وقد لاحت قبل عام من الان فرصة لتصحيح العملية السياسية او حتى الاطاحة بها لاحداث التغيير المنشود شعبيا عندما حصل رئيس الوزراء على تفويض شعبي حقيقي ولاول مرة في تأريخ المجتمع العراقي يحظى حاكم سياسي بهذا الدعم وبتأييد المرجعيات الدينية ، وللاسف فوت السيد العبادي هذه الفرصة التي تستحق ان تسمى تاريخية التي لن تتكرر بوجوده مرة اخرى نتيجة بطء وسطحية اجراءاته الاصلاحية التي ادت الى فقدان الناس بقدراته على ادارة الملف الحكومي من جهة ، والى تمرد القوى السياسية من جهة اخرى والذين اعتراهم الخوف في بدء التظاهرات وابدوا استعداد لقبول كل الاحتمالات ، ناهيك عن البعض الذي تهيأ لشد الرحال ، بل وفي محاولة للتقرب من الجمهور ، حفاظا على مكاسب ومغانم شخصبة حاول البعض ، ان يظهر مباركته لاصلاحات رئيس الوزراء ، بل منهم من ذهب ابعد من ذلك ، فمثلا اصدر سليم الجبوري جمله من القرارات الاصلاحية كانت اكثر عددا مما اقترحه العبادي ، لكن بطء اجراءات العبادي ومجاملته للقوى السياسية ، التي راهنت على الزمن لغرض التسويف ، نجحت في ترويض رئيس الوزراء وتخليه من التعويل على الالتفاف الجماهيري وأرتمائه مرة اخرى باحضان الكتل السياسية وخضوعه لاشتراطاتها مجددا ، وبالتالي فقدان حماس الموقف الدولي المؤيد لارادة الشعب ، كما سمح لدول المحيط الى النفوذ مرة اخرى لاعادة اصطفاف القوى السياسية المتمردة في غالبيتها على الحكومة وهذا ما يفسر الاحداث التي رافقت الاعتصامات ودخول المنطقة الخضراء لمرتين ، وحتى ان موقف المرجعية المتردد اصلا ، بهت هندما تخلت عن مساندة الارادة الشعبية بقولها قد بحت اصواتنا ، لقد كانت تلك التظاهرات عند انطلاقتها الاولى عفوية وتحمل هموما وطنية لم تشارك بها ايا من القوى السياسية ، ومع ان منظميها من المكون الشيعي ، الا انها لم تحمل شعارات طائفية اطلاقا وهدفها تحميل الحكومة والطبقة السياسة كل الاخفاقات والدمار الذي لحق بالدولة العراقية ، علما ان مجمل اعضاء الحكومة هم من المكون الشيعي على عكس شعارات ما سميت باعتصامات المناطق الغربية التي تميزت بالشعارات الطائفية التسقيطية والممولة خليجيا لزيادة الشرخ الاجتماعي بين المكونات العراقية، ولم يساهم بها سنة العراق الوطنيون ، بل مجموعة من الذين ارتضوا ان يكونوا مروجين للفتنة الطائفية مقابل حصولهم على المال ، الا ان ركوب موجة التظاهرات من قوى سياسية عديدة كانت جزءا من كل الحكومات التي تحًملها التظاهرات سبب الاخفاقات ، كان لحسابات عديدة منها محاولة تبييض صفحتها على حساب شركائها ، أولكي لا تطالها عواقب ما تتمخض عنه نجاحات تلك التظاهرات على اساس انها جزء من تلك التظاهرات والاهم من ذلك ربما الفوز بتشكيل الحكومة برئاسة ايا من هذه الاحزاب ، وحرف التظاهرات هذه جاءت عبر نصائح لهذه القوى المتنفذه عن طريق دول المحيط ذات الاجندة المتوافقة مع حرف هدف التظاهرات عن بوصلتها وجعل العراق تحت وصاية حكومة لا تهش ولا تنش تستطيع من خلالها دول الجوار تنفيذ اراداتها ، كما يراد منها ايضا شق صف المكون الاكبر في العراق وجعل قواه في تصارع مستمر ، على اعتبار ان رئاسة الحكومة او أصوات البرلمان اغلبها من هذا المكون وبالتالي جعل الفوضى هي الطابع السائد من اجل زعزعة استقرار العراق وجعله دولة هامشية غير منتجة اقتصاديا ، في حين لو ان العبادي قد تعامل مع التظاهرات المؤيدة دينيا بشكل ايجابي وفوري ، لابُعدِت الكتل السياسية عن حرف مسارات تلك التظاهرات ، ولبقيت جذوة التأييد الدولي لتلك التظاهرات ولشخص العبادي ، ، فقد علمتنا التجارب ان الدول الكبرى تقف او تساير مضطرة احيانا الارادات الشعبية ، فعلى سبيل المثال عندما شعرت اميركا ان الشعب الايراني مصصم للتخلص من الشاه ، اوقفت محاولات الترقيع التي بدأتها بوضع بختيار على قمة رئاسة الوزراء عام 1978 ، كما قامت وفود منها من غير تنسيق مع الشاه ، تزور بعيدا عنه ، قوى تعتقدها مؤثرة في الوضع الايراني قبل نجاح الثورة الايرانية ، وعندما رأت ان ارادة الشعب لن تتوقف تخلت عن كل محاولاتها في الحفاظ على سلطة الشاه وبالتالي لم تمنع الجماهير من اسقاط الاخير ونجاح الثورة الايرانية ، وكما نعلم ان موقف دول المحيط هو تابع ذليل للارادة الدولية العظمى، وبالتالي سيكون مرغما على عدم التدخل . لذلك الامر بحاجة الى شخص اكثر حزما يناغم الشارع ويخطو خطوات تصحيحية باتجاه تقويم العملية السياسية التي لن تجد سبيلا للتصحيح اذا انيطت بالتشاور بين الكتل ، لاننا نعرف ان سبب كل مصائبنا تلك التوافقات التي ولدتها العملية السياسية وافرزت طبقة من السياسيين يتكلمون بالطائفية وهم بعيدون عن مصالح الطائفة التي ينتمون لها وكما اكدته الشواهد التي نمر بها ان الوضع يدعو لسرعة الحركة واحتواء الوضع وتنبيه الغافلين الذين في غيهم سادرون من السياسيين الذين ان يتوقعون ان سوء اعمالهم سوف لا تدركه الناس ، متوقعين ان الامة واقعة تحت تأثير الخوف من داعش أوالبعث الذي اصبح خيال المآته ، وما دروا ان الناس صارت تتمنى ان تعود بها عقارب الساعة وترضى بحكم من كانت لا ترتضيه ، وهنالك سيناريوهات يتم اعدادها في العديد من العواصم تضع في حساباتها ، انقسامات وضعف المكونات الاجتماعية للمجتمع العراقي وتردد سياسييه ، املا لان يكون ساحة تصفيات لدول محيطة وقودها الممجتمع العرقي ، لذلك كثرت في الاونة الاخيرة تداول الكثير من السيناريوهات ، وعلينا ان لا نستبعد بعضها ، لاننا خبرنا ان القوى الكبرى تطلق بعضها كبالونات اختبار لجس نبض الشارع ودراسة ردود الافعال او خلق تهيؤ نفسي من قبل الجمهورالذي يتوق للخلاص من وضع مزري يعيشه ومن ثم البدء في تطبيق السيناريو الذي يُحسب انه مقبول محليا . ازاء هذا كله يدعونا واجبنا الشرعي والوطني والاخلاقي لان ندلو بما نراه صحيحا وبابا لخلاص بلادنا مما هي فيه من نفق نظلم ، واود هنا ان اطرح بعضا من الافكار التي اراها من وجهة نظر متواضعة ، لكني مضطرا لقولها عسى ان نجد خلاصا من وضعنا وان نستبق الزمن قبل ان يخوض الاخرين في رسم مستقبل بلادنا ، وهي ان يتصدى سيادتكم للموقف ، وان تكون انت الحل في تسلم رئاسة الوزراء ، نظرا لما عرف عنكم من بعدكم عن صراعات الفاسدين ، ولكم حكمة مشهودة في ادارة الازمات ، مدعومة بفكر رصين واطلاع واسع ، وحسن قراءة للمستقبل ، كما تتميزون بالمرونة التي يفتقر لها رجالات السياسة والتي لو كانت سائدة لما دفع شعبنا الكثر من الدماء ، كما انكم تتمتعون بعلاقات واسعة مع الاخر ، وهذا له دور مهم يمكن تعزيزة ببعض الاجراءات التي سنمر عليها لاحقا ، كما ان توجهاتكم في تولية النزيه والمقتدر للمواقع الحكومية التنفيذية ايضا معروف ، كل هذا يجعلكم الاكثر ملائمة للتصدي للمسؤولية الاولى ، واريد هنا ان اكون صريحا جدا معكم في طرح ما اجده منطقيا لتعزيز مقترحنا هذا ، من رؤوى واقعية ، واعتقد ان في تاريخ اهل البيت عليهم السلام امثلة تدعم ما سنذهب اليه من اجل اصلاح الامة ، وان لا نتعكز على مقولات لا تغني ولا تسمن من مصطلحات تقف عاجزة عن توفير الامن والامان والعيش الرغيد للمواطن العادي الذي لا يطلب اكثر من هذا ، في زمن تكون خدمة الناس هي الغاية الاكثر اهمية و القول الفصل ، ولاهمية ما نقول نذكر هنا قولا لملك الاردن الراحل الحسين الذي اعاب عليه بعض الحكام العرب حضوره مؤتمرات القمة لغرض استجداء المال ، حيث لاثروات طبيعية ولا ارض زراعية واسعة يحتويها بلده اضافة الى ندرة المياه ، بقوله (يشرفني ان اكون اكبر شحاذ من اجل بلدي ) والامثال تضرب ولا تقاس ولله الحمد بلدنا غني جدا وتعوزه فقط حسن الاداره ، ما اريد ان اقوله ان التنازل التكتيكي والمناورة الانية تخدم الهدف الستراتيجي البعيد ولا تعني التنازل عن المباديء الرئيسية – يتبع
|