قانون إجازة الخمس سنوات للموظف بين السلب والايجاب

صوّت مجلس الوزراء مؤخراً على قرار يمنح الموظف إجازة إعتيادية طويلة والذي دققه مجلس شورى الدولة وتم إحالته الى مجلس النواب استنادا الى احكام المادتين ( 61 البند أولاً و80 البند ثانياً) من الدستور وفي هذه الأسطر القليلة وددت مناقشة ايجابيات وسلبيات هذا القرار بشكل مختصر خاصة وانه قرار جديد من نوعه في العراق وفي المنطقة لأنه يسمح للموظف بعد استحصال الموافقات الرسمية من التمتع باجازة طويلة لمدة خمسة سنوات وبراتب اسمي كامل على أن تحتسب هذه الاجازة لأغراض التقاعد بشرط دفع الاستقطاعات التقاعدية من الموظف ويسمح كذلك للموظف أن يتمتع باجازة طويلة أقل من خمسة سنوات على أن لاتحتسب لأغراض التقاعد والعلاوة والترفيع, وكذلك سمح القانون للموظفين المتعاقدين مع المؤسسات الحكومية تقديم طلبات انهاء عقودهم اصولياً مقابل حصولهم على مكافئة تعادل 3 أشهر من كل عام تعاقدي على أن لايتجاوز مبلغ المكافئة رواتب 24 شهراً.
الإيجابيات:-
ان القرار سيرفد الموازنة المنهكة بمبالغ مالية كبيرة نتيجة الفروقات بين الرواتب الكلية والرواتب الإسمية للموظفين الذين سيتمتعون بهذه الإجازات ومن الممكن توظيف هذه المبالغ في أبواب صرف عديدة تساعد الحكومة على تقليل نسبة العجز في الموازنة وتخطي الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد, وفي اعتقادي ان هذه الايجابية هي السبب الرئيسي لسنّ هذا القانون, وكذلك جاء القانون بشكل ليس فيه إجباراً للموظف على الاجازة وترك الأمر إختيارياً له, وسيحقق هذا القرار استفادة كبيرة للموظفين الذين يرومون السفر خارج البلاد أو التفرغ للدراسة دون الحصول على اجازة دراسية أو فتح مشاريع صغيرة أو العمل في القطاع الخاص بما يساعد على تحسين حالتهم المعيشية.
السلبيات:-
القانون هو اعتراف رسمي من الحكومة بحراجة موقفها المالي واقترابه من الإفلاس, وبعد تطبيقه سيثبت لنا حجم البطالة المقنّعة الكبير في مؤسسات الدولة حيث يبلغ عدد الموظفين الحكوميين أربعة ملايين موظف تم تعيين أكثر من نصفهم بعد عام 2003 بصورة عشوائية نتيجة المحاصصات الحزبية والسياسية السائدة في المشهد السياسي دون الاعتماد على الحاجة الفعلية للمؤسسات ما أدى الى ترهل كبير داخل مؤسسات الدولة حيث تبلغ نفقات هؤلاء الموظفين أكثر من خمسين ترليون دينار عراقي أي بما يعادل 70% من النفقات التشغيلية للموازنة.
وفقرة سماح القانون للموظف الذي يتمتع بالاجازة بالعمل في القطاع الخاص سيؤدي الى منافسة هذه الشريحة للعاملين في القطاع الخاص وهذا سيؤدي الى زيادة عدد البطالة المرتفعة التي تبلغ أكثر من ثلاثة ملايين عاطل عن العمل.
علاوة على ذلك فان بنود القانون لم تعالج حالة الموظف الذي يتمتع بالاجازة ويتعرض لحادث أو وفاة خلال تلك الإجازة.
في اعتقادي ان هذا القانون كان متسرعاً حيث ركز على جانب واحد وهو حجم المبالغ التي ستوفرها الحكومة للموازنة من جراء تطبيقه وأهمل السلبيات التي ستترتب على تطبيقه, في حين كانت هناك حلول متاحة بديلة لهذا القانون تحقق هذا الهدف ونتائجها أفضل ومنها على سبيل المثال لاالحصر (تعديل قانون الخدمة المدنية وتعديل قانون التقاعد وتقليص سن التقاعد وتعديل الحد الأعلى لسنوات الخدمة ) بحيث يتم إغراء عدد كبير من الموظفين الراغبين في الإحالة على التقاعد وبذلك سيتم تحقيق عدة أهداف منها توفير مبالغ كبيرة للموازنة تمثل الفرق بين الراتب الكلي للموظف والراتب التقاعدي وكذلك سيقلل من حجم الترهل والبطالة المقنعة الموجودة في مؤسسات الدولة, وعلى الحكومة أن تضع ضوابط جديدة للتعيينات بموجب الحاجة الفعلية للمؤسسات والقضاء على الفساد المستشري في قضية التعيينات وإبعاد المحاصصات الحزبية والسياسية منها.