؛؛التعليم العالي العراقي؛؛ البحث العلمي والنهوض بالتكنلوجيا التنموية |
البحث العلمي والتطور التكنلوجي لاغلب دول الشرق الاوسط في حالة ركود ان لم نقل تراجع باستثناء ايران واسرائيل اللذان وظفا البحث العلمي في خدمة التكنلوجية الصناعية بشكل كبير وفعال. ان الغاية الاساسية التي يعمل من اجلها التعليم العالي ليس التوسع في النشر البحثي والعلمي بقدر ما هي تطوير المجتمع والمساهمة الفعالة في بناء وتطوير التكنلوجيا التنموية. فما فائدة الدراسات التي تنشر بارقى مؤسسات النشر العالمي وليس لها واقع تطبيقي واستثماري محلي او عالمي؟! لا نريد هنا ان نقلل من شان النشر والانجازات البحثية العلمية الرصينة ولكن نتمنى ان يتم توجيه هذه المنجزات التوجيه الصحيح والسليم الذي يخدم فعلا التنمية محليا. ان عملية التطور للصناعة والتكنلوجيا التنموية والبحث العلمي هي عملية تكاملية، ففي بلدنا اليوم لم نلاحظ بان البحث العلمي كان فعلا بخدمة تطوير التكنلوجيا والتنمية وفي المجالات الاقتصادية المختلفة. ان اغلب جامعاتنا ومنذ عقود مستهلكة وغير منتجة ولا يوجد فيها الكثير من الدارسين من خارج البلد ايضا. اي ان جامعاتنا لا تحقق اي مردود مادي من خلال ما تنجزه من دراسات وبحوث علمية. لذا يجب ان تكون هناك نظرة واقعية لهذا الامر لغرض ايجاد العلاج المناسب بعيدا عن الاستعراضات المنمقة والمزيفة والتفاخر والتباهي بالانجازات عدديا والنشر العالمي كما ونوعا وكاننا حققنا انجاز علمي وتكنلوجي عظيم بالرغم من ان كل هذه الانجازات ومنذ عقود لم تحقق تقدم تنكلوجي وتنموي حقيقي للبلد فلازال البلد اقتصاده ريعي واعتماده على النفط بشكل اساسي. ان الكثير من دور النشر العالمية اساسا عملها اصبح تجاري واستمرارها اساسه الكسب المادي. اذكر على سبيل المثال ان احد الزملاء التدريسيين كان قد تم تكليفه كعضو في لجنة لمناقشة اطروحة طالب دكتوراه في احد الاقسام العلمية وقد نشر هذا الطالب عدة بحوث في مجلات ذات معامل تاثير ثومبسن. فقام هذا الزميل بالتاكد من صحة ما ورد وان المجلات ضمن سجلات ثومبسن فعلا ، وبعد التاكد قام هذا الزميل بارسال احد بحوثه المنجزه مؤخرا للنشر في هذه المجلة وكانت المفاجئة كبيرة عندما طلبت المجلة منه ان يرسل لها اسماء وعناوين عدة مقيمين يقترحهم لتقييم بحثه؟! وفعلا قام بارسال مقيمين وفي اليوم التالي مباشرة تم ارسال البحوث لاثنين منهم لغرض تقييم بحثه. ان هذا الامر يتطلب منا مراجعة حقيقية للانجازات البحثية المحلية والوقوف وقفة تامل عن صحة النشر بهكذا مجلات. وبنفس الوقت اعادة النظر في شروط النشر في المجلات المحلية واستصدار تعليمات وضوابط جديدة ومركزية للنشر المحلي وترصين عملية البحث العلمي والاهتمام بشكل جدي بعملية اخراج البحوث بشكل منهجي صحيح وسليم لتكون مناسبة ومقبولة للنشر محليا وعالميا. ان العمل على رفع مستوى مجلاتنا المحلية لمستوى المجلات العالمية يمكن اعتباره نقلة نوعية في مستوى البحث والنشر العلمي المحلي، لذا يجب الاهتمام به بشكل كبير للنهوض بمستوى مجلاتنا المحلية. ان النهوض بمستوى البحث العملي محليا وتطوير مؤسسات التعليم العالي لا يمكن تحقيقه بارسال الاف البعثات الى الخارج وانما ذلك يتم ببناء مؤسسات صناعية وتكنلوجية وتنموية متطورة وكبيرة في البلد، ليقوم التعليم العالي برفد هذه المؤسسات بالخريجين وفق لاحتياجاتها ، فمما يلاحظ في اغلب دول العالم المتقدم لا يدرسون ما لا يحتاجون له الا بحدود ضيقة جدا في مجالات نظرية ومعرفية محدد. كما سيعمل بنفس الوقت الباحث الاكاديمي على ايجاد الحلول للمشاكل التقنية والفنية وتطوير الامكانات في هذه المؤسسات التكنلوجية. ان العمل البحثي المحلي في اغلب حالاته غير موجه التوجيه الصحيح لغياب دور وزارة التخطيط في توفير البيانات وتوجيه الامكانات لتطوير البلد وخلق فرص العمل والنهوض بالتنمية. ان غياب التخطيط كان له الدور الاكبر في صرف الاموال فيما لا يحتاجه البلد وليس هناك من رؤية استراتيجية لاستثمار مخرجاته. كما ان اغلب براءات الاختراع المحلية لم يتم الاستفادة منها وتوظيفها التوظيف الصحيح والمناسب، اضافة الى ذلك ان مؤسسات البلد في مختلف الوزارات لا تميل الى اعتماد براءات الاختراع المحلية لعدم وجود امكانية لبناءها او انتاجها محليا او لوجود بدائل مستوردة رخيصة وجيدة غالبا او لان البراءة ليست ذات اهمية صناعية وتكنلوجية محلية قصوى ليتم استثمارها. ان هذا يدلل على ضعف التكنلوجيا التنموية والابداعية التطويرية في البلد. ان عملية البحث العلمي حقيقة بحاجة الى وقفة استدراك ودراسة جدوى وليس تسرع ورفع شعارات مبهرة اعلاميا فقط. يجب ان يكون هناك حضور للتخطيط والاستراتيجية الصناعية والتنموية في البلد، لكي يمكن توظيف اموال البحث العلمي بشكل صحيح. عندما لا يكون للمخطط الواعي قرار ولا تتوفر للعالم والباحث امكانات مادية ومختبرية فلا يمكن تحقيق التقدم والانجازات العلمية والتكنلوجية الكبيرة. كما ان الابداعات والتطويرات والانجازات لا يمكن استثمارها ما لم تكن واقعية ولها امكانية تطبيقية مربحة، اذن هنا نشدد على ضرورة فتح افاق التطبيق المحلي بما يخدم عملية التنمية. كما يجب ان تعمل وزارة التخطيط على توفير ما يكفي من المعلومات عن احتياجات المجتمع ومشاكل عمل مؤسسات البلد الصناعية والتكنلوجية والفنية لغرض دراستها وعرضها على مسؤولي التعليم العالي والبحث العلمي لغرض توفير اطار علمي بحثي صحيح لايجاد الحلول الواقعية والعملية لها. يجب ان يكون هناك انفتاح على جميع مؤسسات البلد الصناعية والتكنلوجية لغرض تفعيل البحث العلمي لايجاد الحلول الممكنة لمشاكل تقنية وفنية حقيقة وذات مغزى للدراسة والبحث. قلنا راي ونرحب بجميع الاراء في فضاء الحوار الهادف الذي نتامل منه الخير لعراقنا الجديد
|