العراق بين جبروت صدام وانانية الأحزاب المتسلطة

المخطط الأمريكي في الشرق الأوسط لم ينتهي بسقوط صدام عميلهم الاول في المنطقة بل هو مستمر بإبادة الشعب وهو الهدف الرئيسي من اجتياح العراق لان العراقيين كشفوا للعالم عمالة صدام للبيت الأبيض وفي نفس الوقت تمرده على اسياده واحراجهم مع حلفائهم في الخليج العربي وعلى هذا الأساس لم يتعاون الشعب العراقي مع قوات الاحتلال أثناء دخولهم العراق رغم الظلم والحيف الذي لاقوه من الطاغية المقبور وحزبه الاجرامي لان الإدارة الامريكية ليس لها مصداقية لدى الشعوب الإسلامية! الامريكان تحملوا تطاول صدام وحربه الإعلامية عليهم سنوات ولم يغيره ولعدة أسباب أهمها وجود قيادات في العراق لها قاعدتها الجماهيرية ولها برنامجها السياسي المستقل وبالضد من المشروع الأمريكي ففي حال عزله سوف تصل تلك القيادات الى الحكم وكذلك عدم وجود بديل لصدام يمتلك الجرأة في تصفية تلك القيادات وابعادها عن الساحة فبقيت أمريكا تعد العدة لاختيار بديل له يدير المصالح الامريكية في العراق أربعة وعشرون عاما صدام متسلط على رقاب الناس ويحكم بالحديد والنار. أربعة وعشرون عاما والسجون ملأى بآلاف المعتقلين الأبرياء ويقدم كل يوم العشرات منهم الى السياف ليتلذذ بسيل دمائهم وامريكا والعالم في صمت من هذه الجرائم. صدام طاغية متجبر لا يقل اجرام عن اسلافه من طغاة التاريخ بل سبقهم وعلا عليهم رتبة في الاجرام وانتهاك الاعراض وسلب حرية وكرامة الانسان.
سقط صدام والفكر الصدامي مازال موجود بين هذه الأحزاب التي كانت تناضل من اجل رغيف الخبز الذي منعه صدام على الشعب بسبب سياسته التعسفية التي أدخلت العراق في حروب لم تجلب له غير الجوع والبؤس والامراض. وناضلت من اجل الحرية والديمقراطية التي حرمهما صدام على الشعب. هذه الأحزاب بغض النظر عن انتماءاتها هي اليوم تتربع على المناصب العليا للدولة وتدير البلد بنفس العقلية والفكر الصدامي ولكن بصورة مبطنة ومن أبرزها التمسك بالسلطة باي وسيلة كانت ولو على حساب أرواح الناس الذين يتطلعون الى مستقبل آمن بعيد عن الخوف والرعب الذي زرعه النظام البعثي في النفوس على مدى خمسة وثلاثون عاما. والتعامل على أساس عنصري انتمائي لا على أساس مهني وهذه حقيقة لا يمكن انكارها حتى في الأوساط العلمية والمواقع الإدارية. جاءوا من الخارج ولم ينقلوا لنا تجارب الشعوب التي أصابها ما أصاب العراق ونهضت واستعادة قوتها من جديد معظم الدول التي هي يوم متقدمة كانت فيما مضى تعد من دول النامية ودول العالم الثالث كالإمارات او كانت مصدر ازعاج للدول والبلدان الأخرى بسبب العقلية الديكتاتورية التي حكمتها كألمانيا!
ولكن كان هناك من يعيش هم التغيير لتقديم خدمة للإنسان من خلال الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية للبلد كحاكم الامارات الراحل او الصحوة الانسانية التي جعلت القيادات والوجوه الوطنية في المانيا تستغل ضعف الديكتاتور فأطاحت به ووضعت استراتيجية اصلاح كاملة تشمل كل مفاصل الدولة حتى استعادة بناء دولة ديمقراطية عصرية منفتحة على الجماهير.
والعراق من البلدان الغنية بالموارد الطبيعية ومن البلدان التي تسلط عليها طاغي وعاث فيه الفساد والدمار ومن البلدان التي ثارت بوجه الظالم واطاحة به الا ان المشكلة لم يأتي اشخاص يعيشون الهم الوطني والمصلحة الوطنية ليعيدوا بناء العراق كدولة ذات عمق تأريخي وحضارة ذات بعد انساني بل اختير من هو ذات وجاهة عائلية ووجاهة دولية لم يحسن من السياسة شيء ولم يعرف طبيعة المجتمع العراقي وعلاقاته فيما بينه فلعب على وتر الطائفية بصورة ظهارة للعيان فنقل حالة القتل التي كان صدام ينفذها في سجون ودهاليز مظلمة بعيدة عن الأنظار الى الشارع وتحولت بذلك الأسواق والمناطق السكنية الى مجازر. لذا التغيير الذي حصل في العراق لم يغير من الوضع المأساوي للعراقيين ولو القينا نظرة سريعة على المجتمع العراقي الذي كان يعيش نفس المعاناة زمان الطاغية الهالك من انعدام اغلب الخدمات الأساسية للعيش وما بعد التغيير مع انعدام الخدمات الأساسية انعدمت أيضا جزء من هذه الخدمات كالبطاقة التموينية والأدوية والتغذية في المستشفيات ناهيك عن الارتفاع الهائل في أسعار السلع الأساسية للمواطن العراقي وكذلك التدهور الأمني والخدمي وانتشار الفساد والرشوة في المؤسسات الحكومية بشكل فاضح مع احترام المرتشي وتنزيهه  من قبل الجهات ذات العلاقة وما يندى له الجبين ان السارق في كل البلدان وبجميع الأعراف الدينية والاجتماعية يتوارى عن الأنظار خجلا من فعلته القبيحة الا في العراق السارق يفتخر بفعلته ويبرر لها بين الناس .الأحزاب المهيمنة لعبت أدوار وادوارفي تأجيج الصراع الطائفي المذهبي بين أبناء البلد لانها تعمل على وفق ما مطلوب منها وهي تمثل اجندة خارجية دولية وإقليمية مهدت لها للوصول الى دفة الحكم اما مراسيم الانتخابات فهي شكلية والا لماذا يتجاهلون المطالبات المتكررة من قبل الجماهير لتعديل قانون الانتخابات عمليات الاقصاء للعقول العراقية واضحة وعمليات العرقلة للمشروع الإصلاحي واضحة من قبل جميع السياسيين الذين لديهم مناصب في الدولة.
ويمكن ان نستنتج من خلال الفوضى والإهمال واللامبالاة والحرب النفسية التي تستعملها هذه الأحزاب مع الشعب انها هي بديل صدام الذي كانت أمريكا تبحث عنه كل هذه السنوات واستقرار العراق ليس بيد هولاء بل بيد جهات خارجية. وعليه لم يبقى امل في تحسن الوضع باي حزب وكتلة وشخصية سياسية الا المرجعية الدينية التي يمكن القول عنها وبصراحة مطلقة هي الجهة الوحيدة التي لم تخضع لاي جهة خارجية مهما كانت قوية وسلطوية لأنها اكبر من الطغاة والمنتفعين وبعيدة عن المناصب والامتيازات التي تأتي على حساب دماء الأبرياء وقوت الفقراء.
لذا الحل الوحيد لإنقاذ العراق هو ان تشكيل كتلة وطنية مستقلة من جميع أطياف الشعب العراقي برعاية ومباركة المرجعية تتفق فيما بينها على آلية الإنقاذ وتتعهد امام المرجعية ان لا تأخذها في السارقين والمقصرين والمتهاونين في عملهم رحمة وشفقة وبمساندة الشعب لها تنقذ العراق من دواعش السياسة كما انقذ الحشد الشعبي العراق من دواعش القتل والتكفير