نعم للمجلس الاعلى للثقافة.. ولكن حذارِ!

 

على مدار الاعوام القليلة الماضية طالب عدد محدود جدا من الادباء والفنانين الاحرار ومبدعيهم على وجه التحديد عبر كتاباتهم ومناشداتهم وحتى انتقاداتهم اللاذعة لحال الثقافة في العراق بتأسيس مجلس اعلى مستقل للثقافة ، والدولة حسب معلوماتنا لم تدخر وسعا في ابداء اي مرونة للاصغاء بتمعن لهذه المطالبات رغم جسامة الاعباء الملقاة على عاتقها ولم تمانع بتشكيل هذه الهيئة المستقلة منذ ذلك الحين لولا بعض العراقيل الاعتبارية التي حالت دون انبثاق هذا الحلم على ارض الواقع ، اولها يتعلق بالاسماء المتصدية  لهذا المشروع في ظل تواري وزهد من هم الاحق بتولي هذه المهام  لاسباب موضوعية ليس الا . والدولة محقة في ذلك ولا شك لعلمها بكل ما يجري خلف الكواليس من خروقات ادارية تنظيمية لا  تتعلق بالتمادي في منح العضويات الملفقة لشراء الذمم و الولاءات داخل اتحاد الادباء فحسب وانما تزييف القوائم ايضا ، والا فما معنى ان يتم بجرة قلم اداري مريب اعادة رقم تسلسل هوية احد الاعضاء مثلا بواقع 1500 – 2000 اسم ووفق أي اعتبار يتم دس اسماء حديثة العهد ومشكوك باهليتها على حساب اسماء لا يشوب عضويتها أي شائبة  الا لاسباب انتخابية واضحة  لايمكن اخفاءها  وبطريقة سمجة لم نصادفها حتى في ظل النظام السابق ، ناهيك عن ظهور  اشكاليات اجتماعية معيبة تبدو  لكل متابع منصف ونزيه وغير متحزب سبب مضاف آخر لهذا التأجيل المتعمد للانتخابات اولا ولتأسيس المجلس الاعلى للثقافة ثانيا وعدم اهتمام الدولة بتطلعات المثقفين والمبدعين في ظل وجود ما يثبط العزم ويثير التسؤلات !

لقد اصرت ادارة الاتحاد الحالية وعن سابق اصرار وترصد التصرف بعقلية عشائرية موتورة لا تختلف بتاتا عن عقلية اصحاب اكشاك بيع الاسماك في شارع ابي نؤاس وسلوكهم ( المتمدن ) ، عندما استغلت اثناء احدى حملات ازالة مظاهر الفجور في ازقة ومفترقات العاصمة بغداد تصديها للقرار لنيل تعاطف السذج من بعض المحسوبين على الادباء المتقافزين لحضور اي زفاف ثقافي هنا او مأتم هناك ، مبينة حقها الشرعي وباصرار في نشر وترويج حق شرب الخمور والاعلان عن بارها المغمور في وسائل الاعلام وابواقها الصفراء متباكين كالتماسيح على شرف الثقافة المهدور  ، وهي قطعا وجهات نظر لا تمثل آراء الغالبية العظمى من اعضاء الاتحاد المبتلين بادارات لزجة متعاقبة لا تمثلهم سلوكيا على الاقل ولم تأت بارادات منظورة وخالصة بل الانكى من ذلك انها شجعت وباصرار بهدف المتاجرة بعواطف الوسط الثقافي و( مظلوميته)  فئات اخرى منشقة عنها فشلت في نيل اصوات كافية لادارة الاتحاد لاغراض واطماع مشابهة ايضا في الانتخابات المنصرمة لانشاء اتحاد معارض يتبنى مظاهر الورع والتقوى واستنشاق رائحة البخور .. ليس الا  !

وبين اتحاد الخمور واتحاد البخور .. ضاع الخيط والعصفور .. ياللسخرية  ..!

اليوم .. لم يعد يعنينا من يتصدى لادارة الاتحاد ، ولا نعترف حتى بتمثيلهم لنا على مدار دورتين سابقتين طالت اكثر مما يجب ، ولولا مراجعاتنا الادارية لما ميزنا بين زيد اوعمرو منهم ،  وانتسابنا لهذا الاتحاد تحصيل حاصل سابق لاوانهم حتما  وعلى ظهور وانتشار اسماء الغالبية العظمى منهم على وجه التحديد في اتون وسط ثقافي خامل يتناسى سريعا من هو الرفيع ومن هو الرقيع مع اول دعوة او اهانة  توجه له .لحضور فعاليات قرقوشية مسلية يديرها اصحاب الكروش المتدلية والشعور المصبوغة باحكام ممن يحسنون اللعب بالبيضة والحجر . و لم نأت اطلاقا عن تأييد هذا او ذاك لكي نتورع من توجيه اصابعنا في عيون من نشاء منهم  ،  لهذا اعتقد ان على الدولة بدورها ان لا تتسرع ايضا في انشاء أي مجلس اعلى مستقل للثقافة في الوقت الحاضر على الاقل بوجود من يحاول القفز من المراكب الغارقة الى متن أي زورق وليد يتيح لهم السباحة مجددا في بركه مصحوبا بتماسيحه الصغيرة وارانبه وعجوله .

وعلى الدولة ان تكف مستقبلا عن استقبال من لا يمثلون الا انفسهم بدوافع اعلامية ستنقلب مثالب عليهم في ما بعد ، بوجود من هم اكفأ واحق منهم ان كانوا داخل او خارج العراق امثال الدكتور صلاح نيازي وعبد الرضا علي  ومحمد مظلوم  وحيدر سعيد وسلمان داود محمد  وليث الصندوق وسواهم  وان لا تمنحهم فرصة تسويق اسمائهم وبطاناتهم المستفيدة مجددا على حساب من يسعون لتغيير واقع الاتحاد بعد اعوام من الركود وغمط الحقوق والمغانم وترتيب وضعه بعيدا عن طائلة شرب الخمور امام الله او اشعال البخور ، وعلى الوسط الثقافي ان يترفع عن الركون الى مظاهر الشللية والعشائرية والمحسوبية والاخوانية المقيتة اثناء ممارسة حقهم في اختيار من يمثلهم بضمير ناصع ، الا اذا كانوا من ذوي العضويات المطعون باهليتها وتلك جريمة يفترض بالمنصفين التصدي لها وتجريد ابطالها من صكوك الغفران وتقديم ممارسيها الى القضاء ، مؤكدا ان هذه المظاهر الشائنة هي اكثر ما اضرت بحقوقنا على مدار الاعوام الاخيرة ، وجعلت اخيارنا واحرارنا عرضة للاهمال والمرض والبطش والتنكيل دون ان يحرك هؤلاء الكهنة رمشا امام ما يجري من انتهاكات ، اللهم الا اذا طالت نفوذهم الزائل لامحال اونفوذ من هو محسوب عليهم  ، فلم نسمع يوما من يدافع منهم عن أي مثقف عراقي تعرض للغبن او الملاحقة قدر دفاعهم المعيب عن شاربي الخمر  وناقري الطبول متسترين ببعض الطارئين والطارئات  ..

 

ختاما اود التذكير بان أي خطاب مشابه لخطابي ، جرى تداوله سابقا ولم اطلع عليه او سيجري تداوله لاحقا لاهداف انتخابية ضيقة لا علاقة لي به  اطلاقا لا من قريب ولا من بعيد ، للعلم رجاءا ليس الا.