من المتعارف عليه دائماً إن يُنظر إلى الأنتخابات على إنها عُرساً ديمقراطياً يتم التحضير له قبل موعده بسنه على أقل تقدير، من حيث الترتيب لها ولآليتها من القوائم والدعاية الإنتخابية للمرشحين..
والتي نأمل من خلالها ممارسة هذه التجربة الديمقراطية الفريدة والتي تُعّبر عن حقنا الديمقراطي الذي نصبو اليه من أجل ترسيخ تجربتنا وثبات حقوقنا التي أنتهكت على مدار السنوات الثلاث عشر المنصرمة، ((لكن ماكل مايتمنى المرءُ يدركه))، فلا شك في تراكم معوقات النهوض ومثبطات النشاط وعراقيل المسيرة، فالنفوس المجبولة بالشر والتي إعتادت عليه طوال السنين الماضية والتي لا يهمها غير المصالح الشخصية والفئوية والحزبية والتي تخيم كالشبح الجاثم فوق آمالنا وتطلعاتنا في العيش بأرقى صورة وأمتع نموذج للديمقراطية وهي التي تحطُ من شأن هذه التجربة وتسىء لنا كشعب يتطلع للحرية والديمقراطية.
من المفزع والمخزي هو أن نرى العملية الانتخابية في العراق أصبحت تعتمد على نظرية الفيلسوف الأيطالي ((ميكافيلي)) القائمة على أساس مقولة ((الغاية تبرر الوسيلة)) وإستعمال الكثير من المرشحين والذين ينتمون الى الاحزاب الاسلامية المتنفذة المال لشراء الاصوات والذمم بأبخس الأثمان، مستغلين الوضع المزري للعوائل الفقيرة وذات الضائقة الاقتصادية والدخل المحدود، متناسين او غير مبالين بالنتائج الخطيرة لهذه العملية البشعة والتي ستترتب على الأجيال اللاحقة، وانها ستكون حجر الاساس للانحراف والفقر والجريمة وانها ستكون حفرة عميقة ستقع فيها الاجيال القادمة، حيث ان الذين يقبضون الاموال ثماً لاصواتهم او بالاحرى لضمائرهم لا ينتبهون الى ماسيؤول اليه مصيرهم ومصير ابنائهم وبالتالي مصير الشعب بأكمله حينما يتولى امرهم من ليس اهلاً لها، ويقررون قضايا مستقبلهم بعيون عمياء وايدي مكتوفة الاّ عن السرقة والنهب وجوارح مصفدة في أغلال الانتهازية والرجعية والحزبية.
انه لامرٌ عجيب ان تكون كل برامج المرشحين مليئة بالشعارات الطنانة والرنانة، التي تسهب في الحديث عن ضرورة القيام بعملية إصلاحية داخلية جذرية، وعن أهمية تصويب الاداء المالي والاداري وعن مكافحة الفساد الستشري في مؤسساتنا الوطنية، والمدهش ان كل البرامج تستفيض في الحديث عن قيم الفضيلة والاستقامة والنزاهة والشفافية وعن التضحيات والفداء والعطاء، لكننا نرى الامر مغاير على ارض الواقع، نرى ايدي بعض المرشحين تتحول الى اداة لترسيخ قيم اخرى رديئة وسلبية، ويتدخل المال ليمارس سطوته بابشع الصور، لترتفع وتيرة الانفاق المالي الضخم على اغراض الدعاية الانتخابية في ضل الوضع الاقتصادي الحرج الذي تعيشه الجماهير.
إن هذه الاساليب الرخيصة اسهمت وستسهم في افساد الضمائر الحية، وستعمل على تلويث الافكار وزراعة افكار رجعية وانتهازية. إن حالكم هذا مثير للشفقه والسخرية، لإنكم تحرقون سفنكم قبل المضي في عباب البحر، وتسلمون رقابكم واسلحتكم قبل اوان المعركة، فكنتم كما قال الشاعر: ومَن مَلَك البلاد بغير حربٍ يهون عليه تسليمُ البلادِ نعم، سيهون عليهم دمارُ البلاد لانهم تسلموا الدفة بدون وجه حق الا من التزوير والسرقة ولان هناك من يمول قيامهم بهذا الدور الوضيع ولانهم لا تحكمهم المُثُل التي تجعلهم قادة بحق لشعب افنى نصف تاريخه بالمجازر المجانية وحروب الوكالة. يجب علينا وضع حد لتجارتهم بالشعب والوطن، دعونا نطالب بإقامة حملة وطنية لمقاومة شراء الاصوات والذمم في الانتخابات المقبلة لانه بيع رخيص في دكاكين الاحزاب الحاكمة، كما يجب علينا هنا ممارسة رقابة حازمة على تلك الاحزاب وعلى مصادر تمويلها لانها بهذا ستكون اداة للفساد وليس للاصلاح والتغيير. |