مشــــــاكسة ... ضريبـــــــة . . . العنـــــــــــــاق |
مثلما أدى ويؤدي الزواج الكاثوليكي الذي لا انفصام بين طرفيه، بين السياسة والفساد، في كل زمان ومكان، الى اختلال كبير في المعادلة الانسانية، مفرزا من جهة شعوبا تجوع وتتعرى وتتهجر وتتلاشى تدريجيا وهي تتعرض مرغمة، على ايدي حكامها (النزهاء الشرفاء الاتقياء الانقياء) لاستبدال رغيف خبزها المغمس بالاوجاع والمعاناة، بكم كبير من الشعارات الرومانسية والوعود الوردية المتطايرة في المدى والتي لا يمكنها أن تلامس أرض الواقع أبدا، فإن هذا الزواج بين السياسة والفساد, لا سيما في الدول الجائعة الخانعة، أدى من جهة اخرى إلى ولادة جيل من الحيتان الخرافية الكبيرة المصابة بداء الشراهة غير القابل للعلاج من جهة، وسريع العدوى من جهة اخرى، حتى فسر فقراء الشعوب المغلوبة على أمرها سرعة انتقال عدواه، بانها الاسرع من الضوء والصوت والليزر وأنواع الاشعة المختلفة مجتمعة، والا كيف نفسر, على سبيل المثال, ان يمتلك عامل شبه معدم بعد انخراطه بالعمل السياسي عشرات المليارات في فترة قياسية من ممارسته لمهامه (الثورية)؟ وسقوط اربعين مليار دولار من صندوق تنمية العراق قبل سنوات، وتمكن ميزانيتنا السنوية لعام (2014) من حزم حقائبها ووضع (150) مليار دولار في أحد اكياس طحين الحصة التموينية وحمله على ظهرها و(الهرب) به والاختفاء في جهة مجهولة وربما في حسابات بنكية معلومة؟ و(نجاح) مسؤول آخر بتحويل اكثر من (6) مليارات دولار الى حسابه الشخصي لدى دولة مجاورة وضياع أكثر من (900) مليار دولار هي مجموع ميزانياتنا السنوية خلال السنوات الماضية دون ان نتمكن من توفير الكهرباء المستمرة أو إقامة البنى الاساسية للانشطة الاقتصادية ولا من توفير الخدمات الاساسية و تطوير الواقع الصحي السيئ الذي يدفع أي مسؤول يصاب بوعكة صحية الى السفر إلى الخارج طلبا للعلاج مقدما بذلك شهادة (الجودة) فائقة المستوى لمؤسساتنا الصحية، يضاف إلى ذلك نجاح هذا الزواج الكاثوليكي منقطع النظير في بسط الامن والامان والاستقرار حيث لم يتمكن تنظيم داعش الارهابي الا من احتلال ثلث مساحة العراق فقط وتدميرها والاستحواذ على الثروة النفطية فيها ، ولم يفقد العراق أكثر من(1707) مواطنين بين شهيد وجريح خلال شهر آب فقط وفقا لتقرير بعثة الامم المتحدة (يونامي) جراء اعمال العنف والارهاب ، فضلا عن إرغام حكومتنا (الملائكية) على رصد الجزء الاكبر من ميزانيتنا المنهكة للجهد الامني والعسكري بدل توظيفها للجهود الخدمية، زد على ذلك الكثير الكثير من (الانجازات والنجاحات والمكاسب) الاخرى الذي حققها هذا الزواج لعموم الشعب والتي مل القارئ سماعها من كثرة ما رددتها أجهزة الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل يومي على مسامعه، وفي مقدمتها الارتفاعات الكبيرة في اعداد ونسب الفقراء والمعدمين والعاطلين والمتسولين والمشردين والجياع والمهجرين والنازحين الذين تمثل معاناتهم ومآسيهم بالتأكيد الابناء الشرعيين لهذا الزواج غير قابل للانفصام مهما تعاقبت الايام ومهما تعمقت الفواجع والآلام ومهما تعددت الزوجات والعشيقات وفقا للمصالح والستراتيجيات. في ضوء هذه الستراتيجيات الحيوية (المبدعة) التي حققت كل تلك الانجازات الجماهيرية وما تزال تبحث عن المزيد لتحقيق أعلى مستويات (الرفاهية) الشعبية كان لا بد من انبثاق (معادل) جديد فريد عتيد يعيد, ليس قراءة خارطة الاحداث واعادة ترتيبها بما ينصف الفقراء والجياع والمسحوقين ووضع حد للفساد والمفسدين حسب، وانما إعادة الحقوق الى اصحابها وانتزاع الاموال المنهوبة من سراقها ومقاضاة حيتان الفساد الكبيرة عن جرائمها الخطيرة، فجاءت (ثورة) الاصلاحات التي غطت كل الساحات السياسية والشعبية والبرلمانية بأروع الشعارات (الثورية)، حتى امست الاصلاحات (الطبق) المفضل في وجباتنا اليومية يضيء بشكل خاص موائد الفقراء والمعدمين والجياع والمشردين والخريجين العاطلين في وجبات الافطار والغداء والعشاء وكلهم بانتظارما سيلده ذلك المخاض عساه سينصفهم ويضع حدا لمعاناتهم ويكمم افواه حيتان الفساد الكبيرة باجراءات ثورة الاصلاحات القديرة، ومساءلتها بجرأة صارمة وبارادة حازمة (من اين لك هذا ياهذا؟؟؟) لاسيما وان التقارير الدولية سبق أن أكدت أن ثروات عدد من مسؤولينا في البنوك الاجنبية تعد بمئات المليارات من الدولارات, ومعظم تلك الولادات بالطبع كان نتيجة حتمية لتلك الزيجة الكاثوليكية، و(بفضل) اللجان الاقتصادية لمعظم الكيانات والكتل والتشكيلات السياسية. فقد ارعدت (الاصلاحات) وابرقت وزمجرت وهزت الاجواء بعنف وأمطرت، و(نجحت) نجاحا (تاريخيا) باهرا في ايقاف تداعي الازمة االمالية التي كانت تهدد البلاد بأوضاع كارثية من خلال استقطاعاتها (الاصلاحية) لرواتب الموظفين والمتقاعدين، وعبر الحد من سياسة التعيين, (والتسول) من البنك الدولي لقاء اشتراطات ربما تلقي بثقلها الاضافي على كاهل المعدمين. وتزامنا مع ادعاءات مسؤولين ماليين بعدم قدرة حكومة (الاصلاحات) مستقبلا على تأمين رواتب الموظفين والموظفات بسبب الازمة المالية وانخفاض اسعار النفط في الاسواق العالمية، فقد (بشرنا) مؤخرا نائب عن اللجنة المالية في البرلمان أن الحكومة تعتزم فرض ضرائب جديدة تشمل قطاع الكهرباء, خلال الفترة المقبلة، في وقت اجتاحت فيه بغداد وعدة مدن مظاهرات غاضبة منذ نحو عام تنديداً بــ (تقصير) عمل قطاع الكهرباء والذي تسبب بهدر كبير للطاقة فضلا عن الانقطاع المستمر ولساعات طويلة في التيار الكهربائي على الرغم من عشرات المليارات التي انفقت على هذا القطاع وربما ذهب معظمها لجيوب الفاسدين. وهكذا حاول ويحاول البعض (تدجين) ستراتيجية (الاصلاحات) المثيرة بحيث تبقى الجماهير الفقيرة تدفع فواتير فساد الحيتان الكبيرة، ومن يدري، ربما تتمخض (الاصلاحات) بعد ضريبة الكهرباء لتلد ضرائب اخرى على الماء والهواء، وعلى الخطوبة والزواج والطلاق وعلى عدد قبلاتنا للاصدقاء وعلى عدد مرات عناقنا سواءا للازواج وللزوجات أم للاحباء وللحبيبات وعلى عدد خطواتنا اليومية وعلى عدد زياراتنا للمولات التجارية وعلى عدد مكالماتنا الهاتفية وعلى عدد ساعات استخداماتنا اليومية لمواقع التواصل الاجتماعية وعلى عدد مشاحناتنا الزوجية لمعالجة الازمة المالية.
|