شحاذو الأمس واليوم |
متغيرات العصر تفرض منطقها بشكل لا ارادي احيانا حيث تشمل كل جوانب حياتنا وسلوكياتنا …في الستينات والسبعينات كان الناس في مدينة الثورة يعيشون الكفاف و(على كولتهم مستورة والحمد لله )ورغم بساطة الحياة كانوا مشغولين بها ويشعرون بمتعة ولازلت اتذكر شحاذي تلك الفترة يختلفون عن الان شكلا وسلوكا فاليوم اصبحت الشحاذة عملا مؤسساتيا غير منظور وتديره مافيات ومتعهدون ويشكل ازعاجا وتذمرا للناس ناهيك عن خلق عاهات طبيعية ووهمية لأجل ان تدفع لهم اموالا وهناك عمليات احتيال تسرق فيه المشاعر من اجل سحب الاموال من الجيوب في حين في الخارج وفي اوربا اصبحت الشحاذة تأخذ منحى اخر حيث اختلفت الوسيلة واصبحت تلائم روح العصر فمجرد ان يسمعك الموسيقى من الة متواضعة تضع امامه مبلغا بكل هدوء واحترام وحتى عندنا ايضا اصبح بعض الشحاذين المحترمين يضعون امامهم علبة حلويات لكي تشتري منهم مقابل مبلغ وذلك تطور جيد لكنها في اغلب الاحيان تحولت الى مهنة وفي الحقيقة وحسب استطلاع اجراه احد الزملاء فقد عمل شحاذا بعد ان تخفى وحصل على مبلغ مقداره 115 الف دينار لعمل يوم كامل وقد بثت اعلاميا تلك الحالة !!في حين شحاذي الامس اناس بسطاء في منتصف الظهيرة يطرق الباب عليك ويطلب طحينا مع دعوات ما انزل الله بها من سلطان لا تنتهي ويقوم صاحب البيت باعطائه (طاسة طحين) فيكون ممتنا منك وشاكرا مساعدتك وقد يأتي للبيت عدة شحاذين ولكن لا يثيرون الازعاج لانهم فعلا محتاجين او تأتي احدى النساء من مكان جغرافي مختلف وبأزيائها الفولكلورية وهي تحمل طفلتها الجميلة في كيس خلف ظهرها وتطلب منك مبلغا من المال وهي في غاية الادب لا تشترط عليك وتكرر عليك ما تقول فيقوم من موجود بالدار بإعطائها مبلغا مقداره خمسة فلوس او عشرة فلوس وتمضي لبيت آخر وهكذا تجري العملية بكل سلاسة اما الان ففيصل المجنون ويعرفه اغلب اهل المدينة يشترط عليك ان تعطيه الف دينار ومن صباحية الله يقف امامك قبل ان تذهب الى العمل لا يقبل بالربع والخمسمائة دينار الا الف كامل غير منقوصة وحتما يجعلك تدفع له بشكل او باخر لكن فيصل يستحق كوننا نستمتع بحركاته وكلماته التي يقذف بها في اتجاه اكبر الرؤوس ولا يبالي.. رحم الله ايام زمان |