النفط والاعلام وموازنة العام |
ليس إصدار صحيفة ، أوتأسيس قناة تلفزيونية ، أو اذاعة بالامر الصعب اليوم من الناحية الفنية والمهنية … وتأسيس أي مشروع اعلامي ليس مجرد رغبة ذاتية فقط ، او بحث عن مجد شخصي وشهرة فحسب ، بل لا بد من تهيئة عوامل الاستمرار والتطور أولا ، وفي مقدمتها العامل المالي ، لكي يضمن اسباب النجاح والاستمرار والاستقلالية ، وعدم الوقوع تحت ضغوط التمويل ، فيضطر الى الاغلاق ، والوقوف في منتصف الطريق .. لقد امتلأ الشارع بعد احتلال العراق عام 2003 باعداد كبيرة من الصحف ، والفضاء بعدد من القنوات ، واستقطبت أعدادا كبيرة من العاملين ، من بينهم من لم يكن صحفيا بالاساس ، أو من إختصاصات أخرى ، لكن سرعان ما غاب بعضها ، و تسرح العاملون دون تعويض ، بسبب عدم تنظم عقود عمل مع الصحفيين ، كما لجأ البعض الى تقليص الرواتب ، وأخر الى الصدور المتقطع متى ما توفر التمويل ، وخاصة الاعلان ، ، أو عدم صرف البعض مكافآت خاصة للكتاب المتفرغين ، أو صرف مكافآة ( بائسة ) لا تناسب مستوى المادة المنشورة ، ومكانة الصحفي وتاريخه المهني ، بسبب الوضع المالي الصعب … لقد ألقت الازمة المالية بسبب تدهور اسعار النفط بظلالها على الاعلام ، ليس في العراق وحده وانما في دول عربية نفطية اخرى سواء من جانب توقف ، او تقليص الاعلانات او تراجع التمويل السياسي والرسمي ودعم الدولة للاعلاميين والصحفيين .. فلم يعد النفط يؤثر على موازنة الدول فقط ، ولا على المشاريع والخدمات ومستوى المعيشة بصورة عامة فحسب ، وانما امتد تأثيره الى صناعة الرأي العام ، وتلك مسألة لها انعكاس سلبي على عملية التنوير والتطوير عموما ، وانكشف ارتباط الاعلام ، وتأثره بصعود اسعار النفط وهبوطها وتلك مسألة في غاية الاهمية .. أن توسع الاعلام بكل وسائله بعد عام 2003 أدى الى زيادة عدد الصحفيين كثيرا قياسا لما كان عليه سابقا ، وبدلا من أن يحصل هذا العدد على حوافز ومكافآت مالية تناسب جهده ودوره التنويري والتعبوي والتثقيفي ، وتكون (المكافأة التشجيعية ) للصحفي فقرة ثابتة في مشروع قانون موازنة العام والزام وزارة المالية بصرفها ، تراجع الدعم كثيرا ، وتوقفت هذه المكافاة التي كانت تمنح للصحفين ، بسبب تدهور أسعار النفط التي أثرت على الصحافة والصحفيين معا … وفي هذه الحالة اصبح الأثر مركبا على الصحفي من مؤسسته التي يعمل بها ومن الدولة .. إن العالم المتطور يتعامل مع الاعلام بانه ليس حاجة كمالية ، بل له مهمة اساسية في عملية التطور والبناء والاعمار وفي تحسين اداء الحكومة ، وخلق حالة حالة من النماء في مختلف المجالات ، بحكم دوره الرقابي وتوجيه الرأي العام .. وتلك هي الحقيقة {{{{{{{{ كلام مفيد : اخشى 3 جرائد أكثر من خشيتي لمائة الف حربة ( نابليون بونابرت ) |