تكنولوجيا السيارات دون سائق ، هل هو ترف ، أم ضرورة ؟

هنالك مفارقة قد لا يلاحظها البعض ، فمع تقدم التكنولوجيا المذهل وتنوعها الهائل ، وأزدياد فروعها ، وأنتشار أسواقها ، نجد أن مستوى البطالة على الصعيد العالمي في أزدياد ! ، وما يترتب عن ذلك من تفشٍ للجوع خصوصا في الدول الفقيرة ، والذي يقود حتما الى الجريمة ، والأنخراط في الأرهاب ، بل كل مسببات مشاكل العالم ، منها أزمة اللاجئين العالمية .
تُجري الشركات العالمية ، بحوثا محمومة ، وبلا هوادة ، للتوصل الى اسلوب القيادة الذاتية للسيارات العادية أي بدون سائق ، وتُرصُد لها المبالغ الضخمة ، والكوادر والمختبرات ، وتُسخر لها التكنولوجيا العالية والموارد ، وتعتبر شركة (غوغل) من الرواد الأساسيين في هذا المجال ، كل ذلك للأستغناء عن دور السائق في السيارة ، وتوصلوا الى نتائج متقدمة في هذا المجال ، ولنا أن نتصور أن نستقل سيارة بلا سائق وهي تجوب الشوارع  لتوصلنا الى وجهتنا ، تُرى ، في حالة تفشي هذه التكنولوجيا ، كم سائق تاكسي سوف يتم الأستغناء عنه ، لينضم الى جيوش العاطلين عن العمل ؟
لا أتصور اني سأجلس مطمئنا ، واضعا ثقتي ، بل حياتي في (آلة) ، وأنا أراقب عجلة القيادة تتحرك وتدور وحدها ، فاين ستختفي متعة القيادة ، تلك التي يتبجح بها صانعو السيارات ؟ .
التكنولوجيا التي تتطلب ذلك معقدة جدا ، ففي سقف السيارة ، يتم وضع (ماسح Scanner) ، يدور بسرعة كالرادار ، به بواعث ومستقبلات (Transceivers) لأشعة الليزر غير المرئي ، لرسم تضاريس ثلاثية الأبعاد لموجودات ومسارات الطريق ، ورادارات صوتية (سونار) تغطي جوانب السيارة الأربع لأكتشاف العوائق القريبة ، بالأضافة الى معلومات اقمار التموضع العالمي الصناعية (GPS) ، تُغذى الى حاسوب كبير ، يمثل عقل السائق ، ثم يقوم هذا الحاسوب بالأيعاز الى أعضاء التحريك (Actuators) ، للسيطرة على حركة السيارة .
لا أرى أي جدوى من توجيه الجهود الجبارة والموارد والأفراد الى هذا المجال ، قد يكون كذلك لو كان العالم كله يعيش في بحبوحة وترف وأمن ، لكني أرى أن تُوَجّه الى البحث عن بدائل الطاقة وتطويرها ، واستخدام التكنولوجيا في محاربة الجوع كتقنيات المطر الأصطناعي ، ومحاربة التصحر ، وأزمة المياه ، والأحترار العالمي ، والتنمية ، وغيرها من مئات الآفات التي تعصف بالعالم .
لا يكاد يمر شهر تقريبا ، دون أن نسمع عن تسريح لمئات العمال والباحثين والمهندسين بل العلماء لكبرى الشركات ، ليجدوا أنفسهم دون عمل ! ، لأن أصحاب الشركات استغنوا عنهم (بالروبوتات) التي طوّرها هؤلاء المفصولون بأنفسهم ، دون علم منهم أنهم (جيّروا) أوامر فصلهم بأيديهم ! ، هكذا تحول طموح رجال الأعمال ورؤساء الشركات الى جشع لا يقف عند حد كالمرض ، ويبقى مطالبا للمزيد مهما كانت العوائد ضخمة ، يديرون شركاتهم بعقلية ترجيح الربح على المبادئ الأنسانية ، وأنا أرى الأنسان يفرط بوضع تقته بالألات الذكية ، لتتخذ القرار نيابة عنه ، وربما في المستقبل ، ستتحول هذه الألات الى عدو لنا بأمكانيات كبيرة وذكاء أصطناعي ، وجها لوجه ضدنا وقد أصابنا الخمول والبلادة ، لنعيش فصول حقيقية لفلم (الفاني Terminator) ، في معركة غير عادلة !.