انتشى المواطن بتصريحات المسؤولين ، وعلى اعلى المستويات بأن صيف 2013 سيكون صيفاً مكهرباً، وان كانت لفظة "المكهرب" لها معنى آخر في المدلولات العراقية، لكننا نقصد منه المعنى العام، أي صيف ينعم فيه الناس بالكهرباء، فخرج هذا المواطن الذي يعيش على احلام التصريحات، ويبني قصوره عليها، متحدياً أبو المولدة، خصوصاً بعد ان سمع من مسؤول الكهرباء الأول تصريحاً عالي الفولتية ينصح فيه اصحاب المولدات ببيع مولداتهم خردة، لأن عصرهم قد أفل، ولم يعد لهم مكاناً في العراق بعد عامهم هذا، لكن أبو المولدة قد خبر مغازي هذه التصريحات وتوقيتاتها، فحاول ان يمتص فرحة مواطنه في خط المولدة ، وقال له :"انتظر الايام ، فهي اصدق من تخبرك بواقع الكهرباء، فما ان تدور المروحة ، حتى تدهمك القطوعات ، وعندها ستقول : وينك ابو المولدة؟".
لم يأت كلامه من فراغ، فقد سمعنا بمثل هذه التصريحات كثيراً، فمنذ عشر سنوات، ونحن نعقد الآمال على كلام المسؤول عن صيف خال من القطوعات، وكهرباء وطنية لا تزاحمها مولدة بيتية، ولا مولدة شارع، وكان يوم الحظ شهر حزيران الذي ينبري فيه المسؤولون بالتصريحات المتفائلة عن كهرباء متواصلة ، لكن فولتية هذه التصريحات سرعان ما تتراجع، ويبدو البديل لدى المواطن، افضل من الأصيل بكل بهرجته، وبهرجة صوته المتألق عبر الشاشات الفضية.
لكن، المسؤول اليوم قد سبق اطلاق تصريحاته السنوية لضرورة الدعاية الانتخابية، فشمر ساعد الجد واعطى لصوته العنان ليبشر بكهرباء لمدة 24 ساعة في هذا الصيف، ثم تراجع قليلاً ليؤكد أن الـ 24 ساعة "من صدك" ستكون في الصيف المقبل، لكن لم يمنعه ذلك من القول ، ان هذا الصيف سيشهد بساعات طويلة، ينتعش خلالها المواطن بالهواء العليل والماء البارد.
وما ان اغلقت صناديق الاقتراع ، وانتهت الانتخابات بمشاركة بائسة من الناخبين، حتى اخذت الكهرباء الوطنية تترنح ، وينكشف مبكراً زيف كل ما قيل، حيث ما ان دارت المراوح دورتها، كما قال ابو المولدة، حتى وجدنا تقطعات وقطوعات مستمرة، ما دفع المواطن الى الاتصال مع أبو المولدة واعادة الود من جديد معه، وهو يندب حظه مع الحكومة :"اذا هسة الكهرباء الوطنية كامت تراوح، لعد بتموز شسوي؟".
طبيعة ابن البلد انه لا يحاسب الحكومة عما انفقته في هذا القطاع، ولا يسألها عن المليارات التي صرفت على الكهرباء، لأنه يبحث عن النتيجة، ومتى ما حصل على خطه الوطني من دون انقطاع يقول "ميخالف ، المهم استقرت الكهرباء، وهو لا يعني رضاه بـ"السرقات" التي تمت تحت مسمى صيانة الكهرباء الوطنية، أو بناء مشاريع جديدة فيها، وانما تسليم العاجز من واقع مزري، لكن عندما تنفق كل هذه المليارات ولا يحصل على الكهرباء، فعندها لا يبقى معنى للسكوت عنده، ويصبح تصبير النفس أشبه بخداعها.