الدولة .... والأمام علي بين أزمة التعليم والقانون

عندما تمر الدول في أزمات تعصف بإستقرارها وأمنها نجد قوة صمودها تأتي في التعليم والقضاء ,فأن فسد منهج التربية والتعليم كانت المحصلة جيل لا يعتمد ولا يعول عليه في بناء الدولة ...جيل لا يفكر ولا يخطط ليس لديه ثوابت وقيم فالمدرسة لا تعني فقط مناهج وكتب وإنما هي اللبنة الأولى التي تغذي أفكار الأطفال وتنشر بين عقولهم ثقافات متنوعة كثقافة احترام الرأي الآخر,والمحبة والتسامح والتعايش السلمي والأخوة والتغاضي عن الأحقاد الضغينة ,وترتقي بهم لرفض العناوين الملوثة كالقتل والكراهية وسفك الدماء تحت مانشيتات ليس لها علاقة بالإسلام ,عند أذن نشعر أننا في مأمن أمام السيل الجارف من القيم الدخيلة التي تريد أن تحل محل القيم الأصيلة التي تربينا عليها ,الحال هو نفسه مع القانون الذي يعبر عنه مونتسيكو ( يجب أن يكون القانون مثل الموت لا يستثني أحد )عندما نشاهد أن مرتكب المعصية والإساءة وأي ذنب يقوم به المسيء ليلحق الضرر في المجتمع وبالسلم الأهلي ومهما كان منصبه وعنوانه الاجتماعي المرموق يحاسب ويساءل عما اقترفت به نفسه ويديه ,سنقول أننا لازلنا صامدون في وجه التحديات ,لكن أذا أتخذ القانون مبدأ الأهواء الشخصية والمحسوبية والمنسوبية والمحاباة في التعامل ,وضعف في تنفيذ القصاص من المجرمين سيكون لدينا ممارسة للسرقة واللصوصية بوضح النهار ,لأن الراعي عندما يكون ذئباً فالشاة من يحفظها ؟وجود القاضي العادل العارف بمعنى الظلم وما يؤثر من تبعات مادية ومعنوية بالمجتمع وتحديداً الشخص المظلوم سيكون له مردود وانطباع يشعر المواطنين من خلالها بالفخر والاعتزاز بأن كراماتهم وحقوقهم محفوظة وبأيادي أمينة ومحترمة ,لا تقبل الرشوة ولا المغريات مقابل قلب الحقيقة في صالح الباطل.
أذكر جيداً أن الإمام علي (ع) عزل أبو الأسود الدؤلي وهو والياً عن البصرة ,وظل يبحث عن السؤال طوال حياته الى ان جاء للأمام وهو مسجى على فراش الموت قائلاً: لم عزلتني وما خنتُ ولا جنيت؟ قال(ع): ((إنّي رأيت كلامك يعلو كلام خصمك)) أختلف علي كثيراً عن غيره في إدارة الدولة، وفي خصوص تعيين
الأفراد في مناصب الدولة، وقد ابتعد في ذلك عن الألاعيب السياسية والممارسات الملتوية التي التزم بها بعض الحكّام، فكان يلاحظ في شتّى خطواته رضا الله تعالى ومصلحة المسلمين، لذلك رأيناه نصب أفراداً وعزل آخرين ـ من الولاة وغيرهم ـ من مناصب الدولة نتيجة لالتزامه بهذا المبدأ رغم الأخطار السياسية التي تحدق بهذا الموقف من وجهة نظر السياسة الزمنية والسياسيّين المحترفين، وهو الذي يقول: «والله ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس، ولكن كل غدرة فجرة، وكل فجرة كفرة، ولكل غادر لواء يُعرف به يوم القيامة، والله ما استغفل بالمكيدة ولا استغمز بالشديدة >>
أذكر جيداً قوله (ع) فيما يخص القضاة {أفضع شيء ظلم القضاة} وهذا القول يقودني لحادثة مفادها : يُذكر أن رجلاً دفن كلباً في مقابر المسلمين . فشكوه الناس للقاضي . فلما حضر أمام القاضي . سأله : هل دفنت كلب في مقابر المسلمين؟ قال : نعم لبيت وصيته فقال القاضي : ويحك تدفن عيناً نجساً في مقابر المسلمين ثم تستهزئ بالقاضي ؟! قال الرجل : لقد أوصى الكلب بألف دينار للقاضي فقال القاضي : رحم الله الكلب الفقيد فتعجب الناس من صنيع القاضي ! فقال لهم القاضي : لا تتعجبوا لقد تأملت الكلب فرأيت نسله من نسل كلب أصحاب الكهف .