القنواء: أوه أوه مالي ولآل أبي سفيان؟!
معركة مصيرية بدأت أتون صراعها منذ أول أيام الخليقة، بين حزب الرحمن عز وجل وحزب الشيطان، لكن ثمن هذه الحرب، يحتاج لمنظومة بشرية منتقاة، تؤمن بأن ما كان لله ينمو وباقٍ أبد الآبدين، والعطاء بحاجة الى التواصل، ويقدم قرابين العدالة راضياً مرضياً، لأن القضية الكبرى تستحق التضحية، عندما يتعلق الأمة بتعرض العقيدة الإسلامية للخطر، وهذا ما واجهه الإمام الحسين وأولاده وأنصاره (عليهم السلام)، فكان لابد من وجود كوكبة، من الجهابذة نساء ورجالاً، ليحملوا مشاعل كربلاء!
القنواء أشهر بنات رُشيد الهَجري، أحد المقربين من الإمام علي (عليه السلام) كان يسميه رشيد البلايا، وأبرز ما شهدته إبنته أنها شاهدت بأم عينيها، قطع يدي ورجلي ولسان والدها، على يد جلاوزة الدعي عبيد الله بن أبيه، على أن عزاءه الوحيد كان قول أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام): يا رشيد أنت معي في الدنيا والآخرة، لكنها كانت تلح ببيان معنى قول أبيها:(يا بنية يأتي قوم بعدنا، بصائرهم في دينهم أفضل من إجتهادنا)فمَنْ هم القوم؟
السيدة القنواء عاصرت أيام الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، ونقلت عن أبيها أحاديث كثيرة، فحديث أبيها لفت إنتباهي كثيراً، لأنني دققت بالقوم الذين يأتون بعد هؤلاء النجباء، الموالين ليعسوب الدين وولي المسلمين، علي بن أبي طالب (عليه السلام) وتكون بصائر دينهم أفضل من إجتهادنا، فوجدت أن الأمر مرتبط بشيعة آل محمد (عليهم السلام)، فالصحابة الأصفياء كان لهم الحظوة الكبرى، بأنهم عاصروا أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم) فنصروهم وقدموا الغالي من أجل أصحاب الكساء.
تذكر القنواء أنها سمعت أبيها يقول:(عندما خرج الإمام علي عليه السلام، الى صفين مرَّ بنينوى وهو شط الفرات (جانب من كربلاء)، فقال بأعلى صوته: أتعرف هذا الموقع؟ قلت: ما أعرفه يا أمير المؤمنين فقال: لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه، حتى تبكي كبكائي، فبكى طويلاً وإخظلت لحيته، وسالت الدموع على صدره وهو يقول: أوه أوه مالي ولآل سفيان، حزب الشيطان، وأولياء الكفر، وإئمة الجور والظلم، صبراً أبا عبدالله، فقد لقي أبوك مثل الذي ستلقى منهم).
لقد إبتسمت القنواء بنت رُشيد، يوم حملت يدي ورجلي ولسان أبيها، حين قطعها الدعي إبن الدعي، ولأنها عاصرت حياة الأئمة (عليهم السلام) فقد وجدت فيهم كل معاني الطهر، والقداسة، والكرامة، والحرية، والإنسانية، فكانت فخورة بعطاء أبيها، وتذكرت أن مفهوم البلاء بكربلاء، يعني قضية وجود وخلود، فوثقت بمستقبل قضية الإمام الحسين، وأن حرارتها لن تبرد أبداً لأن الباريء عز وجل، خلق شيعة يحيون أمر عاشوراء رغم أنوف الطغاة، فلو قطعوا أرجلنا واليدين، نأتيك زحفاً سيدي ياحسين!