لا يمكن اعلاء شان دولة العراق او اي دولة تؤمن بشعبها وديمومتها الا من خلال اعلاء شأن المواطنة واحترام ارادته وتوفير الامن والامان له والحياة الرغيدة ،وربما يتفق البعض مع هذا الراي لكنه يختلف معها في السياسات العامة المطلوب الاتيان بها في المرحلة القادمة ، ولابد من تحديد مفاهيم قانونية وتطبيقية في الدولة تتعامل مع المواطن العراقي بمفهوم الخدمة العامة وتحديد اليات للحد من الفساد حسب شرائع الدولة مثل الدستور الذي لم يحدد اليات حوكمة السياسيات العامة للدولة ولم يعطي الدور الحقيقي لمنظمات المجتمع المدني والصحافة ، بل ان سياسات بعض الكتل في التعامل مع مشاكلها بنقل الإرهاب الى شوارع بغداد ، او توظيف التظاهرات لصالح تسقيط الاخر ، وهكذا فعلت في اعلامها الحركي الكتلوي او الحزبي الذي طغى على الاعلام الوطني ، ليس فيه أكثر من الشعارات براقة خلابة، حلوة جذابة، منمقة مزخرفة، مدغدغة للعواطف ومثيرة للمشاعر ،يجبرون على تجرعها في كل الأزمان، يمتصون غليانه، ويهدؤون انفعاله، ، وينسونه لحينٍ همومه وأحزانه ومشاغله وما يقلقه. وهكذا يعيش الشعب في دوامة لا يعرف مداها .
من هذا المنطلق والرؤية التي انتجتها الفترة الماضية في ذهن القريب والبعيد ليحكم من خلاله على مستقبل العراق ويتم طرح الاراء وفق هذا المذهب او ذاك و لايمكن لنا اليوم ان نتخيل ما يمكن ان يحدث للعراق حتى في المستقبل القريب جدا، وحتى التصورات والافكار للعراق لما بعد تحرير الموصل ، والتي يعتقد البعض عن انها سوف تحدث عمليات انتقامية والاضطراب الامنية والقتل على الهوية والكثير من التصورات وكل ينظر اليه بمنظاره الخاص ، لابل ذهب البعض من ان يقول ان العراق ماض الى التقسيم ، والبعض الاخر يعتقد ان ثمة فرصة للاصلاح والثورة في البناء ، كل هذه تصورات ربما امنيات يطلقها المحللون حسب تحليلات تستند الى حرصهم او اهوائهم وربما ايضا لترويج افكار من يدفع لهم ، ومن هنا يدفع الاكراد في كردستان العراق مثلا ان ينادون بدولة منذ زمن ليس بقريب ، ولكنهم لم يفعلوا ولم يقرروا الى الان، انما هي خطوات لاغراض الحصول على اعلى ما يمكن من المكاسب في ظل الظروف الحالية قد تكون مشروعة لضمان المستقبل بسبب السياسات السابقة للحكومات وعدم وجود عوامل الثقة بين المركز والاقليم ، والقسم الاخر من اخوتنا السنة يطلقون دعوات الاقلمة بين حين واخر ولكنهم لم ولن يكونوا جادين ابدا ، ذلك بسبب حياتهم الاجتماعية وتاريخهم الاجتماعي والسياسي الذي لم يكن محصورا بمحافظة دون اخرى ، انما هم متواجدون في الرمادي مثلما هم في البصرة ولايبتعدون عن المنطقة الشمالية في شيئ، هل هذا يعني ان لايكون ذلك ؟ الاحتمالات قائمة مثل احتمال عدم حصولها ايضا ، فالمستقبل في حقيقته يجب ان نصنعه نحن بقوتنا ، ونحن في العراق لانعرف بالضبط ما خبئ القادم ، هل سيتجزء البلد كما يتصور البعض ويريده لاسامح الله ام نقف بكل صلابة في وجه تلك المقولة حين البدأ بالتنفيذ ؟ ، ومن الذي سيقوم بها وكيف ؟، وهناك الكثير يغرد خارج السرب، ويعيش على الهامش وخارج ايقاع الزمن والحضارة، بل يتجه البعض في احيان اخرى عكس الاتجاه ، ونحن قد نحاول تقسيم انفسنا الى طوائف ومذاهب وعشائر ، لاننا مازلنا نخفي في دواخلنا خلافاتنا الحقودة حول عقد تاريخية ، لنصبح ضحية بيد من يطمع للسيطرة علينا بشعاراتهم ، وقد يستخدم الثقافة لتغييرألاذهان ، وهي حرب لاتحتاج إلى عتاد حربي من مدافع وطائرات وقنابل القصف ورشاشات ، هي حرب اشد نعومة واشد فتكاَ ودماراَ ، حرب على المقدسات والعادات والتقاليد واللغة والتراث ، على حساب تنمية شعبنا وتحقيق رفاهيته وسعادته وعلى حساب موتنا وبؤسنا اليومي..ولازال الفساد يخلق جحيماً وخوفاً من المستقبل لعدم وجود شيء حسن يألفه ؟ حتى لو كان هناك ذلك الشيء الحسن لكن من باب المبالغة والتهويل فقط ، و اللامعقول الذي يدفع بالعراقيين إلى تبني مفاهيم تشذ بالحياة عن سويتها، و هناك من يعتقد بوجود مؤشرا على غلبة ثقافة الانحطاط التي تشهد أشد حالات القوقعة والشرذمة ورفض الآخر شأنها شان كل الأمم في ضعفها وانكساراتها والجهل والانهيار على قيم العدالة والتنوير والتقدم والرقي . ولكن كلها حتما ستنتهي عما قريب بعد حقبة داعش وتكشف النوايا وتتوضح الامور ولايحجبها الغربال . لبطولات القوات المسلحة العراقية بصنوفها المختلفة وتضحيات الحشد الشعبي و لأن قرارا دولياً قد صدر بذلك بعد أن صار مؤكدا أن مناطق كاملة في دول المنطقة قد محيت ولن تعود إلى سابق عهدها بسهولة تحت ظل الفساد والمناكفات والمزايدات ولم تجني شئ من مصالحها . و لسنا متشائمين من شيم الشرفاء فهناك الكثير منهم في الساحة السياسية .يمكن الاعتماد عليهم لابعاد الشر عن الوطن.
كلنا امل ان يتغلب الانسان في ارض الرافدين على الازمات بصبره المعهود ويستطيع ان يتغلب على التي تحدث لاحقا .. هذا الشعب الذي لم يستطع الاستعمار سابقاً والطائفيون لاحقاً تفرقة ابناءه مذهبياً او قومياً او دينياً .. هو ذلك الشعب واحفاد نفس رجال الذين خاضوا المعارك وخرجوا منها منتصرين ويغلقون الباب امام المتصيدين في الماء العكر كم هي قوة هذا الشعب الذي يشهد التاريخ بعراقة وشكيمته . والذين اجمعوا ان قوتهم في وحدتهم لا تفرقهم الاهوال ولا طبال الطبالين الجوفاء صغارهم وكبارهم فلا مسلم سني ولا شيعي ولا مسيحي ولا صابئي دينياً ولا عربي او كوردي او تركماني قومياً دون الاخر ومن البديهي أن تحرص كل جماعة دينية أو مذهبية أو قومية على تنمية إدراك الاختلاف والتمايز لدى أعضائها من التنشئة الأولى وسيلة لحفظ كيانها الجمعي وتراثها الثقافي ومصالحها. هذه المبادئ التي تضمنها الدستور تشكل في حال العمل بمقتضاها، أساساً مكيناً لحل المشاكل بما يعزز الوحدة الوطنية، وحدة المجتمع والدولة بما هي وحدة التعدد والتنوع والاختلاف والتعارض. لذلك فإن المقدمة الأولى لإحقاق حقوق الإنسان وحقوق الأقليات هي تحويل بنية الدولة التسلطية القائمة إلى دولة دستورية، دولة حق وقانون، لجميع مواطنيها بلا استثناء ولا تمييز على أي أساس كان ، تقول المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: "لكل إنسان حق التمتع بكل الحقوق والحريات دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي، أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني والاجتماعي أو الثروة أو الميلاد، أو أي وضع آخر دون تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلاً عما تقدم، فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو للبقعة التي ينتمي إليها الفرد، سواء كان هذا البلد أو البقعة مستقلاً أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي، وكانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود"
وان يجمعهم حب الحياة تحت خيمة الوطن.. الكل اخوة يأكلون على مائدة واحدة وعلى سفرة محبة العراق ونعمة احبها الله سبحانه وتعالى لهم يشربون من نهري عطاء الخير دجلة والفرات .
|