الإسلام السياسي بطل الحرب العالمية الدينية بامتياز أمريكي

الإسلام السياسي هو مصطلح سياسي وإعلامي وأكاديمي استخدم لتوصيف حركات تغيير سياسية تؤمن بالإسلام باعتباره "نظاما سياسيا للحكم" , فالإسلام بالنسبة للأصوليين المتشددين ليس عبارة عن ديانة فقط وإنما عبارة عن نظام سياسي واجتماعي وقانوني واقتصادي يصلح لبناء مؤسسات دولة, لذلك هذه الجماعات تحاول بطريقة أو بأخرى الوصول إلى الحكم والاستفراد به، وبناء دولة دينية ثيوقراطية .
مصطلح الإسلام السياسي تم استخدامه لأول مرة في مؤتمر واشنطن عام 1994 الذي كان تحت عنوان "خطر الإسلام الأصولي على شمال أفريقيا" , حيث وصف المؤتمر محاولة إيران نشر "الثورة الإسلامية" إلى أفريقيا عن طريق السودان. تم استبدال هذا المصطلح بمصطلح "الإسلاميون المتطرفون" واستقرت التسمية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 على الإسلام السياسي.
في إطار تزاحم القوى الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة على مناطق النفوذ في الشرق الأوسط, عملت هذه القوى على صناعة هذا المسخ الهائل المسمى بالإسلام السياسي في مصانعها التابعة لأجهزتها الاستخبارية ودعمها لتكون هذه الجماعات الراديكالية المتطرفة قادرة علي قلقلة الأرض تحت أقدام الدول وزعزعة استقرارها. فتنظيم القاعدة الإرهابي وداعش والإخوان المسلمين و المشتقات والتفريعات الأخرى لهذه التنظيمات الارهابية ما هي إلا أفضل مثال علي تلك الجماعات .
منذ البداية الولايات المتحدة نجحت في توظيف الإسلام السياسي في تحقيق أهدافها التوسعية وأصبح الإسلام السياسي أداتها في البطش بالمجتمعات والأنظمة علي السواء . وقد جري استخدامه في القضاء علي نظام الشاه في إيران ، والتخلص من نظام السادات في مصر, وفي البطش بالإمبراطورية السوفيتية وهدمها . وفي ضرب برجي التجارة واتخاذها ذريعة لتدميرأفغانستان ومن بعدها العراق.
على الرغم من ادعاء الولايات المتحدة بأنها صاحبة العالم وضميره، تبحث عن مصالحه وتريد السلام والأمن والحياة للجميع وأنها ضد الإرهاب إلا إن هناك الكثير من الأدلة على احتضانها للجماعات الإرهابية في العالم واستخدامها كخيار استراتيجي مهم في علاقاتها الدولية , فعلى سبيل المثال سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء كان الهدف منه معاقبة مصر علي جهودها في محاربة الجماعات الإرهابية في سيناء من خلال ضرب السياحة لدى مصر والتي تشكل المورد الرئيسي لدخلها القومي . وضرب علاقاتها المتينة مع روسيا . ومعاقبة روسيا علي ضرب داعش الإرهابي في سورية ، وضرب علاقتها النامية مع مصر , وكذلك تفجيرات الجنوب اللبناني التي تهدف إلى إشعال الفتنة الطائفية ، وإدخال الفلسطينيين علي الخط باعتبار وجودهم في برج البراجنة . وفي ذات الوقت تلغيم الجوار السوري .
إما في العراق وفي ظل انتصارات الجيش العراقي والحشد الشعبي في حربه ضد تنظيم داعش الإرهابي وحصار الفلول الإرهابية في أكثر من منطقة، سعت الإدارة الأمريكية في هذه المرحلة لتوظيف هذه الانتصارات في إشعال الفتنة الطائفية، إذ رفض البنتاجون تكثيف الضربات على داعش، معتبرا أنها قد تشمل أعمالا طائفية, الأمر لم يتوقف عند إشعال الفتنة الطائفية ووقف تقدم القوات العراقية والحشد الشعبي فحسب ، وإنما تزامن ذلك مع محاولات أمريكية في استهداف قوات الأمن العراقية والحشد الشعبي لأكثر من مرة من خلال غارات للتحالف الدولي ضد مواقع لها على مشارف مدينة الرمادي في محافظة الأنبار.
الإسلام السياسي المدعوم من الغرب في كل العالم وفي مقدمتها الدول المجاورة هي التي سمحتْ إلى وصول العراق إلى هذه المرحلة العصيبة من الأوضاع الأمنية المتردية وأصبحت المكونات الصغيرة الدينية الصابئة والمسيحية واليزيدية الموجودة في العراق منذ ألاف السنين مستهدفة من قبل الإسلام السياسي المدفوع الثمن من خارج العراق . الجميع يتفق ان الكوارث الأمنية والمصائب لحقت جميع المذاهب في العراق بما فيها الشيعية والسنية دون استثناء لكن ما يتعرض له أهلنا وشعبنا وأحبابنا من المسيحيين والصابئة واليزيدية في الموصل و سنجار هو جريمة إبادة جماعية وتطهير عرقي .قتل الرجال والأطفال وسبي النساء وبيعهم في سوق النخاسة والقتل الجماعي من قبل المجرمين التكفيريين هي جريمة نكراء لا يمكن السكوت عليها. في ختام القول, ان المسلمين المليئة قلوبهم بالمحبة والتسامح هم إضعاف المسلمين الذين تملئ قلوبهم التعطش للدماء , وان هذه الجامعات التكفيرية لا تمثل مبادئ ديننا الحنيف وأخلاق رسولنا الأعظم , فيا مسلمي العالم أنهضوا وأدينوا من
يسيء إلى الإنسانية بكل معانيها .حان الوقتْ لينهض العالم الإسلامي وعلى رأسها المؤسسات الدينية في السعودية ومصر وإيران والنجف وكربلاء لإعادة الفهم الصحيح لمبادئ الدين المبنية على التعايش السلمي بين الأديان وكذلك بين جميع المذاهب الإسلامية قبل حلول الكارثة الكبيرة , وبغير ذلك نحن مقبلين إلى حرب عالمية دينية تحاول الولايات المتحدة إشعالها لإزالة العالم الإسلامي من الوجود , وهذه المرة سيكون عدد الضحايا الأكبر من الشرق المسلم لأنه لا يريد إن يواكب السياسات والغطرسة الأمريكية ضد شعوب دول العالم المسالمة.