كان مقدرا لمقياس التدمير لفتنة ساحات الأعتصامات ان يعطي قراءة تفوق بكثير قراءة مقياس رخيتر لقراءة الهزات الزلزاليه ذي التسع درجات لتكون بأضعاف مضاعفه لولا رحمة ربك بأهل هذه الرقعة من الأرض المسماة بالعراق حيث ان الزلازل التي يسببها العداء والعناد البشري هي اعظم بكثير من زلازل الطبيعة تأثيرا وافدح تدميرا وجاء تدخل السماء في وقت كانت الأرواح قد بلغت التراقي يئسا من اي حل وجزعا من مصير قاتم السواد بدت بوادره تلوح في الأفق حين جاء تدخلها وفي هذا التوقيت بالذات لاقبله ولابعده وهي عودتنا دائما ان ارادت تدخلا سببت الأسباب وهذا ماكان بأن جعلت خمس فتيان يذبحوا كقاربين عند ساحة من تلك الساحات ليفتدوا بدمائهم الزكيه حيوات مئات الأف من هذه الأمه ان لم نقل الملايين . قبل ساعات من مصرع هؤلاء الجنود كانت كل المؤشرات تشير الى اننا ذاهبون بعزيمه واصرار الى فتنة لايعلم الا الله عواقبها حيث تلبدت الأجواء واكفهرت واختفت كل فرص الحلول واصبح كل طرف يشحذ سكاكينه لذبح الطرف الأخر ولم يبقى من الوقت الا اقل من القليل امام الفرقاء ليبدأوا الولوغ بدماء بعضهم البعض حيث كانت الأنباء تترى من هذا الطرف او ذاك من تلك الساحة او هذه تحتطب وتستعجل وتحث على ايقاد الحريق الذي لن يبقي او يذر لو قيض للذين ينسجون امر إشعاله منذ زمن ان ينجحوا في كيدهم . لاادري إن كان قدر للجنود الخمسه الذي قضوا نحبهم يوم امس ان يبعثوا للحياة من جديد ويروا بام اعينهم مافعلته دمائهم الطاهرة التي اراقتها الفتنة دون وجه حق كيف فعلت فعلها الذي لم تستطع ان تفعله عشرات التهديدات والاف الأغراءات ومئات الوساطات ويختاروا بين العودة للحياة مع بقاء الفتنة على حالها او بقائهم اموات لااظن انهم سيخذلون ثوابت هذه الأمة وانهم سيفضلون بقاءهم في عالم السرمدية مادام في موتهم هذا انقاذا لملايين الحيوات التي ستطالها نيران الفتنة المستطيرة التي اطفأت استعارها دمائهم . مهما بلغ المرء من مراتب المعرفه والفطنة والخبرة ومهما كانت روحه عامرة بالخير والمحبه يستدرج في لحظة ضعف ما الى مواقف لاتلتقي مع ثوابته الأخلاقيه وينغمس في صراع هو في الضد تماما مع قناعاته وتأتي لحظة التصحيح والأستدراك بفعل الضغوط اللاوعيه التي يشكله خزينه الأخلاقي من خلال موقف تذكير او حادثة معينه وهذا مابالضبط مافعلته دماء هؤلاء الشباب الذين قتلهم تجار الفتنة عندما ايقظت الكثير من الضمائر التي انامها الصراخ الطائفي العارم الذي ساد ساحات الأعتصام اذ ان الذين يتصدون لأخماد هذه الفتنة الآن هم جل الذين كانوا يستيجبون لغواية خطاب التسعير والتأجيج الطائفي الذي كان يحتطب للفتنة من على منصات خطابة الأعتصامات والذي كان يستعجل الوقت لكي لا تصحى هذه الضمائر من خدرها لأن اصحاب هذا الخطاب التحريضي يعرفون تماما ان لاسوق رائجة لخطابهم لو صحت تلك الضمائر من غفلتها واستيقظت من رقدتها . عشائر تعلن انسحابها من ساحات الأعتصام وقوات الصحوة التي اختفى صوتها منذ مدة نراها تعود للحياة من جديد و تهدد بأنها ستحرق الأخضر واليابس ان لم يتم تسليم قتلة الجنود الخمسة حتى ان الكثير من مفتي هذه الأعتصامات الذين اقتربوا بمراتبهم من الأنبياء عندما كانوا يضمنون الجنة لقتل هذا القائد العسكري او ذاك ويحللون مقاتلة الجيش وقتل افراده اينما ثقفوا يجبرهم جلال الموقف الذي نشأ عن مصرع هؤلاء الفتيان الخمسه ان يتخفوا ولو الى حين خلف تصريحات وفتاوي جديده تحرم مقاتلة الجيش وقتل جنوده وحتى بعض السياسيون الذين كان يحاولون استثمار حراك ساحات الأعتصام لمصالحهم ويبررون الكثير من انتهاكات وتجاوزات البعض نراهم الان يستنكرون ويشجبون قتل الجنود الخمسه فأية دماء زواكي دماء هؤلاء الجنود الخمسه . وان كان البعض وفي مسعى منه للملمة المسائل واطفاء نار الفتنة قد اضطر لأطلاق تسمية الشهيد على كل من سقط في واقعة الحويجة ترضية لطرف ما متعذرا بواقعة الجمل التي جمع فيها الامام علي قتلى الفريقين وصلى عليهم صلاة الغائب ولم يسمح للمنتصر ان يغنم المهزوم فإني اطالب المسؤولين بإيجاد تسمية اخرى لهؤلاء الجنود الخمسه ارفع من تسمية الشهيد مادام اطلاقها يتم بهكذا مجانية مسخت منها كل قدسيتها فمن الصعب مساواة دماء هؤلاء الشهداء الخمسة بدماء بعض القتلة التي شاءت السياسة والظرف ان يتسموا بتسمية الشهادة لأنه بفضل دماء هؤلاء الشهداء وليس بفضل احد غيرها ان جعلت الجميع يستيقظ من رقدته . |