دعائية المواقف.. تفتقد أحزاب السلطة إلى المواقف النابعة من دراسة معمّقة تستشرف من خلالها المستقبل والفرز بين ما يصلح وما لا يصلح, وتأتي مواقف تلك الأحزاب كردات فعل حين يكون الأمر مثيراً للمشاعر الوطنية والمذهبية والقومية. ولعل مثال حزب الدعوة أوضح صورة عن مراس الأحزاب السلطوية الفاقدة لأي رؤية أو مشروع. ومن التحوّلات التي تثير الشجون حول طريقة إدارة الدولة, يمكن إستحضار بعض تلك المواقف كأمثلة للإستدلال على أسباب الدمار الذي حلّ بالبلد تدريجياً, ومع إنّ عوامل الأزمات متعددة لا يمكن تعليقها على طرف أو عامل واحد؛ إلا أنّ عنصر الدولة الأهم, الحكومة, قادر على إزالة العلل والآثار التي تترتب عليها, إن رغبت وعملت بمنهج عصري سليم. لقد سار حزب الدعوة بقيادة المالكي على المسار الذي رسمه حزب البعث بخصوص الديماغوجيا تجاه قضايا مهمة منها (إيران, سوريا, شكل النظام....) وهذه المسيرة تمثّل إنعكاساً لموافقة الدعوة على منهجية البعث, وفقدان أي هدف سوى ديمومة السلطة!..في عام 2009 إتهم المالكي حلفاءه الشيعة بـ (العمالة) لإيران, وخصّ "منظمة بدر" بأتهامات خطيرة أمام مؤتمر عشائري إنتخابي. فيما قدّم دعوى قضائية إلى محكمة العدل الدولية ضد النظام السوري. وكان يروّج الحزب وماكنته الإعلامية على إنّ الفدرالية, ما هي إلا تقسيم للعراق وهم من يقف ضدها!..تلك الأمثلة البسيطة للمواقف تبدّلت بعد عام أو أكثر فقط, وأصبح الحزب متبنياً لمواقف مغايرة تماماً. وليس للمصلحة الوطنية أدنى ترتيب في ذلك التحوّل؛ إنما هي عملية تغيير لوسائل الدعوة التي يحافظ بها على السلطة!..
|