العراق: زهرة النيل تفضح اليونسكو

 

صوتت لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) يوم الاحد 17 تموز 2016، على ادراج اربعة من الاهوار العراقية على لائحة التراث العالمي، وسرعان ما توالت التبريكات والتهاني بعد القرار الذي عده البعض منجزاً ونجاحاً كبيراً للعراق، وكَتب الكثير في مواقع التواصل الاجتماعي عن اهمية ذلك القرار وفوائده المرجوة للعراق، ومن بين اغلب الفوائد التي اتفق الغالبية على تداولها هي: (( ان العراق بعد هذا القرار اصبح بلد سياحي ولا يستطيع اي حكم ان يجفف الاهوار، وغير مسموح لأي دولة من دول الجوار قطع المياه عن العراق لأنها خاضعة للرقابة العالمية، الاهوار لم تعد شأناً داخليا ولا يحق لأحد قصفها، باتت منطقة محرمة لا يجوز الحرب فيها، لا يجوز تجفيفها وقطع المياه عنها، لا يجوز تغيير معالمها الاثرية والتراثية، الأمم المتحدة مسؤولة عن توفير حماية كاملة لها.)) فعمت البلاد فرحة شعبية عارمة.

لكن ولأن ليس في العراق من فرحة مكتملة فبعد اقل من شهرين فقط انشغل الرأي العام العراقي بكارثة بيئية واقتصادية تهدد التنوع الاحيائي في اهوار العراق وانهاره، الا وهي كارثة نبتة زهرة النيل التي سرعان ما ذهبت بفرحة ادراج الاهوار على لائحة التراث العالمي.

ونبات زهرة النيل باختصار هو نبات مائي المعيشة بصورة طافية على المسطحات المائية له اضرار كبيرة منها: استهلاكه كميات كبيرة من المياه، اعاقة حركة الملاحة ويشكل ضغطا على الجسور العائمة، ويستهلك الاوكسجين المذاب في الماء مما يهدد حياة الاسماك، يحجب وصول ضوء الشمس الى الاحياء الاخرى التي تعيش في الماء وبالتالي الاضرار بالنظام البيئي والغذائي.

انتشرت هذه النبتة في العراق مؤخرا وسيما في الوسط والجنوب وبدأت تنمو في الاهوار فشكلت تهديداً بيئياً واقتصادياً ينبغي التصدي له والسعي لمعالجته فنظمت حملات تطوعية ورسمية لمكافحة ذلك الخطر.

الغريب في الأمر ان منظمة اليونسكو التي صوتت على ادراج الاهوار على لائحة تراثها العالمي لم تحرك ساكناً ازاء هذه الكارثة البيئية الداخلية ولم تسعى لمكافحتها وحماية التنوع الاحيائي من خطرها، بالرغم من ان هذه الكارثة تعد من صميم اختصاص عمل المنظمة؛ إذ يمكنها تقديم معونات ومساعدات للعراق من خلال برنامج الامم المتحدة الإنمائي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، اي يمكنها ان قدم مساعدات للعراق لحماية بيئة الاهوار وتنميتها وتطويرها إلا انها لم تفعل ذلك .

ولعل ما نستخلصه نحن العراقيين هو ان كارثة زهرة النيل كانت بمثابة اختبار حقيقي لفوائد ادراج الاهوار على لائحة التراث العالمي، فهه الكارثة وضعت اليونسكو على المحك ولكنها لم تقدم شيئاً رغم كونها كارثة بيئية داخلية، الأمر الذي يدفعنا الى اعادة التفكير ملياً في فوائد ضم الاهوار إلى لائحة التراث العالمي والتي ذكرت سابقاً، وإعادة تمحيصها وتدقيقها، فالمنظمة التي تعجز عن مساعدة العراق في مواجهة كارثة زهرة النيل هل سيمكنها فعلاً منع دول الجوار من قطع المياه ن الاهوار ؟ وهل يمكن لليونسكو فعلاً من اقامة حرب في الاهوار ومنع قصفها ؟؟

أنا شخصياً ارجح عدم قدرة اليونسكو على حماية الاهوار ومنع قصفها واقامة حرب فيها، ومنع دول الجوار من قطع المياه عنها، ومع ذلك ستتمكن اليونسكو من حماية الاهوار من السياسات الحكومية فقط فستلزم الحكومات العراقية المتعاقبة بعدم تجفيف الاهوار وعدم تغيير معالمها الاثرية والتراثية، حتى وان كان التجفيف لغرض التنقيب عن النفط سيما وان بعض الدراسات ترجع عوم الاهوار على خزين نفطي هائل لن يتمكن العراق من التنقيب عنه واستخراجه مستقبلاً بسبب معارضة اليونسكو التي تعد الاهوار تراث عالمي وتتكفل بحمايتها وحماية التنوع البيئي والاحيائي فيها ..  بينما زهرة النيل شأن داخلي كشف حقيقة اليونسكو ..