يعد الدستور العراقي الذي أسس في ظل إطار الاحتلال الأمريكي بعد 2003 محطة أزمة خلافية لنظام السلطة في العراق فقد أثبت إنه دستورا ملغما بالعديد من الخلافات تعثرت به السلطة راح ضحيته الشعب العراقي ... فهو دستور تم كتابته بسرعة وجيزة جدا بإشراف أمريكا المحتلة آنذاك بواسطة أيادي سياسية جديدة لا تمتلك من الخبرة والتجربة السياسية والحكمة الوطنية لإنجاز هذه المهمة فقد كتبوه بأفاق حزبية ضيقة عابرة لحقوق ومكونات الشعب العراقي جميعا ..قي ظل أجواء خلافية غير توافقية تقتصر على أقلام بعض الأحزاب الكردية والشيعية وبضغط أمريكي تم إصداره ... من مجمل هذه الألغام التي تفجرت هو السماح بإنشاء نظام إقليمي فيدرالي برلماني نيابي رئاسي .. مما شوه شكل الوطن نتج عنها فوضى سيادية عارمة .. لم تضمن توزيع الثروات بشكل عادل على جميع مكونات الشعب العراقي فقد ضاعت الصلاحيات الدستورية وشل النظام الإداري فيه .. فلا حكومة مركز قوية تحكم ولا حكومات إقليمية عادلة تنفذ ..ولا تحديد واضح لقانون النفط والغاز الذي بقي نقطة جدل وخلاف ...وكأنه جاء قاصدا لبقاء إقليم كردستان شامخا مستقلا لمملكة بارزاني في حين يتغذى جميع الشعب على نفط الوسط والجنوب بما تقره رئاسة الحكومة ...لا سيما والظروف الاجتماعية السياسية والأوضاع الأمنية بإنشاء أقاليم مضاهية للشمال في الوسط الجنوب مما شكل أزمة اقتصادية كبيرة ... وكذلك فالدستور الجديد أثبت عجزه عن تحديد المناطق المتنازع عليها مثل كركوك وضمان بقائها تحت سيادة حكومة المركز. . فقد تم الاستيلاء عليها من قبل قوات بارزاني وتهجير واضطهاد المكونين التركماني والعربي هناك , وكأن كركوك غنيمة قد حصلوا عليها مقابل تسهيل مهمة دخول الدواعش ليصدروا نفطها إلى الجيوب الخارجية التي تخدم مصالحهم حكومتهم بما يعود للنفع والفائدة الحصريه لهم كما تنبعث الرائحة الآن بمحاولات التخطيط لضم الموصل للإقليم بعد التحرير المرتقب .. لهم دون مراعاة للمشاعر والدماء الوطنية والسيادة القانونية تحت أي مسمى .. ومن الألغام الدستورية الأخرى هو التسبب بتشتيت وبعثرت السيادة العراقية فلا وزارة الخارجية بتمثيل واحد ولا الداخلية بأمن واحد ولا الدفاع دفاعا واحدا .. فكل زعيم يغني على ليلاه يذهب ويصرح ويتفاوض بما يشتهي ومنظومات الداخلية والدفاع قد تخلخلت بميليشات خارجة عن قانون السلطة كما هو الحال مع قوات البيشمركة المسلحة التي تتلقى أوامرها من أمريكا وكما وتريدها الأخيرة للمناطق الغربية وتخطط لها بعد خروج داعش منهزما على أن يشكلوا ميليشات مسلحة على نفس الغرر تسمى الحرس الوطني تابعه لهم خارجة أيضا عن سلطة حكومة المركز ... نحن بأمس الحاجة اليوم إلى تشكيل لجنة أكاديمية قانونية خبيرة مختصة بالدستور من قبل مجلس النواب مستقلين تماما عن أحزاب السلطة للنظر في تفكيك هذه الألغام الدستورية .. بما يضمن لجميع مكونات الشعب العراقي سيادة وطنية وتوزيع عادل للثروات وعيش آمن كريم فعلى منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية أن تكثف جهودها و تعمل على توعية الشعب العراقي وتهيئته للتصويت على اقتراحات تعديل الدستور العراقي وإحياء الرغبة الجامحة على تعديل قانون الانتخابات لشق طريق الإصلاح .. وذلك من لب ثمار المحبة الوطنية والإنسانية فالسياسة مثل الأدب تحتاج لمعالجات ودراسات مستمرة بما يواكب تطورات وظروف الحياة ...( فعلى الله فليتوكل المؤمنون )
|