كنا نتمنى على رئيس الحكومة السابق نوري المالكي بعد توقيعه اتفاقية رحيل القوات الاميركية المحتلة مع الولايات المتحدة وجلاؤها عام ٢٠١١ ان يؤسس لمرحلة الدولة العراقية المستقلة قرارا وسيادة وحدودا وكنا نتمنى ان يبدأ بداية حقيقية في ممارسة الدولة العراقية لسلطاتها السيادية على ارضها وعدم السماح لاي طرف من الاقليم او المجتمع الدولي بالتدخل في شؤون العراق وتنظيف الارض العراقية من كل الشبكات التجسسية والمخابراتية لان العراق وضعه حساس جدا وسط هذا الصراع الاقليمي والدولي المتنامي والذاهب الى ما هو اسوأ في المستقبل القريب ولا يحتمل الدخول مجددا او ان يصبح ضحية له كما جر هذا الصراع الويلات على الشعب العراقي سابقا.
الذي حصل هو العكس تماما فقد سمح المالكي وعزز وجود وبقاء التواجد والتدخل الايراني وعبر مختلف الجوانب في الشأن العراقي الذي زاده تعقيدا حجم هذه التدخلات الغير قابلة للرفض او المجابهة فاصبحت طهران تملي شروطها على بغداد وتختار وتبارك تولي المسؤولين المناصب الحكومية ومن يعترض سيجد نفسه معزولا ومحدود التأثير. اذا ما تم تصفيته جسديا. يتخذ التدخل الايراني في العراق اشكالا مختلفة اهمها واكثرها تأثيرا وجود الميليشيات التابعة اليها والى صنوف القوات المسلحة في ايران وتملك هذه الميليشيات سلطة كبيرة ومؤثرة في بغداد ولا تعترف بأي شي يسمى قانون او حكومة او سلطة دولة لذلك ساد انعدام الامن بغداد وعم الاضطراب والفوضى شؤون الحياة اليومية للمواطن العراقي المغلوب على امره وزادت معدلات الجريمة واحداث القتل التي تمارسها هذه المليشيات اضافة الى الارهاب الذي ما زال يفتك بالمواطن عبر التفجيرات المستمرة منذ سقوط بغداد في ٢٠٠٣.
تعترض النخب الشيعية على وجود او مشاركة القوات العسكرية التركية في عمليات تحرير الموصل من داعش وتتهمها بانتهاك للسيادة العراقية وتهددها بالمواجهة ان لم ترحل وتغادر الارض العراقية وهي في ذلك تمارس دور الازدواجية المفرطة والمفضوحة للعلن عندما تسمح للتواجد الايراني في العراقي وترفض نفس هذا الوجود للقوات التركية والتي تدعي بأن وجودها قانوني نظرا لاتفاقية قديمة بين الدولتين يسمح لها بالقدوم الى العراق ساعة وجود تهديد حقيقي للدولة العراقية من جهة اخرى، بينما التواجد الايراني لا نعرف ولا نفهم تحت اي بند او اتفاقية تم وهل يخضع للشروط القانونية ؟
ما نريد ان ننهي مقالنا به هو ان الارتباط العقائدي لشيعة العراق بايران الدولة الجارة شيء والسيادة العراقية شيء اخر اذ لا يمكن القبول لأي دولة ان تمارس اي نشاط عسكري او امني او مخابراتي داخل حدود الدولة العراقية فهذا تجاوز على السيادة العراقية مرفوض جملة وتفصيلا اما عملية التنسيق والتعاون فهذا شأن اخر تمارسه كل الدول لانه يخضع للسياقات القانونية والتي تجعل من هذا التنسيق مثمر وبنّاء ويزيد من فرص توفير الامن والسلم العالميين. نعم نحتاج للمساعدة والعون من المجتمع الدولي وعلى كافة الصعد في مواجهة الارهاب الا ان السيادة العراقية حق مكفول للدولة العراقية وبالتالي على هذه الدول احترام خيارات الدولة العراقية والشعب العراقي في كيفية ادارة البلد والعيش وبحرية كاملة على ارضهم ومن دون تدخل كما شرعت القوانين الدولية ذلك وكما تتبع كل دول العالم المعتبرة والمحترمة لهذه القوانين.
|