وايضا كشف لنا زيف البعض ممن حاول ان يرقص على جراحات من فقدوا فلذات اكبادهم، ولم يغفل عن تبيان امر وزارة الداخلية التي اتهمت في تلك الحادثة بتهاونها، بأن من كال التهم للداخلية ووزيرها استند على إحقاد بدرية أحدية بينهم، فهل نفرح لكشف ذلك لنا، ام نحزن على ضحايا ذلك الحادث.

   النتيجة امثال هذه المدينة كثر في بلدي، الكرادة أنموذجا، فأي حدث جلل بها محزن للشعب مفرح للإعداد فرصة للمستعرضين، وما أصعبها تستعرض وتبرز قوتك بالصراخ والهتاف وكيل التهم، على حساب دماء الشهداء وأنين الامهات الثكلى وصرخات الايتام المبكية، فعلى الكل نسيان هذا وعدم العب بمشاعر المواطنين، واستغلالها لمأرب ذاتية بعدية كل البعد عن خدمة البلد وتستهزئ بالدم الطاهر للشهداء.