لقد خبتت مصابيح الإصلاح وخفتت أصوات الحق، ومات الضمير الديني الإنساني، وتبلد الشعور والإحساس الإنساني، وتشتت الفكر، كل هذه ثغرات يشعر بها العابر في حياته على مدار التاريخ، فإن الإصلاح والتجديد متصل بعوامل كثيرة منها الدين والعرق والمعاملة بين حياة الناس، فثمة جهود تكافح آفات الفساد الشامل ورفع صوت الحق، وتتحدى القوة الظالمة، وتعمل على فتح منافذ جديدة للتفكير والقضاء على الفتن والبدع والمؤامرات والتحريفات وعداوة الإنسان لأخيه الإنسان. ... فكثير من أفراد هذا الجيل لم يعوا ولا يسمعوا ولا يعرفوا وفقدوا آلية الإصلاح مع أنفسهم والغير من الناس، فقد اجهدوا العقل والعين، ولا شك أن الحق والعدل هما مسؤولية كل إنسان يرى في نفسه الدعوة إلى الإخلاص والصلاح والتجديد ولا ينتظر ما هو منبه له ولعقله، فيقوم على مجرد التقليد والتقديس لمسائل يعيش فيها متمنياً لنفسه عالم من الخيال والأماني والأحلام. ... فالإنسان مهما فعل في دنياه لم يبلغ مراتب اليقين وغاية الرضى والقبول وتزكية النفس وتهذيب الأخلاق، إلا أن ضعف إرادة الإنسان وفتور همته، وإخلاده إلى الأرض واتباع العداوة بين أخوه الإنسان وجهله بالدين وسوء العلاقات بينه وبين أخوه الإنسان لن يكون سعيداً لا دنيوية ولا أخروية، ويلحقه الهلاك والدمار والتلف، فالدين فرض علينا الإصلاح والتجديد والقسط ولو على أنفس الوالدين والأقربين، وقد بشر لسان النبوة بأن الله يقيض الناس في كل قرن، وهي فترة زمنية ذات إعتبار في حياة الناس، فمن يقوي صلته بدينه فإن الله يجدد لهؤلاء الناس دينهم وحياتهم. فكل الديانات منعت الإنحراف مع أي فساد في العلاقات والضلالة، والترق، والنفخ في روح جديدة في أجساد الضعفاء، واشعال شعلة الإيمان والحماس في همم هامدة، وقلوب خامدة. العالم الآن قد ازدحم بالآلات والمعلومات والكتب والمكتبات والصحافة والإنترنت، لكن هناك عقول من بعض الناس تشكل فراغاً في المجتمع، فراغ القلوب المخلص المتألم المؤمن، فراغ العقل الواعي، فراغ الإخلاص، فراغ تتألم منه الإنسانية، فراغ طمس معالم النور في العلاقات التي ضاعت هباءاً منثوراً، فالعقل الإنساني أصبح مدمر مفسد في بعض المعاملات، فأصبحت بعض القلوب تحمل الحقد والغلظة، والألفاظ السيئة وألفاظ بلا معاني، لقد ضاعت شتات الإنسانية وشملها ورحلت عنا الوحدة والمحبة والثقة والإخلاص والإحترام والصفاء في القلوب. فتجد عزيزي القارئ الكريم في هذه الفترة التي نعيشها هي فترة تعد منقلباً وتطوراً، وربما أكثر تنوعاً واختلافاً، فتجد المشاكل والمسائل الدقيقة بين العائلات والأفراد في المجتمع ما لم يخطر على بال، ولم يحلم به جيل من الأجيال، لقد ضاعت المحافظة والعادات والتقاليد على روح العلاقة والمبدأ والإحترام، لقد ضاعت المثل العليا للأخلاق بين الناس أو بعض الناس، فهناك من الأسر والعائلات تتغلب على مشاكلها كلها، وتعرف أين حدودها، فتخرج من هذا الإطار المفزع، نعم فهذه عائلة جديرة بالإحترام، صالحة للقيادة، ولا يمكن لأي قوة أن تقضي على كيان هذه العائلة وذلك لأن الله قد تكفل بأن يمنح هذه العائلة ببقائها وخلودها لأنهم أصحاب مبدأ وتواضع، يسعون إلى البقاء للإصلاح والتجديد يحبون لنفسهم ما يحبون لغيرهم ينشدون روح المحبة والآخاء والإصلاح والتجديد. ... وهناك على الجانب الآخر تجد عائلات تظهر فيها بعض أنماط القهر والغضب والكراهية والحقد والقمع والحسد، فهؤلاء يسببوا لأنفسهم سلوك متعب أذي حقيقياً، وأولئك الذين يضطرون إلى التعامل معهم بسخرية هي أنهم لا يقصدون أن يكون تصرفهم وضيعاً ولا يكونون ألطف مما هم عليه وفيه، عندما يشعرون بالاستياء تجدهم يتصرفون تصرفاً سيئاً. فهم لا يعرفون قدر أنفسهم ولا سلوكهم الذي لا يكسبهم أي قريب أو صديق ضمن العائلة فسلوكهم متمرد أحمق. لاشك أن لكل الناس أقارب وجيران يحبونهم، ويعجبون بهم، والعكس قد تجد من يكرهون ويغيرون سواء كانوا متجانسين أم ملتحمين أم مرتبطين بالأسرة هامشياً، بعضهم لن تجده إلا عندما يحتاج إليك، بعضهم قد يكون هجومياً كارهاً ويذهب كريح عاصفة خلفوها وراءهم. لابد للناس أن تحتاج إلى الإحساس بصدق في العلاقات والمعاملات بعفويتها وطيبة قلبها، فالإحترام الكامل في كافة حقوق الناس هو اختيار للمشاركة في الإصلاح والتجديد بغض النظر عن القرابة أو الدين أو الفكر أو العرق أو التوجه الشخصي، فالناس ليست ناس إلا إذا شعروا بإنسانية الآخرين من الناس مهما كانت ألوانهم وعرقهم، فيستحيل أن ترضى الناس كلها في كل الأمور، ولكن علينا أن يكون همنا الأول والأخير هو إرضاء الله تعالى.
|