الخياط والوطن

بعضنا –سامحهم الله – يعتقد ان اختيار الوطن البديل هو تماما مثل الذي يذهب الى الخياط لتفصيل بدلة حسب المواصفات التي يريدها،وسيكون حال الخياط مثل حذاء ابو القاسم الطنبوري او مثل سمك الصبور عند اهل البصرة ماكول مذموم.
فاذا اخطأ الخياط في المقاييس ستنقلب الدنيا ولا تقعد ولا اقل من ان يوصف هذا الخياط بالجهل والرعونة واما اذا سها عن اتباع التعليمات المقررة في مقاييس هذه البدلة فانه خياط اجوف اما اذا لم تعجب البدلة صاحبها لسبب مجهول فالخياط هو في احسن الاحوال لاينتمي الى هذا العصر(بدلات البرلمانيين نموذجا).
وهو نفس الحال عند بعضنا حين قرروا الهجرة الى المنافي البعيدة فهم يريدون وطنا حسب مقاييسهم وامزجتهم والا فلعنة الله على هذا الخياط الجاهل.
لاشك نحن مزاجيون واصحاب رغبات متقلبة ولكن هذا لايمنع من القول ان بعضنا متقلب المزاج ويصدر احكامه من اهواء شخصية لاعلاقة لها بتفاصيل الحياة اليومية.
صحيح ان بعضنا ان لم نقل كلنا لايجدون فرصتهم في العمل المناسب بل ومعظمنا يشعر بالكآبة والاحباط لأنه ترك ماضيا عزيزا عليه ووجد نفسه فجأة يعيش بين جدران بيته لاعمل له سوى اجترار الماضي واعادة الذكريات ولكن الصحيح تماما ان فرص العمل لايمكن ان تأتي بمجرد تقديم طلب وظيفة الى هذه الجهة او تلك.
ان مجرد شعورنا باننا عاطلون عن العمل هو في الحقيقة جزء من ضريبة الغربة التي فرضت علينا.
هناك المئات من المغتربين غيرنا يعيشون المعاناة نفسها وبالمقابل هناك اناس لا يكفون عن التفكير في ايجاد منفذ لما يعانون منه وهم بذلك يختارون الطريق الصحيح، كلنا يتمنى ان يكون هذا الوضع مؤقتا والى ان ينتهي هذا الوضع لابد لنا من رؤية الامور بمنظارها الصحيح.
لست اريد بذلك ان افرض نفسي واعظا فانا اكره كل النماذج الجاهزة والمعلبة من النصائح مهما كانت في هذا العالم.
ولكن علينا –اقولها لنفسي اولا – ان نعي تماما ان الندب والبكاء على ما فات هو عهد قد ولى والقاء التهم على الآخرين دواء من لا دواء له، ولايعقل ان ندير ظهرنا للمكان الذي آوانا ونلعن الساعة التي جئنا بها لمجرد ان فرصة العمل مازالت بعيدة المنال قليلا.
دعونا نحاول غير ذلك ونتذكر قول شاعرنا الكبير الجواهري رحمه الله:
انا عندي من الآسى جبل
يمشي معي وينتقل
والا فما فائدة السنوات المتبقية من عمرنا اذا امضيناها في الندب واللطم والعبوس.
مفاصل طائفي:نداء الى كل الاطباء والعماء في كل العالم،نريد علاجا شافيا من الايدز الطائفي الذي اخذ ينخر في اجساد معظم المهاجرين الى بلاد الكفار.