اعمدة الأستقرار , الدول الأربع

 

اصبحت هذه المنطقة الأكثر التهابآ و اضطرابآ عن مختلف دول العالم و لم تعرف الهدؤ و الأستقرار منذ حروب ( صدام حسين )  دون المرور على الحروب العربية – الأسرائيلية العديدة و ان كانت عامل توتر و عدم استقرار لكنها لم تكن بتلك البشاعة و الدمار التي احدثتها حروب ( صدام ) الكثيرة والتي كان ختامها احتلال العراق و اسقاط النظام الصدامي و ما نتج عن هذا الأحتلال من تداعيات و مخاطر منها التدخل الأيراني – السوري على خط المواجهة مع الأمريكان في العراق حيث دارت رحى حرب طاحنة بين امريكا و حلفائها من جهة و ايران و سوريا و حلفائهم من جهة اخرى و ما الحقت تلك الحرب من الخسائر في صفوف القوات الأمريكية على الرغم من انها لم تكن بتلك الفداحة الا انها سببت قلقآ للأمريكان و ان كان معنويآ اكثر منه ماديآ اذ اعتبر اهانة و ثلم للشرف العسكري الأمريكي و يبدو ان الأمريكان لم يقبلوا بهذا الوضع ان يستمر طويلآ و جاء طلب الحكومة العراقية للقوات الأمريكية للأنسحاب بمثابة الحجة لترك العراق و الأنسحاب منه بذريعة طلب الحكومة العراقية ذلك و هنا تفرغت امريكا لتصفية الحساب مع كل من ايران و سوريا , فكان الحصار المطبق على ايران بحجة برنامجها النووي و ما ادى اليه ذلك الحصار من خسائر كبيرة و جمة للأقتصاد الأيراني على الرغم من ادعاء الحكومة الأيرانية غير ذلك الا ان هذه الأدعاآت لم تغير من الوضع المتردي شيئآ و استمرت الأزمة الأقتصادية الخانقة في الأستفحال , اما بالنسبة الى سوريا فأن الدعم الأمريكي للمعارضة السورية كان علنيآ و بدون اي مواربة او تخفي و كان على النظام السوري ان يدفع الثمن غاليآ من جراء تدخله السافر في العراق و امداده بالأرهابيين لمحاربة القوات الحليفة و هو نفس الدور الذي تقوم به ( تركيا ) الآن في ادخال العناصر الأرهابية لمقاتلة ( النظام السوري ) اي ان نظام ( بشار الأسد ) شرب من نفس الكأس المر الذي سقاه في يوم لغيره , و بعد هذه السنين الطويلة من حصار ايران و الحرب في سوريا اصبح الأثنان في اضعف حالاتهما الأقتصادية و العسكرية لكن وجودهما ضروري لأستقرار المنطقة بشرط خلع انيابهم و قلع اظافرهم و هذا ما حدث .
ان تدخل ( تركيا ) في المنطقة كان ايجابيآ بنظر البعض و له مبرراته و سلبيآ بنظر البعض الآخر و له حججه ايضآ الا انها اصبحت لاعبآ رئيسيآ يحسب له الف حساب في الترتيب القادم المزمع لأعداد خارطة جغرافية جديدة في المنطقة , و غير بعيد عن ذلك ( مصر ) التي ادارت وجهتها شرقآ و لما لمصر من ثقل بشري و حضاري و معنوي فأن الوضع الملتهب في اقطار المشرق العربي يحتاج اليها كدولة اقليمية ذات أهمية كبيرة في تهدئة الأوضاع و ضبط الأمور في المنطقة و هي تملك اكبر مرجعية فقهية في العالم الأسلامي الا و هو ( الجامع الأزهر ) و ما يمثله من حضور ثقافي ديني و روحي بالنسبة للملايين من المسلمين السنة فأن لهذه الدولة ( مصر ) دور مهم قادم لا يستهان به .
و كذلك كان ( العراق ) فهو البلد الذي يتوسط المنطقة جغرافيآ و به من الأرث الحضاري الشيئ الكثير مما يجعله في موقع مؤثر و هام على الدوام و على الرغم من مراحل الضعف التي يمر بها من حينآ لآخر الا انها لم تخرجه من دائرة الدول التي لا يمكن اغفال دورها او التغاضي عنه و ان مرجعية المسلمين الشيعة في العالم تقع في هذا البلد مما يمنحه قوة كبيرة في اخذ مكانة مهمة و مرموقة في ترتيب دول المنطقة و بالتالي فأن العراق و كما هو على الدوام عامل هدؤ و استقرار و كذلك العكس يكون عامل فوضى و حروب و صراعات وهكذا كان دائمآ لذلك فأن وجوده كدولة مؤثرة ضروري في هذه المرحلة و كذلك ( ايران ) على الرغم من العداء الغربي لها و الحصار الأقتصادي ب( حجة ) البرنامج النووي الا ان وجود المنظمات الأرهابية و كثرتها و الخطر الكبير الذي تشكله هذه التنظيمات على باقي دول العالم و بالخصوص الأوربية منها و بما ان ( ايران ) ذات اغلبية ( شيعية ) المذهب فهي بالضرورة سوف تقاتل تلك الحركات الأرهابية ( السنية ) المذهب و هذا ما يجعلها حائط الصد الأول للدفاع عن العالم الغربي رغبت بذلك ام لم ترغب .
اما بالنسبة للدور ( السعودي ) فيبدو ان نجمه آخذ بالأفول فلم تكن السعودية تشكل بالنسبة الى العالم سوى انبوب النفط الذي يحرك المكائن و الآلآت و يمدها بالطاقة و بما ان اسعار النفط العالمية في انخفاض مستمر و بشكل حاد ( كان ذلك حقيقيآ ام مصطنع ) فأن العصر السعودي و معه الخليجي على العموم يسير نحو الهاوية و النهاية قادمة لا محالة طال الوقت ام قصر , فأذا ما جفت ينابيع النفط او نضبت او كان هناك بديل فعلي للطاقة غير النفط و هذا ما تسعى اليه كل دول العالم و تبذل الكثير من اجل بلوغه عندها سوف يهيم سكان السعودية من جديد في الصحراء بحثآ عن الماء و الكلأ .
في غمرة الصراعات و الحروب تهمش دور البلدان المؤثرة و تظهر على الساحة دول تأخذ مكانة تلك البلدان و هذا ما يكون مؤقتآ و قد حدث فعلآ فكانت ( السعودية ) التي لا تملك شيئآ الا المال ( النفطي ) قياسآ الى بقية البلدلن في المنطقة و كذلك الأمر الى سوريا و التي وجدت نفسها بقيادة شخصية فذة ( حافظ الأسد ) الذي استطاع بدهائه و حنكته و خلو الساحة من البلد القوي ( العراق ) المنشغل بالحرب مع ( ايران ) و فيما بعد مع العالم اجمع من ان يجعل لسوريا مكانة اكبر ما لهذا البلد ان يكونه و لهذا ما ان مات حتى تراجعت و تفتت تلك الدولة و كانت الأهواء و اللاعقلانية تتحكم بالقيادة الجديدة و التي اوصلت البلاد الى الحرب الأهلية الطاحنة .
ان حلف ( بغداد ) القديم و الذي كان بقيادة السياسي العراقي ( نوري السعيد ) قد يعود للحياة من جديد و لكن هذه المرة على شكل ائتلاف دولي رباعي اثنان منهما عربيان ( العراق و مصر ) و الآخران غي عربيين ( ايران و تركيا ) و كذلك يكون هذا من دولتين سنيتين كبيرتين في المنطقة ( مصر و تركيا ) مما يبعث برسالة اطمئنان للمواطنين ( السنة) في المنطقة انهم في حماية و امن و امان من المخاطر التي قد تحدق بهم من حين لآخر و كذلك الأمر نفسه بالنسبة الى المواطنين ( الشيعة ) القاطنين ضمن هذا الأقليم سوف يكونون هم ايضآ غير معرضين لأي من الأخطار او التهديد لأن هناك دولتان قويتان ( العراق و ايران ) جاهزتان للدفاع عنهم و عن مقدساتهم و اماكن عبادتهم .
ان القادم من الأيام سوف يكون اعادة رسم الخرائط الجغرافية من جديد و سوف تغيب دول و تظهر أخرى لكن هذه الدول الأربع القوية سوف تكون اعمدة الأستقرار و صمام الأمن و الأمان للقوميات و الأديان و الطوائف التي تتخذ من هذه المنطقة موطنآ لها