مارك زوكربيرج.. زعيمُ حزب الأغلبية الصامتة

 ‬كن‭ ‬لطيفا،‭ ‬بحماقاتنا‭ ‬أيُّها‭ ‬الشاب‭ ‬الوسيم‭…‬فنحن‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬تجاوز‭ ‬اشتراكنا‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬مستخدم،‭ ‬فماذا‭ ‬كان‭ ‬ينقصك‭ ‬لو‭ ‬ترشحت‭ ‬في‭ ‬انتخاباتناالتشريعية،‭ ‬الأكيد‭ ‬أنك‭ ‬كنت‭ ‬ستحصل‭ ‬على‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى‭ ‬أو‭ ‬الثانية،‭ ‬وتفسد‭ ‬مزاج‭ ‬أوهام‭ ‬الذين‭ ‬يدعون‭ ‬صراع‭ ‬قوة‭ ‬الثنائية‭ ‬الحزبية‭ ‬بالمغرب‭ ‬حول‭ ‬ترأس‭ ‬الحكومة‭. ‬لكن‭ ‬للأسف‭ ‬دستور2011‭ ‬لايسمح‭ ‬لك‭ ‬بالترشح‭ ‬يا‭ ‬ابن‭ ‬عمي‭. ‬لو‭ ‬فعلتها‭ ‬وسُمح‭ ‬لك‭ ‬بالترشح‭ ‬استثناءً‭ ‬يازعيم‭ ‬الـ‭ ‬‮«‬فيس‭ ‬بوك‮»‬‭ ‬لأنرت‭ ‬لنا‭ ‬الطريق‭ ‬بمشاريعك‭ ‬الافتراضية‭. ‬لتغدق‭    ‬علينا‭ ‬بعدها‭ ‬بفائض‭ ‬أموالميزانية‭ ‬مؤسستك‭ ‬العملاقة،‭ ‬وحينها‭ ‬نشتغل‭ ‬معك‭ ‬أنا‭ ‬وزملائي‭ ‬ونصدر‭ ‬لك‭ ‬أكبر‭ ‬جريدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬مهنية‭ ‬عالية،‭ ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المشروع؟

عود‭ ‬على‭ ‬بدء،‭ ‬لقد‭ ‬شقلبت‭ ‬أفكارنا،وذاكرتنا‭ ‬الورقية،‭ ‬وضيعنا‭ ‬مواعيدنا‭ ‬التي‭ ‬نحرص‭ ‬على‭ ‬احترامها،وتسببت‭ ‬يا‭ ‬مارك‭ ‬زوكربيرج‭ ‬‮ ‬في‭ ‬مشاكل‭ ‬كثيرة‭ ‬لدى‭ ‬الأسر،‭ ‬هذه‭ ‬المشاكل‭ ‬‮ ‬ناتجةعن‭ ‬الغيرة‭ ‬التي‭ ‬يحدثها‭ ‬موقعك‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬بسبب‭ ‬سوء‭ ‬فهم‭ ‬اللايكات،‭ ‬وكلمة‭ ‬الإعجاب‭ ‬السخية،‭ ‬أتعني‭ ‬ماذا‭ ‬يعني‭ ‬لنا‭ ‬الاعجاب‭ ‬باللغة‭ ‬المغربية‭ ‬المحكية‭ ‬،‭ ‬فهي‭ ‬كلمة‭ ‬مرادفة‭ ‬للخيانة،من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬الإشارات‭ ‬وعلامات‭ ‬الحب‭ ‬المفرطة‭ ‬حتى‭ ‬الموت‭ ‬التي‭ ‬وضعتها‭ ‬في‭ ‬تطبيقاتك،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬الضغط‭ ‬عليها‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬إرادي،‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬خطأ‭ ‬لغوي‭ ‬في‭ ‬بصمة‭ ‬الضغطعلى‭ ‬هواتفنا‭ ‬أو‭ ‬حواسيبنا‭ ‬اللوحية‭. ‬وبسببك‭ ‬أيضا‭ ‬صارت‭ ‬حملات‭ ‬انتخاباتنا‭ ‬المغربية‭ ‬تدور‭ ‬رحاها‭ ‬على‭ ‬موقعك‭ ‬المجاني‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬الترويج‭ ‬المؤدى‭ ‬عنه‭. ‬فيما‭ ‬صار‭ ‬لزعماء‭ ‬الأحزاب‭ ‬الذينلاينامون‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬حسابات‭ ‬رسمية‭ ‬على‭ ‬موقعك،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬القليل‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬يدير‭ ‬صفحته‭ ‬بصفة‭ ‬شخصية،‭ ‬لتصبح‭ ‬صفحتهم‭ ‬بعد‭ ‬الانتخابات‭ ‬مثل‭ ‬شاهدتي‭ ‬قبر‭. ‬وبسببك‭ ‬صار‭ ‬زعماءالأحزاب‭ ‬أكثر‭ ‬شعبية،‭ ‬وصرنا‭ ‬نتابعهم‭ ‬حينما‭ ‬يضحكون،‭ ‬وحينما‭ ‬يبكون‭. ‬لكن‭ ‬المضحك‭ ‬أنهم‭ ‬فتحوا‭ ‬مقراتهم‭ ‬على‭ ‬جدارنك‭ ‬الزرقاء،‭ ‬وخرجت‭ ‬منظماتهم‭ ‬الشبيبية‭ ‬الموازية‭ ‬لحزبهم،‭ ‬منالبطالة‭ ‬والتقاعس‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬تعيشه‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬وتكتلوا‭ ‬في‭ ‬وظائف‭ ‬‮«‬الكتائب‭ ‬الالكترونية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تتقاضى‭ ‬أجراً‭ ‬شهريا،‭ ‬وكل‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬يمتلك‭ ‬مفاتيح‭ ‬عشرات‭ ‬الحسابات‭ ‬علىموقع‭ ‬الـ‭ ‬‮«‬‭ ‬فيس‭ ‬بوك‮»‬‭ ‬وبأسماء‭ ‬مستعارة‭.‬

صديقي‭ ‬يا‭ ‬مارك‭ ‬زوكربيرج،‭ ‬رجاءً‭ ‬لا‭ ‬تفشي‭ ‬هذا‭ ‬السر‭ ‬لأحد،‭ ‬وخصوصا‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬تغارُ‭ ‬منا‭ ‬وتعتبرنا‭ ‬أعداءً‭ ‬لها،‭ ‬فبفضلك‭ ‬صار‭ ‬في‭ ‬البوادي‭ ‬والمغرب‭ ‬العميق‭ ‬الشبان‭ ‬يقضون‭ ‬جلنهارهم‭ ‬في‭ ‬‮«‬الشات‮»‬‭ ‬والتدوين،‭ ‬وبذلك‭ ‬صرنا‭ ‬نسمعهم،‭ ‬ونتابع‭ ‬معاناتهم‭ ‬التي‭ ‬ينزلونها‭ ‬دمعا‭ ‬مدرارا‭ ‬على‭ ‬جدرانهم‭. ‬وبسببك‭ ‬يا‭ ‬مارك‭ ‬ازدادت‭ ‬نسبة‭ ‬العزوبية‭ ‬بالمغرب،‭ ‬وصار‭ ‬الشبانيقنعون‭ ‬بدمية‭ ‬صينية‮ ‬‭. ‬سامحنا‭ ‬يا‭ ‬زوكربيرج،‭ ‬إن‭ ‬أخطأنا‭ ‬يوما‭ ‬في‭ ‬حقك،‭ ‬لأننا‭ ‬نحب‭ ‬المجانية‭ (‬الفابور‭) ‬وسامحنا‭ ‬أيضا‭ ‬لأننا‭ ‬ننتقدك‭ ‬في‭ ‬سرنا،‭ ‬وفي‭ ‬لقاءاتنا‭ ‬الخاصة‭ ‬،‭ ‬وندعي‭ ‬أننا‭ ‬نفهم‭ ‬كثيرا،‭ ‬ونقول‭ ‬أشياءكثيرة‭ ‬في‭ ‬حقك،‭ ‬لكن‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬نندم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قلناه،‭ ‬لأنك‭ ‬طيب‭ ‬ومتسامح‭. ‬ولم‭ ‬تطلب‭ ‬منا‭ ‬يوما‭ ‬أداء‭ ‬فاتورة‭ ‬شهرية‭ ‬عن‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬لنا‭ ‬بالمجان،‭ ‬وأقول‭ ‬لك‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬بينأسباب‭ ‬نقدنا‭ ‬لك‭ ‬أي‭ ‬حينما‭ ‬تكون‭ ‬خدمات‭ ‬موقعك‭ ‬ضعيفة‭ ‬وبطيئة‭ ‬جدا،‭ ‬لأنها‭ ‬تدعو‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأوقات‭ ‬إلى‭ ‬الإحباط‭ ‬والملل،‭ ‬وأيضا‭ ‬نصاب‭ ‬بالكأبة‭ ‬حينما‭ ‬لا‭ ‬تتحقق‭ ‬أحلامنا‭ ‬لما‭ ‬نهدروقتا‭ ‬طويلا‭ ‬على‭ ‬جدارك‭ ‬الأزرق‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬نتيجة‭ ‬إيجابية‭. ‬وبفضل‭ ‬المجانية‭ ‬انخرطنا‭ ‬جميعا‭ ‬في‭ ‬موقعك‭ ‬بتفان،‭ ‬وصرنا‭ ‬كلنا‭ ‬عائلة‭ ‬واحدة،‭ ‬وصرت‭ ‬بإجماع‭ ‬زعيم‭ ‬حزب‭ ‬الأغلبية‭ ‬الصامتة‭.‬

عزيزي‭ …‬مارك‭ ‬زوكربيرج‭ ‬إسمح‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أصارحك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬أكتبها‭ ‬لك‭ ‬على‭ ‬عجل‭ ‬وبعد‭ ‬تردد‭ ‬طويل‭ … ‬وسأترك‭ ‬قلمي‭ ‬يسيل‭ ‬على‭ ‬جدارك‭ ‬الأزرق‭ ‬لأكشف‭ ‬لك‭ ‬عن‭ ‬توددي‭ ‬لكلترفع‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬سرعة‭ ‬التواصل‭ ‬في‭ ‬موقعك‭ ‬الافتراضي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بوسعنا‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنه؛‭ ‬فعلا‭ ‬يا‭ ‬مارك‭ ‬زوكربيرج‭ ‬قد‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬مشروعك‭ ‬الاستثماري‭ ‬الكبير،والحياة‭ ‬فرص‭ ‬كمانعلم،‭ ‬لكننا‭ ‬فشلنا‭ ‬في‭ ‬علاقاتنا‭ ‬الإنسانية،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬نعد‭ ‬نتواصل‭ ‬مع‭ ‬الأقارب‭ ‬والأصدقاء،‭ ‬وصرنا‭ ‬نعايد‭ ‬بعضنا‭ ‬عبر‭ ‬الخاص‭ ‬أو‭ ‬باللايكات‭. ‬وصارت‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬فاترة‭ ‬جدا‭ …‬وبسببك‭ ‬قل‭ ‬التحرش‭ ‬بالنساء‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أطلقت‭ ‬المقاهي‭ ‬الـ‭ ‬‮«‬ويفي‮»‬‭ ‬مجانا‭ ‬لروادها‭. ‬وصار‭ ‬الشبان‭ ‬منشغلين‭ ‬بالشات‭ ‬بدل‭ ‬البصبصة‭ ‬والتلفظ‭ ‬بالكلامي‭ ‬النابي‭ ‬والساقطنحو‭ ‬النساء‭ ‬والشابات‭ ‬العابرات‭ ‬للأرصفة‭ ‬والشوارع‭. ‬عزيزي‭ ‬مارك‭ ‬زوكربيرج‭ .. ‬نلتمس‭ ‬منك‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تفشي‭ ‬سرنا‭ ‬لأحد،‭ ‬لأن‭ ‬حماقاتنا‭ ‬كثيرة،‭ ‬وزعماء‭ ‬أحزابنا‭ ‬المغربية‭ ‬أعلنوها‭ ‬حربا‭ ‬ضروسا‭ ‬في‭ ‬حملة‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية،‭ ‬وبعد‭ ‬السابعمن‭ ‬شهر‭ ‬أيلول‭ ( ‬سبتمبر‭) ‬2016‭ ‬ستراهم‭ ‬بأم‭ ‬عينيك‭ ‬يتعانقون‭ ‬ويتبادلون‭ ‬الأنخاب‭ ‬فيما‭ ‬بينهم،‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬تصدقني‭ ‬فأنت‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬سيطلع‭ ‬على‭ ‬صورهم‭ ‬في‭ ‬موقعك‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬الخاصأو‭ ‬في‭ ‬تدويناتهم‭. ‬عزيزي‭ ‬مارك‭ ‬زوكربيرج‭… ‬أحيانا‭ ‬نعتقد‭ ‬أنك‭ ‬صرت‭ ‬مغربيا‭ ‬وفيك‭ ‬صفات‭ ‬من‭ ‬تَمَغْرَبيتْ،‭ ‬ولا‭ ‬تنسى‭ ‬أننا‭ ‬جميعاً‭ ‬نحبك،‭ ‬ونسهر‭ ‬الليل‭ ‬كله‭ ‬نعمل‭ ‬إلى‭ ‬جانبك،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬يهمنا‭ ‬غلاء‭ ‬فاتورةالكهرباء،‭ ‬لأنك‭ ‬أخرجت‭ ‬شعبنا‭ ‬من‭ ‬عزلة‭ ‬قاتلة،‭ ‬كنا‭ ‬نعيشها‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬لكننا‭ ‬نلوم‭ ‬أنفسنا‭ ‬أحيانا‭ ‬لأننا‭ ‬نضيع‭ ‬الوقت‭ ‬ونحن‭ ‬نطيل‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬شاشة‭ ‬حواسيبنا،‭ ‬وقد‭ ‬أهملنا‭ ‬قراءةصحفنا‭ ‬الوطنية‭.‬