ظواهر إجتماعية بحاجة إلى تأمل

 

لم يعد أمرا خفيا ظهورأنواع كثيرة من الثقافات المتجددة والغريبة في مجتمعنا العربي والعراقي هذة الظواهر المقيتة التى طفت على سطح المجتمع مؤخرا ، من الممكن القول انها حالات فردية يمكن علاجها ، الا ان تلك الظواهر التى تفشت هى كثيرة ومعقده بشكل يثير الجدل. على سبيل المثال لا الحصر (الالفاظ خادشة للحياء يعتبرها البعض على انها نوع من أنواع الاستايل وخفة الدم او الاستظراف أو نوع من انواع التفريغ عن الكبت) ،فتجاهلنا الحديث عنها وكأن الحديث فى هذا الامر بات من المحرمات او الخطوط الحمر التى لا يمكن تجاوزها ، حتى أصبحت (سلوكاً اعتياديا ) تطور الى ان أصبح نمط حياة .

يتسم به المجتمع مخترقا معظم طبقاته الاجتماعية وفئاته النوعية والعمرية بلا استثناء ، فى ظل قلة دور المؤسسات التربوية ، والدينية والاجتماعية . ودور الاسرة ومنظمات المجتمع المدني احيانا يتساءل الفرد عن أسباب تفشى الظواهر السلبية فى المجتمعات كانعدام الحياء ، والرشا ، والمحسوبيات ، النفاق ، والوصولية ، عدم احترام قدسية الشارع والبيت والمدرسة ، ويرجع كل هذا الى تناسي القيم والاخلاق والعادات الاصيلة التى تمتد جذورها الى الاديان السماوية والشرائع رغم ما يطلق على تلك المجتمعات متدينة فى ظاهرها ومتدنية فى باطنها ، تناقض رهيب قد تجده فى افرادها وجماعاتها ، فتجد الفرد الذى يبدو من مظهره انه شخص متحضر ، فى أول عثرة له تجده وقد تحول الى شخص اخر بذيء اللسان ، متخلف الفكر .. تنهال من فمه قاذورات تعجز عن لملمتها ، فلا تملك امام هذا التناقض الا الدهشة والتعجب !!

ودعونا نخترق المعتاد ونجتاز أسوار الخطوط الحمر ، ونقف امام مرآة صادقة نرى فيها عيوبنا كمجتمع مازالت فيه بقية كرامة واحترام لانفسنا ، ونسأل أنفسنا هل نحن راضون عن احوال الشارع اليوم ، والفضائيات ، الافلام والمسلسلات ، وسلوكيات الافراد سواء رجل او سيدة او فتاة او شاب ، او حتى أطفال ؟ هل نحن راضون عن تشويه صورة المجتمع فى عيون مجتمعات الغربية؟ هل الشعب اليوم هو نفس الشعب منذ 40 او 50 سنة مضت ؟ لنتأكد من الاجابة على تلك الاسئلة علينا جميعا ان نطرح تلك الاسئلة على اجدادنا الذين عاشوا تلك الحقبة الماضية ونقارن بين وصفهم للحياة فى الماضى و الحاضر ، وانا على يقين ان الفارق كبير جدا سيثيرنا بالغضب من احوالنا ومن أنفسنا .

برامج فضائية

بشكل عادى وبطريقة ابشع مما تسمعه فى البرامج الفضائية او المسلسلات والافلام والمسارح ، أوترى المرور مكتظاً اة معطلاً لساعات فتكتشف ان السبب مشاجرة بين اثنين تصادما او احدهم اخترق النظام وتجاوز دوره فى الوقوف وسارع كلا منهما فى توجيه أقذع الالفاظ للاخر وتبدأ المشاحنات بكل عنف تنتهى فى معظم الاحيان بالضرب المتبادل والتكسير والسب والشتم بالام والاب والدين وكل الملل ، حينها لا تملك الا ان تقول وداعا للقيم والحياء والادب !!

معلومة لدى الجميع ، ولا تحتاج لادلة لتثبت لنا شيئا واحدا أصبح الجميع متفقا عليه ( نحن بحاجه الى اعادة النظر في امورنا واحوالنا / عليكم نظم امركم )، والى قانون رادع للكل بدون استثناء ، من المواطن العادى الى رجال الشرطة وحتى رجال الدولة ، بحاجة الى تعليم الناس كيفية احترام الاخرين واحترام الشارع واحترام أنفسنا قبل كل شىء ، بحاجة الى إعادة الحياء الى قيم مجتمعنا الذى ضاع وسط جملة المفاسد التى نراها فى حياتنا اليومية ، بحاجة الى تنظيف شوارعنا من القمامة ( الزبالة اللفظية ) ، بحاجة الى التخلص من التناقض الذى نعيشه والازدواجية فى سلوكنا والتخلص من الاقنعة التى نجمل بها وجوهنا ، فأسوأ ما يحزنك ان الانسان خارج بلده تراه لا يجرؤ على ممارسة موبقاته فى اى مكان اخر غير بلده ، تراه نشيطا فى عمله ، مهذبا فى تعامله مع الاخرين ، يحترم قوانين البلد التى يعمل بها ، وبمجرد نزوله الى أرض الوطن يتحول كل هذا الى سلوك مناقض لما كان عليه فى بلاد الغربة ، وربما يرجع هذا الى حرصه على الاحتفاظ بمصدر رزقه وعمله أكثر من حرصه على ترجمة قيم دينه فى سلوكه اليومى ، بينما المفترض ان يكون هكذا فى كل مكان يتواجد فيه بعيدا عن اتباع سياسة ( الوجهين ) والتفاخر بسمات وقيم لم تعد موجودة فينا اليوم بل باتت فعلاً ماضىاً .اذا كنا ندعى اننا مجتمع متدين ، فالتدين لا يعنى التناقض بين الشكل والجوهر ، ولا يعنى الحرص على المظهر الخارجى امام الناس بينما سلوكنا بعيد كل البعد عن قيم الاخلاق والفضيلة ، وابرز سمات المسلم ليس فى طهارة بدنه فقط بل طهارة لسانه ويده وعينيه وقلبه وعقله ، واللسان هو المعبر الوحيد عن بواطن النفس البشرية ، وسلوكها هو الفيصل والحكم على طبيعة تلك النفس .. بعيدا عن الجعجعة والصوت العالى والسباب والشتم والتنابز بالالقاب وخدش حياء الاخرين بألفاظ لا تليق باى مسلم ، ولا يضحك منها ويستسيغ سماعها سوى البلهاء والجهلاء وعديمى الاخلاق والضمير .