وعد بلفور في الاعادة افادة
بدأ وعد بلفور كفكرة راودت اليهود بدأت فصولها تبرز في مؤتمر بازل سنة 1897م وعملت بكل ما أوتيت من مكر وخديعة لأخذ تعهد من الدول الاستعمارية الكبرى لتحقيق مرادها وأهدافها في اغتصاب فلسطين وتشكيل بؤرة استيطان لم يبلغ مدى أضراره وطننا العربي بل بلغ حره حتى من مهّد له الطريق وبدأ يحس بفظاعة ما اكتسبت يداه ، بل بدأ القلق يساور الغرب وبدأ يتململ ويشعر بمآل أعماله يوم أن قبل أن يكون طرفا في اللعبة الإستعمارية .
تطورت الفكرة لديهم حين لاقت استجابة من الدول الإستعمارية وسعت لها وطورتها من مرحلة تنظير إلى حيز التنفيذ لم يكتفوا بإطلاق الوعد كما شأننا نحن العرب بل تكرّست الوعود لواقع مرير نتجرعه بعد مساعي خبيثة لتحقيقه
مضمون الوعد
احتوى الوعد بالنص الانجليزي على 67 كلمة ولم يعرف في التاريخ الدبلوماسي أن نصا ما أو اتفاقية ما نال من العناية الجهد والشطب والتغيير ما ناله هذا النص ذو الأسطر المعدودة لقد استهلكت اللقاءات والمفاوضات والتحضيرات لهذا الوعد عدة أعوام وأما صناعة النص وحدها فقد استغرقت عامين عمل خلالهما عدة فرقاء على اعداد نصوص متعددة وقد عبرت هذه النصوص المحيط الأطلسي للتشاور والاتفاق مع اليهود في الولايات المتحدة وأخيرا وبعد تنقيح ست مسودات في المرحلة الأخيرة صدر الوعد
جاء الوعد بصيغة رسالة يتعهد فيها وزير خارية بريطانيا أنذاك آرثر بلفور للورد روتشيلد بإنشاء وطن قومي لليهود على أرض فلسطين ، صيغة الرسالة أُدرجت بطريقة غريبة اعطت الحق لليهود في اغتصاب أرض مأهولة بأصحابها ، في تحد سافر لكل الحقوق التي تكفلها القوانين والمواثيق الدولية بل وتحمل غموضا مبطنا فكيف يمكن حماية حقوق غير اليهود في نفس الوقت التي تمنع فلسطين وطنا لليهود؟! وبأية طريقة ؟!
الغاية مبيتة من قبل والهدف مرسوم من زمن ، تفتيت الامة
مرحلة التطبيق
ما إن سُطرت الأهداف حتى بدأت معاول الهدم تعمل ، توجه هرتزل للسلطان عبد الحميد للمطالبة بتحقيق هذا المطلب المجحف لكن محاولاته باءت بالفشل حيت تلقى ردا مفحما على طلبه وسجل التاريخ بمداد من فخر كلمات السلطان التي كُتبت بماء الذهب ، رفض أن يسلمه فلسطين بل وأكد له أنه لن يوافق على بترها من جسد الامة ، وعد باطل وتآمر فاضح لتمزيق نسيج الأمة وقطع أوصالها وعد سُحقت فيه الحقوق ، هو مشروع استعماري جاء ليحفظ مصالح الغرب في منطقتنا
كانت قوى الاستعمار تتقاطع مع الصهاينة المصالح ، تبادل المنافع من هذا الوعد باتت جلية ، إقامة وطن قومي لليهود وحفظ مصالح الغرب الإستعمارية وحراستها من لدن الصهاينة على حساب تشريد شعب وتبديد قوة الأمة، وعد لمن لا يملك لمن لا يستحق ، في تجاهل سافر لحق الأمة الإسلامية ومصالحها.
ردود الفعل
لم يمرر العرب هذا الوعد وسارعوا للتنديد به ورفضه ، كيف يقبلون بظلم وجور بواح لكن تكالب القوى الكبرى أكدته وجعلته واقعا مريرا تجتر الأمة تبعاته لزمن، انقضوا على فلسطين ونهبوا خيرات الأمة وطال تعسفهم العالم ككل، وأمام أمة ضعيفة منخورة وفي غياب رؤى موحدة ورد حاسم مُرر الوعد المشؤوم ، كانت الرسائل التطمينية التي يطلقها الإستعمار ماهي إلا ذر الرماد في العيون والحقيقة تجسدت في ضياع فلسطين وفي ظل غياب حماتها.
راية سوداء خلال أحداث ثورة البراق
أما على أرض فلسطين انتفاضة ورفض لا هودة عنها أولها ثورة البراق عام 1929م وتوالت الثورات ولم يستكين الشعب ولازال يشق طريقه يبتغي حرية وعزة وكرامة كله صمود ويقين أن الحق سينتصر
نتائج وعد بلفور
أفرز الوعد المشؤوم تداعيات جمة ، تفتيت الأمة فجرح فلسطين هو جرح الأمة الغائر ، نجم عنه اضطهاد شعب مكلوم ومزيدا من قضم الارض وابتلاع الحقوق وبطش وتنكيل وغطرسة وصلف وسلب 
ورغم قتامته فلن يجد هذا المشروع سوى الرفض والمقاومة ، هو سرطان ينخر الجسد وستبقى الأمة تسعى لإيجاد الدواء مهما كلفها ذلك من تضحيات جسام ، وبذل كل غالي ونفيس حتى تتعافى منه
لم يضر فقط بمصالحنا نحن العرب بل بات يهدد مصالح الغرب بغطرسته وضربه لكل القوانين بعرض الحائط ، كيان مغتصب يستمد بقاءه من أساطير حشى بها عقول قطعانه يقتات على امتصاص الدماء بات خطرا على الكل يوم أن تتوحد الجهود وتتكاثف لخق قوة عالمية سيجثته العالم من جدوره ، يوم أن تتقوى أمتنا ويكون لهاوقع وحس لأن الغرب يصطف مع القوي ولا يركن للضعيف
ورغم مرور احد عشرعقدا أثبت الفلسطينيون بمقاومتهم الباسلة وبرفضهم الإنصياع للظلم والجور والركون لهذا الكيان الغاصب ، يهددون كيانه الهش ، وسيظلون متشبثين بحقوقهم ومهما طال جاثما على أرضنا ومقدساتنا له وقت وسيزول، لأن الإرادة لن تموت وسيظلون مستميتين على أرضهم ، لن يضيع حق وراءه مطالب ، يضربون بذلك أروع المشاهد ، قوة وصلابة في مواجهة تعنت هذا الكيان الغاصب
وبعد مضي 119عاما من اعمارنا ولا زالت فلسطين موجودة تنبض بالحياة ولا تبالي بالصعاب التي مرت بها وقد كسرت كل ثانية من هذه الاعوام ارادة الوعد المشئوم الذي لم يكن يعلم أي الارض يعطي ولأي الشعوب يواجه.
لقد ترسخت في اذهاننا كلمة الوعد بانها كلمة مشئومة خاصة اذا نظرنا في نوتة التاريخ ووجدنا ان عدّاده قد بدأ باليوم الثاني من شهر نوفمبر، ولكننا وبعد طول غياب عن ساحة العز والفخار جاءت وعودات كثيرة قد بددت الشؤم عن كلمة الوعد فاصبح لدينا وعود من الشعوب المقاومة بان الوعد الوحيد المتبقي في هذه الدنيا هو وعد العودة و التحرير