الملك عبد الله الثاني يُلوح بالطائفية مجدداً

 

التدخلات الخارجية، من قبل الدول العربية أو الأجنبية، في شؤون العراق، كانت وما زالت تؤثر في الوضع العراقي الداخلي، سواء السياسي أو الأمني، آخر هذه التدخلات السلبية، كانت من قبل الملك الأردني عبد الله الثاني، وهو يعزف من جديد، على وتر الطائفية والمذهبية.

يُرجع الملك الأردني، المشكلة في العراق؛ إلى غياب دور السنة فيه، وبين ذلك بحديثه لأحدى قنوات التلفزيون الأميركية، إذ يقول: "ما زلت أؤمن بأن المشكلة الأبرز فيها -أي العراق- أن هناك دوراً للأكراد، وبحكم الواقع دوراً رئيساً للشيعة، أما ما لم يتم تأطيره بعد فهو دور للسُنة، وهم لا يشعرون بأن لديهم مستقبلاً سياسياً وبالتالي فقدوا الأمل، وما بدأنا نراه نتيجة لذلك، هو ظهور تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" .

حديث الملك هذا بعيد عن الواقعية، إذ أن السنة كغيرهم، ممثلين في أرفع مناصب الدولة العراقية، كمنصب رئيس البرلمان، ونائب رئيس الجمهورية، ونائب رئيس الوزراء، ووزير الدفاع، وعدد كبير من الوزراء والمناصب العليا الأخرى، إضافة إلى أن قيادة البلاد، وحجم التمثيل، تحدده الانتخابات، وهم مشاركون فيها حالهم حال بقية أبناء الشعب العراقي.

الملك عبد الله لايرى قمع حلفاءه في الخليج لشعوبهم، وخاصة قمعهم للشيعة، وحرمانهم من حقهم في المشاركة في حكم بلادهم، بل يقف مع السلطة ضد أغلبية الشعب البحريني، الذي تحكمه عائلة ملكية طائفية، بحماية أمريكية وسعودية، ولايرى تهميش الشيعة، وملاحقة شيوخهم وقادتهم في السعودية، ومنعهم من إبداء رأيهم وممارسة طقوسهم، ومعاملتهم مواطنون من الدرجة الثانية في وطنهم! ولايرى المجازر التي ترتكب بحق الشيعة منذ سنوات.

إضافة إلى أن هذا الملك الأردني، يؤيد ويدافع عن العدوان الخليجي، على الشعب اليمني الفقير، الذي استبيحت دماء أبناءه؛ بسبب طغيان أمراء بترول الخليج، وتغاضي المجتمع الدولي عن جرائمهم، إذا كان هذا الملك، يدافع عن سنة العراق حسب زعمه؛ فلماذا لايدافع عن الفلسطينيين الذين غصبت أرضهم، وتم تهجيرهم وطردهم منها؟

هذه التصريحات الطائفية، تستهدف الدولة العراقية، التي أوشكت أن تقضي على عصابات "داعش" فهي تهدف لخلق صراع طائفي جديد، كما خلقته تصريحاته السابقة في العام 2004، عندما قال أن حكم العراق من قبل الشيعة، يؤدي لتكوين "الهلال الشيعي"  الذي يشكل خطراً على مصالح الدول في المنطقة، حسب وصفه.

الأردن صَدرت الإرهابي "أبو مصعب الزرقاوي" للعراق، فقد تم قتل آلاف من العراقيين، بالسيارات المفخخة، والعبوات الناسفة، التي كانت تقف ورائها القاعدة وهو أميرها في العراق، ومن ثم سمحت بعقد المؤتمرات للإرهابيين، والمطلوبين للشعب العراقي في أراضيها، رغم كل الدعم الذي تقدمه الحكومة العراقية للأردن، وخاصة في مجال تخفيض سعر النفط المصدر إليها.

الأردن والسعودية ودول الخليج، لاتريد للعراق أن يستعيد عافيته، أو بالأحرى لاتريد للشيعة أن ينجحوا في قيادة بلدانهم، فذلك يشكل خطراً على مصالحهم، وهذا ماقاله الملك الأردني من قَبل، فهم دائماً ما يعزفون على الوتر الطائفي، لاستغفال شعوبهم به، وهنا يجب على الحكومة العراقية، أن تدافع عن سيادتها وهيبتها، أمام كل تدخل في شؤونها الداخلية، وإلا فان هذه التدخلات لن تنتهي.