الإعلام العراقي بمواجهة الإعلام المغرض

 

لا يخفى على الجميع أهمية الإعلام ودوره وتأثيره على الرأي العام ، حيث تُجنّد كثير من الدول جيوش آلتها الإعلامية للدفاع عن حقوقها وخدمة قضاياها ، في الوقت الذي لا يزال إعلامنا العراقي  يتعامل على إستحياء مع قضايانا بدون آلية ورؤية إعلامية واضحة وممنهجة، وخالية من أي إستراتيجية عملية واضحة ، وهذا ما فتح الطريق لكي تتحرك الآلة الإعلامية المعادية  للعراق في الجبهات والساحات بدون مواجهة فاعلة ومؤثرة من إعلامنا ، مما سمح أيضاً أن يتكون لدى الرأي العام  الغربي وحتى (العربي) في الأوساط الإجتماعية الخارجية ودوائر القرار قناعات مغلوطة تجاه العراق  وسياساته  نتيجة غياب المهنية الإعلامية في هذا البلد..!! واليوم عندما  نستعرض واقع إعلامنا العراقي الخارجي ووسائله وأدواته نجد أنه  ليس فقط  إعلاماً ضعيفاً وخجولاً ..بل هو ( إعلام مفقود  نهائي) في مواجهة الحملات الإعلامية المغرضة التي يتعرض لها العراق  وهو يخوض حرباً شرسة ضد عدو همجي بربري متمثلاً بداعش الإرهابي وأدواته وأعوانه  في الداخل والخارج ..! إن ماتعرض – ولازال – له الشعب العراقي  من  إعتداءات خارجية ومؤامرات خبيثة أستهدفت تدميره وتحطيمه وتخريبه كبلد من أقدم بلدان العالم في التاريخ ومحو هويته الوطنية وإرثه الحضاري العظيم تفوق كل تصور وخيال ..وكان كل هذا يفتقد إلى الاستراتيجية الإعلامية التي تخاطب العالم الخارجي وتقنعه بمشروعية حربنا المقدسة ضد الإرهاب ..وعلى ضوئها تسهم في توضيح هذه المؤامرات والإستهدافات إلى الأوساط  الإقليمية والدولية وتفند المزاعم التي يبثها إعلام العدو ضد العراق يومياً في وسائله وقنواته …!! إن الأهمية تستدعي إعادة صياغة مكونات السياسة الإعلامية العراقية  وفق رؤية وإستراتيجية جديدة يشترك في صياغتها المتخصصون من الأكاديميين والخبراء الإعلاميين ، منطلقةً من إستثمار المهارات الوطنية معززة بالوسائل والأدوات المتنوعة وفي مقدمتها تفعيل المكاتب والملحقيات الإعلامية في السفارات العراقية  وبرامج العلاقات العامة ، والبرامج الثقافية والفكرية ، وبناء المنابر الإعلامية العراقية  غير التقليدية في الداخل والخارج ، بعيداً عن الصورة النمطية التقليدية الكسولة والخجولة التي عهدناها من القائمين على هذا الإعلام..!!.. إننا نحتاج وبشكل عاجل وفوري  إلى وجود إستراتيجية خاصة للإعلام العراقي تستثمر القيادات النوعية في الإعلام الوطني (الرسمي والمستقل) على حد سواء  .. والاستفادة من الخبرات الكبيرة التي يمتلكها الكثير من الصحفيين والإعلاميين العراقيين  (المهمشين) الذين أصبحت مقالاتهم ومنشوراتهم في المواقع والصحف تعادل قنوات فضائية ومؤسسات رسمية كاملة مدعومة من الحكومة بإموال خيالية دون فائدة ..ولكننا نجد إن هذه التجارب الفردية لهؤلاء الإعلاميين والصحفيين (المبعدين عمداً وقسراً عن (حوزة الإعلام العراقي الرسمي)  رائعة وعظيمة في إبراز مظلومية الشعب العراقي ورادة بقوة وصلابة على الأبواق الإعلامية المأجورة ومبينة بوضوح حقيقة الإرهاب ومستوى التدخل الخارجي والإقليمي السيء في العراق .. إننا اليوم نجد إجماعاً  تاماً بين الأوساط الإعلامية العراقية  بأن هنالك قصوراً هائلاً في أداء إعلامنا الخارجي والداخلي  ، وإن كل ماموجود من إعلام عراقي خارجي  ( إن وجد) اليوم هو يعتمد على الحالات الطارئة وردود الأفعال وهو لا يقوم على خطط ثابتة وأهداف وطنية صلبة لاتنثني ولاتتردد مهما كانت المحذورات والممنوعات …!! وأخيراً علينا أن لانتغافل عن حقيقة مرّة هي علّة هذا الكسل والسذاجة والضعف في عموم الإعلام العراقي هي : أن من يدير الإعلام العراقي اليوم موظفون خدمتهم الظروف والترقيات والمحاصصة الحزبية والمحسوبية السياسية التي لاتستند على معايير الكفاءة والخبرة والتجربة .. وبدلاً من التطوير والنهوض ومواجهة الإعلام الخارجي المضاد إزداد إعلامنا ضعفاً وهواناً لإن القائمين عليه  يفتقدون مهارات التخطيط الإعلامي الصحيح ولايمتلكون الحس الصحفي الوطني المجرد من كل الزوائد والمغريات والطموحات الشخصية الأخرى .. !! إن إعلامنا الخارجي (وحتى الداخلي) يحتاج الى معالجة حقيقية وسريعة … ويجب (فوراً)عمل دراسات على عناصر ومكونات الإعلام باستخدام مناهج بحثية علمية تعيننا على فهم وتحليل مكونات الخطاب الإعلامي المضاد والرد عليه وفق إستراتيجية ومرتكزات ننطلق منها حتى لا ندع هناك أي ثغرة يستغلها الإعلام المضاد ، ونحن اليوم نمتلك الكثير من الإعلاميين الرائعين ممن يمكنهم الرد عبر الصحافة المطبوعة والمسموعة والفضائيات والأخبار المغلوطة والشائعات السلبية التي تحمل توجهاً وفكراً مسموماً ضد بلادنا عبر وسائل التواصل الإجتماعي الحديثة والتي تعتبر وسائل إعلام رقمية جديدة بكل مهنية وإحترافية وكفاءة عالية ، كما ولديهم الشجاعة والقدرة على تفنيد الحقائق والرد بما يتناسب مع طبيعة كل وسيلة إتصالية حديثة بشرط : أن تتوفر لهم الوسائل الإعلامية الحقيقية وأن تتم إستضافتهم بالقنوات الوطنية الرسمية للإدلاء برؤيتهم السياسية والإعلامية والسماح لهم بنشر مقالاتهم وبحوثهم وردودهم في الصحف العراقية الرسمية كجريدة الصباح وملحقاتها في شبكة الإعلام العراقي …فليس من الصحيح ولا المقبول بتاتاً أن يُحتكر الإعلام الوطني العراقي وصحف الحكومة وقنواتها وفضائياتها الرسمية على قلّة إعلامية غير كفوءة وغير مهنـية في مواجهة الإعلام العربي والغربي المغرض الذي أساء لبلادنا وشعبنا بشكل لايطاق  ..ولايمكن الصبر عليه بإي حال من الأحوال ..!!