العدالة بوابة النهضة
تتطلب عملية البناء في أي زمان ومكان إلي إقتناع مجتمعي بنبل الهدف،  ومن  ثم  ترجمة هذا الإقتناع   إلي مجهود شاق يتمثل في تفعيل عنصر العمل لخلق فائض الثروة، ومن ثم الرخاء.
الصعوبة أن تحدث اللُحمة الوطنية  دون العدالة  في التوزيع،  لأن  الجماهير من الناحية العملية لن تقبل  بفكرة  العطاء وهي  مستنزفة ومسحوقة بالظلم. 
ويؤكد لنا  التاريخ أن البشر لن يقبلوا أن يتجرع الفقراء وحدهم مرارة الصبر؛ في حين أن هناك فئة  تسبح فوق نهر العسل تغترف منه  كيفما تشاء، لتستمد الترف والبذخ من أعمار المعدمين  بلا عقاب.
  فخطورة التمييز الطبقي تكمن  في كونه حائلا أمام برامج التنمية، فهو من جهة يدلل الأقلية علي حساب حقوق الأغلبية المطلقة، ومن جهة آخري أن الناس  أذا شعرت بأن مقدرات البلاد تتجه نحو فئة  بعينها؛ يفقدون الثقة في فكرة الوطن؛ أذا بخل عليهم بالعطاء.  ولذا يموت الأمل في المستقبل؛ لأنهم يعلمون مسبقًا أن ثمرة جهودهم سوف تذهب هباءًا إلي من لا يستحق.
قيمة العدالة في أنها تألف بين قلوب البشر، فيشعر الجميع بأنهم شركاء في الوطن، وهذا الإحساس هو العدة اللازمة في عمليات البناء.
المساواة الحقيقية كفيلة بأن تدفع الشعوب إلي بذل الأرواح بسخاء من أجل النهضة دون إنتظار المقابل.
أما غياب العدل؛ فينمي الحقد في نفس الفرد، لأنه يدرك أن وطنه قد سرق من قبل بعض الفاسدين،  فيجنح  نحو اللامبالاة ، ويتحول نحو السلبية المدمرة يأسًا من تحسن الحال، ولا يزعجه تدمير البلاد   أو أحتلالها  ظنًا منه أنه بذلك يحرم الباغي من التمتع بجريمته.

 

إن إدراك تلك الحقيقة  بصفة عامة هو الفيصل بين النجاح والفشل. ولم ينهض العالم الغربي إلا بتطبيق مبدأ تكافئ الفرص، دون تمييز، لأن النهضة لا تتحقق إلا بإزاحة كل الأسباب التي تعرقل فكرة العدالة، ومتي يتحقق ذلك بالشرق الأوسط سوف ينهض كل العرب.