عاد الخطر من جديد يتربص بالعراقيين بعد انتهاء مائة عام على اتفاقية سايكس بيكو تلك الاتفاقية الخبيثة التي هي نتاج عمل حثيث ومؤامرات اعدت منذ زمن طويل لتفتيت الشعب العربي وجعله دول وطوائف متناحرة .. عاد الخطر من جديد بعد ان اخرج جو بايدن من الادراج السرية ملفات المشروع سيء الصيت ليبدأ تطبيقها بصيغة اكثر لؤما لتقسيم المقسم الى اجزاء على اسس عرقية ومذهبية متناحرة .. ويبدو ان مشروع تقسيم منطقة الشرق الاوسط عموما وتقسيم العراق خصوصا الى اقاليم قد خرج من الادراج السرية الى العلن ويبدو ان الكلام الذي كان يدور ب " الهمس " وفي المطابخ السرية صار اليوم يقال علنا .. ومن هنا ركز الامريكان بالعزف على الوتر الطائفي ومحاولات اثارة الفتنة في العراق بوصفها اسهل الطرق لتمزيق النسيج الاجتماعي العراقي وتمزيق وحدة الصف وانهاء اللحمة الوطنية.. وهذا ما ينطبق عليه شعار (ابو ناجي) ايام زمن الاستعمار الانكليزي للعراق والقائل “فرّق تسدّ”..هذا الشعار الذي اطلقه " ابو ناجي " عاد للتطبيق من جديد لكن باسلوب اكثر خبثا ووضاعة من الاساليب الماضية بعد ايجاد القاعدة العريضة له داخل مطبخ السياسة العراقية خاصة مع وجود رغبة جامحة لدى عدد من السياسيين لاقامة الاقاليم وهذا مايظهر جليا فيما نسمعه من تصريحات وتلميحات .. اما ما نسمعه من كلام عن الوحدة الوطنية فانه مجرد ذر الرماد في العيون وضحك على ذقون العباد .. لقد بات العراق اليوم كعكة تنهش فيها السكاكين تقطيعا وتمزيقا الكل يسعى الى التهام جزء من هذه الكعكة المطعمة بالجوز واللوز وانواع الكريمات .. لقد باتت هذه الكعكة وبما تحتويه من مطيبات هدفا لتجزئتها والتهام مطيباتها بعملية لاتخلو من فوضى اشبه ما تكون بفوضى " الحواسم " .. وقد اسهم في تحفيز الطامعين لالتهامها حكومة ضعيفة لاتقوى على غرس السكين في خاصرة الطامعين وهذا الضعف حفز البعض من اشباه الرجال لسحب سكاكينهم وغرسها في الجسد العراقي لتمزيقه الى اشلاء واجزاء من خلال مطاليب تافهة لاترضي العقل ولا الضمير .. اصوات تنبح من هنا وهناك تطالب بتقسيم العراق الى اقاليم وفق التوزيع الديموغرافي للسكان بحسب دياناتهم وطوائفهم وقومياتهم واخرها الدعوات لتقسيم محافظة نينوى الى مجموعة اقاليم بعد تحريرها من عصابات داعش .. متصورين ان العراق كعكة قابلة للتقسيم ليتم التهامها وفق انتمائاتهم القومية والمذهبية .. هذه الدعوات لم تاتِ من فراغ انما جاءت وفق مخطط مرسوم لتقسيم المقسم الى اجزاء او اشلاء صغيرة .. والطامة الكبرى ان هذه الدعوات تصدر عادة من اشخاص حكوميين يؤمنون في الواقع بعكس مايقولون .. ليس حبا بالطائفة او القومية التي ينتمون اليها بقدر تكالبهم لتقسيم الكعكة والتهام ما يمكن التهامه من مناصب ومكاسب .. وحتما ان نداءاتهم بتقسيم العراق الى اقاليم لم تأتِ من فراغ بقدر ما جاءت وفق اجندات خارجية تسعى الى تمزيق الجسد العراقي الواحد الى اجزاء متناثرة وجعل شعبه مِلل متناحرة ينهش بعضها البعض .. وحتما ستكون لهذه الاقاليم قيادات واتباع ومريدون يسبحون بحمد المكاسب التي يجنونها من الاقاليم التي تضم جماعات فئوية او قومية او دينية هزيلة.. هذه الاقاليم ستدخل شِئنا ام أبينا في صراعات داخلية فيما بينها لتوسيع نفوذها على مساحات اكبر وفق مصطلح " المناطق المتنازع عليها " وما اكثرها .. وهذه الصراعات ستتطور لتكون صراعات دموية قد تسفر بالنتيجة الى دخول الاقاليم في حرب اهلية لها اول وليس لها اخر.. اضافة الى سعي المسؤولين فيها الى تصفية حسابات قديمة للاستحواذ على الثروات تكون نتائجها مزيدا من سفك الدماء .. ومن المحتمل بعد تعميم التجربة بروز طموحات اخرى لدى شخصيات سياسية وسطية لاقامة اقاليم داخل الاقليم الواحد وليس مستغربا ان نسمع يوما اقامة اقليم الاعظمية واقليم الفضل واقليم الراشدية واقليم الزعفرانية واقليم ابي صيدا او الفلوجة والعوجة وووو .. عندها يصبح العراق عبارة عن " صندوك الولايات " يضم مئات الرؤساء من اصحاب المعالي والسيادة والفخامة والجهامة وطول وقصر القامة ويضم مئات الرايات والاناشيد الوطنية ويصبح الكل قادة واصحاب سيادة ويصبح خوشناو وعبد الزهرة وصليوه وسرمد وووو رؤساء اقاليم الواق واق وتتوسع علاقاتهم الخارجية لدعم توجهاتهم الداخلية وتبدأ التحالفات باتجاه رص الصفوف لقتل وذبح الموصوف والنقر على الدفوف .. والكل يعمل تحت شعار " اختلاط الحابل بالنابل الطريق السليم لبناء العراق " ولن تبقى هناك موازنة مالية ولا خطط استثمارية ولا مخصصات دفاعية فالكل راعي والكل مسؤول عن رعيته وستبرز خبرات وقدرات وامكانيات خلاقة في مجال بناء اقتصاد مزدهر حيث سيتخصص كل اقليم بزراعة نوع محدد من المزروعات لسد حاجة السوق فاقليم سامراء سيتخصص بزراعة الرقي واقليم ابي صيدا بزراعة الرمان واقليم طويريج بزراعة التمر اضافة الى تطور الصناعة حيث سيتخصص اقليم عينكاوة بصناعة عرق المستكي واقليم سنجار بصناعة انواع الكباب واقليم شهربان بصناعة عصير الرمان واقليم عفج بصناعة الشحاطات انعكاسا ورد اعتبار لما لحق بهم من غبن تاريخي بعد اتهامهم بانهم حفاة وفق المثل الدارج " قيًم الركاع من ديرة عفج " اما الصناعات الثقيلة فحدث بلا حرج فستكون من اختصاص حكومة المركز التي سيكون مقرها المنطقة الخضراء بعد تقسيم بغداد الى 99 اقليم .. عندها سيعلن العراق بانه الدولة الوحيدة في العالم التي تتمتع بالاكتفاء الذاتي.. اما حصة النفط فسيتم الاتفاق على توزيع وارداته على الاقاليم وفق برنامج اقتصادي متكامل يعطي كل ذي حق حقه " تنكه الك و تنكه الي " على ان توزع وفق طبيعة مستوى حرارة الجو .. وفي ضوء هذا التوزيع سيصبح العراق عبارة عن كعكة كبيرة مقطعة الاوصال قابلة للالتهام .. وكان الله في عون العراق والعراقيين .
|