الحُسين فوق شُبهات إصلاحكم
في ظل التفكك الإجتماعي، لابد من وجود خطاب إسلامي يرتقي لمستوى المسؤولية، ونشر الثقافة، وغالباً ما تكون مسؤولية،(الخُطباء) وتتلخص بالتركيز على الأهداف السامية للثورة الحسينية، وتبسيط المفاهيم الإصلاحية، لمستوى يُمَكن الإنسان البسيط من إستدراج حياته بالحسين،((مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)).
ما يميز ثورة الحسين إنها لم تكن أنية، ويخطأ كثيراً من يعزوها لإصلاح جسد الدولة، علينا أن نلتفت إن الحسين كان في المدينة المنورة، والمدينة أشبه بمقاطعة تابعة لمكة حيث الزبيرين، وكان الطرف الأخر بالثورة يزيد في الشام، فماذا يعني أن يُصلح مواطن ذو نفوذ في السعودية، حال الدولة في سوريا؟ إلا يعرف بمفهومنا اليوم بأنه تدخل سافر؟ ولابد من وقفة جادة من منظمة الأمم المتحدة، كما حدث مع تركيا عندما دخلت شمال العراق.
جانب أخر نلتفت إليه وهو: أن ألحسين "ع" أُخبر مراراً من لسان الرسول، بأحاديث صحيحة، وعلى رواة المذاهب الأربعة، بأنه مقتول، وهنالك إئتلاف عسكري(سوري-عراقي) سيتمادى لدرجة سبي نساءه والتنكيل بهم، وحكومة يزيد ستبقى، ولن يكون لثورته أثر على الصعيد الحكومي، في إستبدال برلماني أو وزير أو زعيم لمكون أو كتلة، وأن العشائر والكتل باقية تتبرك بحمل الرؤوس للخليفة، فما الداعي والمبرر، لثورة تقطع بها الرؤوس! ويبقى الفساد ينهش مفاصل الدولة كما هو؟
ما نفهمه من ثورة الحسين، وما يجب أن نعرفه للعالم، بأنها لم تكن ثورة إصلاحية بدولة، وهذا للأسف ما يفهمه ويروج له من يحمل شعار الحسين في الإصلاح، ومن يريد أن يصلح حال دولة، عليه الإبتعاد عن شعارات ثورة الحسين، ولأسباب منها:-
1- الثورة لم تكن مسؤولية ترتبت على الحسين بوقتها، هي مرتبة وشخوصها معدة مسبقاً! بمعنى لم يفرضها واقع الأنحراف، لأن هذا الواقع عاشه الحسن، فلماذا لم يقوما بالثورة معاً؟ كانت وضيفة الرسول التبشير بالدين لا تثبيته، بدليل إنحرافه من بعده، والإمام علي ركز على بيان أسس وخطوط الحكومة الإسلاميةفقط, وكذلك الحسن، فكانت لكل إمام وظيفة،الحسين وظيفته تثبيت الدين، ومن الملفت للنظر من يبحث لدخول الإسلام سيجده بالحسين، ولذلك ثورة الحسين أكبر من أن تقاس بإنتفاضة.
2- الحسين قام ثائراً بأصحابه (من كان باذلاً فينا مهجته، وموطنا على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا فإنني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى) أراد أن يثور بأصابع نظيفة، لذلك فتح لهم الفجوات للخروج تحت جنح الليل، حتى يخرج صالحهم من فاسدهم، فهل أخرجتم المفسدين من تحت ثيابكم لتثوروا ضد الفساد؟.
3- الحسين بثورته، لم يركز على مكامن الإنتصار الميداني، بل ربط ثورته بمضامين إلهية بحته، هو كان قادراً على إختراق الجيش وإحضار الماء له ولعياله، لكنه ما كان ليفرط بإرادة الله تعالى، بأن يقتل ضمأن ليكون وقع ثورته أقوى وأدوم، حيث إن تلك الأدوار الالهية التي ارادها الله للحسين هي التي أكسبت ثورته الخلود، وعندما يفسر صبر الحسين لا يعني الصبر على العطش او الحرب، بل الصبر على صعوبة ما أراد الله، فهل لثوراتكم الإصلاحية مضامين وإرادة إلهية بهذا القدر؟
4- كربلاء أكبر من أن تقرأ بمفاهيم الإنتصار الميداني، لو إفترضنا بأن الحسين ربح الحرب وحكم العراق، هل كان ليصلح حال الشام، أو اليمن، أو العالم الإسلامي؟ ما هو رادع الحسين عن الجريمة هناك؟ الله رأى لإصلاح العالم لابد من قربان ودم ساخن، وإعلام قوي يعرف ذاك الدم للعالم، فكانت مسؤولية الحسين.
نصل إلى حقيقة أن الحسين ثار لمحاربة ما يسخط الله، وما كان يزيد إلا بيئة إجتمعت المسميات المنحرفة وصفات الشيطان بها،(قتل النفس، وشرب الخمر, وسرقة المال العام, والمرابي, والمشرك, والزاني, والكاذب)، وهذا ما يفسر قول الحسين (ومثلي لا يبايع مثله) ولم يقل (أنا لا أبايع يزيد) لأنها ليس مسألة شخصية، وهي أشارة بأن يزيد لا يمثل نفسه، أو دولة يحكمها، بل يمثل الإنحراف في العالم الإسلامي.