قصتي مع إيران 13

 

 وضحنا في الحلقات السابقة الاسس الفكرية والعقائدية والدستورية للتمدد الايراني في المحيط الاسلامي ولم يفتنا ان نعرج بشكل هامشي على المحاولات التركية في المحيط نفسه والتي هي في بداياتها وكذلك المحاولات الخليجية على نطاق محدود بسبب امتلاكها عناصر القوة اللازمة للتمدد كي لا نخرج عن عنوان الموضوع اولا ، ولكون النفوذ الايراني هو الاقوى كونه يتميز عن باقي مصادر النفوذ بامتلاكه منهجا وعقيدة مثبتة بالدستور ثانيا ، ولكونه يمتلك استراتيجية واضحة المعالم ومعلنة تحملها مؤسسة دينية شيعية عمرها عدة قرون يقابلها عدم وجود مؤسسة سنية بل عدم وجود اية مرجعية سنية او مرجع سني مؤثر لعل وجود المرجعية (المؤسسة) هو الضمانة الاساسية لوجود برنامج جدي يترجم الى نشاط جاد ومنظم ، لنأخذ الامن القومي العربي كمثل لنجد ان اطنانا من الورق كتبت عنه وتمشدق به الكثيرون الا انه بقي مصطلحا عائما بسبب عدم وجود مؤسسة مسؤولة عنه او تدعمه سوى جامعة الدول العربية الحاضرة الغائبة ، وهكذا هي الحركة السنية التي لا تمتلك مرجعية واحدة في العالم الاسلامي سوى مؤسسة الازهر التي تقودها (الدولة) المصرية وبقيت عبارة عن مؤسسة تنظيرية لا غير ونظرياتها واعلامها لا يسري الا بشكل بسيط على جزء من سنة مصر وباقي السنة لم يسمعوا باسم شيخ الجامع الازهر ومنهم الكاتب الذي هو يؤمن بالدولة المدنية وبالتالي يؤمن بان الدين والمذهب ينبغي ان يأخذا مكانهما الصحيح ودورهما الصحيح خارج مزبلة السياسة ، وبالتالي فأني غير مبتئس لأن السنة لا تضمهم مؤسسة او مرجعية بل اعدها حالة ايجابية باتجاه بناء الدولة المدنية التي نادت بها الجماهير في تظاهراتها بعد ان صار احلى شعاراتها (باسم الدين باكونا الحرامية) لتوضيح موقفي في اعلاه اذكر اني بعد الاحتلال بأشهرشاهدت احد شيوخ السنة على الشاشة يقول ((ايها السنة التمو حول بعضكم لانه سيأتيكم اليوم الذي تحتاجون فيه وحدتكم )) اجبته بمقال على صفحات الزمان قلت فيه ((ايها السنة لا تلتموا حول بعضكم لأن المخطط يريد ذلك بشدة .. التموا مع اهلكم الشيعة وباقي الوان الطيف العراقي لأفشال المخطط الطائفي وطرد الاحتلال وبناء عراق المستقبل)) . وهكذا بنى السني شخصيته على ان مرجعيته هي الدولة التي يستلم منها راتبه ومعاشه ويدفع لها الضريبة .. وأذا لم تعجبه تلك الدولة آمن بالامر الواقع او تظاهر او انقلب عليها وكل ذلك يندرج تحت عنوان السياسة او العنف السياسي ، ولذلك لم تكن الرموز الدينية هي التي حركته في ثورة العشرين مثلا كما حصل لدى اهلهم في الوسط والجنوب الشيعي غير ذلك فلديه التقليد (وهذا ما يدحض نظرية ولاية الفقيه في الفقه الشيعي) ولديه الخمس الذي هو تعزيز للمرجعية وترسيخ لاستقلاليتها وبالتالي قوتها ونفوذها، ولديه مؤسستان هما اقوى المؤسسات الدينية في العالم وهما حوزتا النجف وقم فضلا عن مؤسسات كثيرة كمؤسسة السيد الخوئي في لندن وغيرها .. بل ان مؤسسة قم هي الوجه الآخرللدولة الايرانية المتمددة بل هي القائدة المطلقة لها ..

وللحديث بقية