المسيحية في القرون الأولى (2_1)

تدور حول المسيح العديد من الاطروحات بين من ينفي كونه شخصيه حقيقيه و انما شخصيه أسطوريه وليدة ديانات ميثرا و غيرها و بين من يعتقد انه نبي مرسل و من يعتقد ألوهيته
و في هذا المقال نحاول استيضاح نظرة المسحيين في القرون الاربعه الاولى لشخصية يسوع
إنّ الاعتقاد السائد لدى المسيحيين هو أنّ الكنيسة ابتدأت حياتها بالأحداث التي ذكرها العهد الجديد بعد قيامة المسيح ولا سيما في سفر أعمال الرسل رسائل بولس،
والكنيسة "اسم سرياني معناه (مجمع) أما الكلمة اليونانية المستعملة في العهد الجديد (اكليزيا) فإنّها تعني مجمع المواطنين في بلاد اليونان التي كانت الحكومة تدعوهم للتشريع أو لأمور أخرى، وقد استعمل الكتّاب الكلمة نفسها للدلالة على مجمع المؤمنين بالمسيح
ومع دخول غير المسيحيين إلى المسيحية بدأ الخلاف بين المسيحيين اليهود والمسيحيين الذين ينحدرون من أصول أخرى مختلفة، فإنّ المسيحيين اليهود كانوا مازالوا محافظين على القوانين اليهودية،كالقوانين المتعلقة بالأطعمة، فعندهم أكل لحم الخنزيروالدم محرم وبعض طرق تهيئة الطعام، وغيرها من القوانين القوانين، وعندما قبل بولس الوثنيين في المسيحية من دون قبولهم لقوانين اليهود اشتد الخلاف بينه وبين يهود أورشليم الذين اعتنقوا المسيحية، إلى أن تمّ حل هذه المعضلة بتسوية تسمى (مجمع أورشليم).

وقد حضرها جمع من الرسل، فيعقوب رئيس جماعة أورشليم من جهة، وبولس وبرنابا من جهة أخرى، وبطرس من جهة ثالثة، ودارت المناقشات حول تلك القوانين اليهودية وإلزامها على المسيحيين الجدد من الوثنيين كالختان وغيرها، واستطاع بولس فرض رأيه على المجمع وذلك بعدم فرض الشرائع اليهودية على المسيحيين الجدد بعد اليوم، وهكذا لم يعد الإيمان المسيحي مرتبطاً باليهودية، فلم يعد يفرض على كل من يريد اعتناق المسيحية قبول الشرائع والقوانين اليهوديه 
ويمكن القول أنّ في هذه الفترة ظهرت تعاليم مختلفة ومتنوعة،كانت نتيجة لعقيدتين هامتين ومتناقضتين ، وهما:

الأولى: عقيدة الذين يرون في شخص المسيح إنساناً وإنساناً فقط هو بن مريم، ولقد رفعه الله بسبب تقواه إلى درجة الكرامة، وهناك جماعتان حملتا هذا الاعتقاد

في القرن الأول، الأولى هي جماعة الابيونيين والثانية هم الناصريون، وكانت الجماعتان من أصل يهودي حاولوا المحافظة وبأي ثمن على معتقداتهم الطقسية واللاهوتية حتّى بعد إيمانهم بالمسيح والمسيحية، فظلّوا أمناء للختان وللامتناع عن الأطعمة المحرمة، ولأنّ شاغلهم الأكبر كان الحفاظ على التوحيد الكتابي، لم يروا في السيد المسيح إلاّ إنساناً تبنّاه الله يوم عماده و كان الخلاف بين الابيونيه و الناصره اعتقاد الاولى ان المسيح ولد بطريقه طبيعيه من زواج مريم و يوسف النجار بينما اعتقدت الناصره ان المسيح ولد بطريقه اعجازيه من العذراء مريم 
. انتشرت الأبيونية في أيام المسيحية الأولى خصوصا في أيام حكم الإمبراطور (تراجان – 52 117 بعد الميلاد).
نقل عن أوسابيوس (340 م) الملقب بأبي التاريخ الكنسي وهيرودس المسيحية قوله أن الانجيل حسب العبرانيين هو الأصح في نظر العبرانيين الذين آمنوا بالمسيح ويقول عن الأبيونيين أنهم كانوا يستخدمون فقط الانجيل المسمى بحسب العبرانيين وقلما يكترثون بغير
ويقول عن عقيدتهم: أنهم كانوا يحفظون السبت وسائر العادات اليهودية ويغارون على إقامة أحكام التوراة ويعتبرون أن الخلاص لا يقوم على الايمان بالمسيح وحده بل على إقامة شريعة موسى أيضا.

و في القرن الثالث و الرابع برزت الاريوسيه و كان بوادرها هي مقولات بولس السمساطي ـ: وهو أسقف أنطاكية بين سنة (260 ـ 268) وذلك في زمان الملكة زينب التدمرية، وكان بولس يؤكد على وحدانية الله، واللوغوس والحكمة هما عبارة عن صفتين وليسا أقنومين، ويعتقد بأنّ الروح القدس هو الذي كان يعمل في الأنبياء ويرشدهم، وهو الذي كان يعمل في المسيح أيضاً، فيسوع المسيح نبي كباقي الأنبياء، ومع كونه أعظم منهم ولكنه إنسان، ومريم العذراء لم تحمل اللوغوس في أحشائها بل يسوع البشري، فقد أنكر لاهوت المسيح وأعلن قوله بصراحة من أنّ المسيح "مخلوق" 
ثم كانت الاريوسيه التي انتشرت في الدوله البيزنطيه
وسعى آريوس إلى صون امتيازات الله الواحد الوحيد الذي لا ابتداء له، فأكد على وحدانية الأب وتخفيض منزلة الابن والروح القدس، فأعلن جهاراً بأنّ المسيح لم يكن إلهاً، بل هو كائن وسط بين الله والإنسان، خلق منذ البدء ولكنه ليس من جوهر الله، ولم يكن أزلياً، وقد نظّم آريوس آراءه في قصائد شعرية، وأناشيد وأغان رائعة، يوضح فيها العلاقة بين الأب والابن، ويمكن تلخيص تعاليم آريوس بالنقاط التالية
1 ـ أنّ الله إله واحد غير مولود، أزلي، أما الابن فهو ليس أزلياً، إذ أنه وجد وقت ما لم يكن الابن موجوداً فيه، ومع أنّ وجود الابن سبق خلق العالم، ولكنه ليس أزلياً.
2 ـ إنّ هذا الابن غير الأزلي وغير المولود من جوهر الأب خرج من العدم مثل كل الخلائق الأخرى بحسب قصد الله ومشيئته.
3 ـ أنّ المسيح ليس إلهاً ولا يملك الصفات الإلهية: كلي العلم، كلي القدرة، عديم التغير... الخ.
4 ـ أنّ معرفة الابن محدودة وليست مطلقة، ولا يستطيع أن يعلن لنا الأب بطريقة كاملة (أي الإعلان وكشف حقيقة ذات الله).
5 ـ الابن مخلوق مثل كل الخلائق، متغير، غير أزلي، وقد كان حراً أن يظل صالحاً كما خرج من بين يدي الله أو أن يرتد إلى الشر مثل الشيطان، على أنّ الله قد قرر بأن يسلك الابن في طريق الصلاح، ولهذا فقد منحه مجداً إلهياً، وهذا المجد رفعه فوق كل الخلائق 
6_أن الله واحد، سماه: آبا، وأن المسيح كلمة الله وابنه على طريق الاصطفاء؛ وهو مخلوق قبل خلق العالم، وأن المسيح هو خالق الأشياء ... 
وعلى الرغم من اعتبار آريوس هرطوقا في مجمع نيقية الذي عقده الإمبراطور قسطنطين وعلى الرغم من إدانته قبلها في مجمع محلي عقد بالإسكندرية عام 316 ومجمع محلي آخر عقد في أنطاكية عام 320 وعلى الرغم من قيام مجمع القسطنطينية الأول بوضع حرم نهائي في عام 381 على أي شكل من أشكال الأريوسية، إلا أنه توالى أباطرة أريوسيون على عرش الإمبراطورية البيزنطية خلال الفترة من 325 إلى 381 بعد الميلاد، إذ إن كلا من قسطنطين الثاني وفالنس كانوا آريوسيين أو شبه آريوسيين.
وعلى الرغم من أنّ الآريوسية في أعقاب مجمع القسطنطينية الأول قد انقرضت من الشرق، فإنها ظلت في الغرب خصوصًا في ألمانيا وبعض مناطق البلقان بنتيجة فرضها من قبل ملوك القوط الشرقيين على القبائل الواقعة تحت حكمهم، ولم تندمج في بنية الكنيسة الكاثوليكية الرومانية إلا تدريجيًا وبحلول القرن الثامن.
أطلق على الآريوسية في كتابات آباء الكنيسة عمومًا مصطلح العدميين لأن إيمانهم بالثالوث الأقدس احتوى على عقيدة خلق الابن من العدم أي أن يسوع والذي هو الأقنوم الثاني وكذلك الروح القدس قد خلقا من العدم بإرادة الآب، بمعنى وجود فاصل زمني بين وجود الآب ووجود الابن والروح القدس.

الجماعه الثانيه هي الجماعات التي تعتقد ب ألوهية المسيح
و كانت بين تلك الجماعه خلافات متعدده
الاتجاه الغنوصي المسيحي _ هي حركة مسيحية وكان أتباعها يخلطون بين الفكر الإغريقي – الهيلينتسي – والمصري القديم مع التقاليد الكلدانية والبابلية والفارسية (خاصة الزردشتية التي أسسها الحكيم الفارسي ذردشت (630-553 ق م) وكذلك اليهودية ، خاصة فكر جماعة الأثينيين (الأتقياء) وما جاء في كتابهم ” الحرب بين أبناء النور وأبناء الظلام ” ، والفلسفات والأسرار والديانات الثيوصوفية. وذلك إلى جانب ما سمي بالأفلاطونية الحديثة ، التي كانت منتشرة في دول حوض البحر المتوسط في القرن الأول . بل ويرى بعض العلماء أن كل أصول الغنوصية موجودة عند أفلاطون
و كانت تعتقد بان المسيح أنبثق من الاب مثل العديد من الايونات التي أنبثقت منه الا ان المسيح أعظمها و هو أزلي لانبثاقه من الذات الازليه و أعتقدوا ان المسيح ظهر في صورة بشر كما سميت أيضا بالدوسيتية (Docetism) ، والتي تعني في اليونانية ” Doketai ” ، من التعبير ” dokesis ” و ” dokeo ” والذي يعني ” يبدو ” ، ” يظهر ” ، ” يُرى ” ، وتعني الخياليه . فقد آمنوا أن المسيح كان مجرد خيال وشبح ( ، وأنه أحد الآلهة العلوية وقد نزل على الأرض في جسد خيالي وليس فيزيائي ، مادي ، حقيقي ، أنه روح إلهي ليس له لحم ولا دم ولا عظام ، لأنه لم يكن من الممكن ، من وجهة نظرهم ، أن يتخذ جسدا من المادة التي هي شر في نظرهم ! لذا قالوا أنه نزل في صورة وشبه إنسان وهيئة بشر دون أن يكون كذلك ، جاء في شكل إنسان دون أن يكون له مكونات الإنسان من لحم ودم وعظام ، جاء في ” شبه جسد ” و ” هيئة الإنسان ” ، وقالوا أنه لم يكن يجوع أو يعطش أو ينام ، ولم يكن في حاجة للأكل أو الشرب وأنه كان يأكل ويشرب وينام متظاهرا بذلك تحت هيئة بشرية غير حقيقية . وشبهوا جسده بالنور أو شعاع الشمس ، فأن النور وشعاع الشمس يمكن لهما أن يخترقا لوحا من الزجاج دون أن يكسرا هذا اللوح ” . كان مجرد خيال
وقالوا أن المسيح لم يتخذ جسداً إنسانياً حقيقياً بل أتخذ هيئة الجسد ، مظهر الجسد وهيئة الإنسان لأنه لا يمكن أن يأخذ جسد من المادة التي هي شر بحسب اعتقاده ! أتخذ جسدا سمائيا وأثيريا ، وهو ، حسب قوله لم يولد من العذراء ولكن جسده الهوائي مر من خلال جسدها العذراوي. ونتيجة لاعتقادهم بأن المسيح كان مجرد شبح وخيال وأنه ظهر على الأرض في شكل وهيئة ومظهر الإنسان ولكنه في حقيقته هو روح وخيال ، ظهر في مظهر الإنسان دون أن يكون إنسانا ! جاء في شبه جسد ولكنه لم يتخذ الجسد بل كان شبح وروح وخيال في شكل جسد !! فلما وُضع على الصليب ليصلب بدا لهم وكأنه يصلب ولكن لأنه شبح وروح وخيال فقد ظهر في مظهر وهيئة وشكل الذي يصلب ولكن في الحقيقة لم يصلب بل شبُّه لهم أنه يصلب !! بدا لهم معلقاً على الصليب ولكنه في الحقيقة غير ذلك !! بدا لهم يسفك الدم وينزف أمامهم ولكن لأنه شبح وروح وخيال وليس له لحم ولا دم ولا عظام ، فقد كان يبدو هكذا لهم مظهريا فقط ، شبُّه لهم !! ظهر وكأنه مات على الصليب وهو الإله الذي لا يموت !!
و قالوا في الكتاب الذي أسموه ” أعمال يوحنا “(27) والذي يرجع إلى القرن الثاني الميلادي ، في عبارات صوفية غامضة جداً (أن المسيح تألم دون أن يتألم وصلب دون أن يصلب وطعن بالحربة دون أن يسيل منه دماً وماء ، علق على صليب من خشب وصليب من نور في آن واحد ، كان على الصليب بين الجموع المحتشدة وفي نفس الوقت مع يوحنا على الجبل)
كما كان كرينثوس ينتمي للغنوصيه وقال بصلب يسوع الإنسان دون المسيح الإله : وقال كيرنثوس الذي كان معاصرا للقديس يوحنا الإنجيلي ، والذي يقول عنه القديس إريناؤس أنه كان متعلما بحكمة المصريين ” أن العالم لم يخلقه الإله السامي ، ولكن خلقته قوة معينة منفصلة بعيدا عنه وعلى مسافة من هذا المبدأ الذي هو سامي على الكون ومجهول من الذي فوق الكل . وقال أن يسوع لم يولد من عذراء ، وإنما ولد كابن طبيعي ليوسف ومريم بحسب ناموس الميلاد البشري وقال أنه كان أبر وأحكم وأسمى من البشر الآخرين ، وعند معموديته نزل عليه المسيح (الإله) من فوق من الحاكم السامي ونادى بالآب غير المعروف وصنع معجزات . ثم رحل المسيح (الإله) أخيرا من يسوع وتألم وقام ثانية ، بينما ظل المسيح (الإله) غير قابل للألم لأنه كان كائنا روحيا 

الاتجاه الثاني _الاشكاليه و كان مؤسسها سابيليوس و كانت تعتقد بأقنوم واحد فقط اعتقد سابليوس بأن الله هو أقنوم واحد وليس ثلاثة أقانيم، أي أقنوم واحد بثلاثة أسماء. وأن هذا الأقنوم حينما خلقنا فهو الآب، وحينما خلّصنا فهو الابن، وحينما قدسنا فهو الروح القدس. ولذلك نحن لا نميل إلى عبارة: "الآب خالقنا، والابن مخلّصنا، والروح القدس مقدّسنا" و انه هذا أقنوم اتخذ اشكالا متعدده 
وتتلخص تعاليم سابيليوس فيما يلي:
الله الأزلي الذي خلق العالم وكل ما فيه خرج عن صمته وعن راحته بخلق هذا العالم، وعندما خلقه أصبح الله الآب.
عند التجسد، فالله نفسه، نفس الشخص والجوهر هو الذي تجسّد في الإنسان يسوع الناصري أي أن الإله الذي تجسّد في يسوع الناصري ليس الابن أو اللوغوس بل هو الله نفسه، أي أن الآب أصبح ابناً وهو الذي صُلب وتألم ومات.
بعد الصعود، فالروح الذي حلّ على التلاميذ يوم الخمسين هو نفس الشخص الذي كان يعمل في العهد القديم، وهو نفسه الذي صار ابناً.
أي أن الآب والابن والروح القدس هم طرق أعلن بها الأقنوم الواحد عن ذاته. فكان الآب قبل التجسد، وأظهر نفسه -الآب-كابن منذ التجسد إلى الصعود، فالروح القدس فيما بعد الصعود.
مما سبق يمكن تلخيص معتقده أنه يؤمن بوجود إله قام بأدوار ثلاثة في ثلاث حقب مختلفة من الزمن. لاقى تفسير سابيليوس رواجاً عظيماً حتى أطلق كثيرون عليه الانتحالية السابلينية، وقد اقتنع بفكره الكثير من معلمي الكنيسة لسهولتها وعدم تعقيدها.

انتشرت عقيدة سابيليوس في روما ومصر، وأول من اعتنق عقيدة نوئيتوس وسابيليوس هو زفيرينوس أسقف رومية وكاليستوس خليفته، وساعدا على نشر معتقدهما حتى انتشرت تلك العقيدة وعمَّت أنحاء الغرب. غير أن كاليستوس سام أساقفة وقسوسًا وشمامسة من الذين تزوّجوا ثانية وثالثة، ثم أباح العماد لمغفرة الخطايا وادّعى بأن الأسقف لا يُقطَع من الكهنوت مهما ارتكب من الآثام. ولما لم يوافقه سابيليوس على ذلك حرمه، فجاء إلى مصر سنة 257 بعد الميلاد.
الاتجاه الثالث و الذي كان اكثر انتشارا _ عقيدة التبعيه و التي تعتقد بأن الاقانيم الثلاثه هي ثلاثة أشخاص متمايزه عن بعضها كما أنها ليست متساويه .فالاب اعظم من الابن و الابن أعظم من الروح القدس و هذه العقيده تعد في نظر الكنيسه حاليا هي شرك لانها يبدو من خلالها تعدد الالهه و ليس ان الاقانيم هي متحده و متساويه قي ذات واحده
فعقيدة ترتوليان أما أفكاره الكرستولوجية فإنّ أهم تلك التعليمات هي وصفه لعقيدة الكلمة (اللوغوس) ومتى وكيف ظهر، فقد استعمل كلمة (حكمة sagesse) عند التكلم عن الكلمة، والحكمة والكلمة صفتان يوصف بهما الاقنوم الثاني، إلاّ أنّه يميز بين الميلاد الأول لهذا الاقنوم (الحكمة) الذي كان قبل الخليقة، وبين الميلاد الكامل في لحظة الخليقة عندما نطق الله هذا اللوغوس وأصبح الكلمة، "فاللوغوس كان ساكناً في الله كحكمة وكفكر، ولكن عند عملية الخلق خرج هذا اللوغوس (الحكمة) وظهر وانبثق من الله لكي يعمل معه في خلق العالم، وبعملية الخروج أو الانبثاق أصبح الله أباً وأصبح اللوغوس المنبثق منه ابناً، فهو الابن البكر لأنّه ولد قبل كل الخليقة، بل إنّه الابن الوحيد، لأنّه الوحيد الذي ولد من الله"(1).

وهو يؤمن ويدافع عن مسألة التابعية أو أولوية الأب على الابن، وتعتبر الكنيسة هذا النوع من التعاليم المسماة بالتابعية ( subordinatianisme) شرك، إذ أنّه يقول بأنّ "خروج الابن من الأب يشبه تماماً خروج شعاع الشمس من الشمس، فالشعاع هو ابن الشمس، والمصدر هو الأب لما ولد منه، وبما أنّ الابن خارج من الأب ومولود منه فهو خاضع له، وهو جزء من الأب ولكن دون أن يتجزأ الأب، فالجوهر للاهوت هو الله، والابن خارج من هذا الجوهر
ويعتبر ترتوليان أول من استعمل في الحديث عن الله لفظي "الثالوث" و "الأقنوم" في اللغة اللاتينية وفي معرض شرحه لمفهوم الوحدة في الثالوث، يقول: "إنّ الله الأب يظل سيداً للكون ويحتفظ بهذا السلطان، ومع احتفاظه بهذا السلطان فقد منحه للابن لكي ينفذ به ما يريده الأب عن طريق روح القدس، وبذلك فقد أعطى المكانة الأولى في التثليث للأب والثانية للابن والثالثة للروح القدس
و كذلك كانت عقيدة اوريجانيوس
كان هناك رفض لعقيدة التبعيه و التي يترتب عليها اعتبار الثالوث الهه متعدده أكثر من كونها أقانيم لاله واحد و كان هناك ايضا اصرار على الفصل و التمييز بين الاب و الابن و الروح القدس باعتبارهم أشخاص مختلفين عن بعض و ليس مجرد اسماء لاقنوم واحد

ثم كان الا متزاج بين عقيدة سابليوس (الاشكاليه) و عقيدة التبعيه لتنشا عقيدة ان الاقانيم الثلاثه مختلفه عن بعضها الا انها متساويه في الجوهر و متحده في ذات واحد بمثابة الروح و العقل و الجسد للانسان و ايضا رفض الفكر الغنوصي الذي اعتبر المسيح لاهوت فقط و أنكر تجسده و ناسوته
كما اتّضح آنفاً فإنّ الكنيسة وحتّى نهاية القرن الرابع الميلادي استطاعت من تثبيت التعاليم والعقائد الخاصة في حقيقة يسوع المسيح، أي كونه إلهاً وإنساناً في آن واحد، ولكن مع نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس الميلادي ظهرت مشاكل عقائدية كرستولوجية جديدة في تأريخ الفكر المسيحي، مثل مشكلة الاتحاد، فما أن قُبلت المساواة بين الأب والابن والروح القدس حتّى بدأ التساؤل: كيف يمكن فهم الاتحاد بين لاهوت الكلمة وناسوت يسوع؟ فكلمة الله أبدية، في حين أنّ يسوع وُلد وتألم ومات؟.
فإنّ الأساقفة وآباء الكنيسة لم يتنازعوا على مشكلة وجود اللاهوت في الناسوت في هذه الفترة، بل أنّ النزاع العقائدي الكرستولوجي بدأ يدور حول كيفية فهم عملية اتحاد الطبيعتين في يسوع المسيح، فكيف يمكن أن يكون ابن الله وابن الإنسان في آن واحد؟ وكيف تمت عملية الاتحاد؟ والسؤال الأهم: هل توجد طبيعتان أم طبيعة واحدة في شخص المسيح؟
المقال الثاني سيتطرق لهذه النقاط و الاختلافات حولها و التي بدات منذ القرن الخامس الميلادي