الأمن أولاً يا حكومة الأقليم

 

مما لاشك فيه ان أي كيان سياسي مهما اختلف شكله او اسمه فأنه مكلف بتقديم و ضمان الخدمات الامنية و الصحية و التعليمية الى سكانها وفق الدساتير و القوانين الصادرة و في سبيل ذلك تمتلك سلطة واسعة تمكنها من أداء مهامها على أتم وجه و صورة و بهدف تقديم الخدمات الامنية أي خلق بيئة آمنة للمواطنين من اجل التمتع بحياتهم يتم تأسيس أجهزة و مؤسسات مهمتها القيام بحفظ الامن و النظام و تعمل وفق خطط و استراتيجيات تأخذ بالحسبان التهديدات و المخاوف الموجه الى الكيان داخلياً و خارجياً و تتخذ الاجراءات اللازمة لمنع وقوع الاعتداءات و الجرائم و تعكير صفوة الحياة و يتم تنظيم هذه الاجهزة بقوانين لبيان حقوق و واجبات العاملين فيها و الاهداف التي أسست من اجلها وفق المعايير الدولية لحقوق الانسان .

عندما تتعرض أمن أية دولة او كيان الى الخطر فانها تلجأ الى اتخاذ اجراءات صارمة بحق العابثين بها بالاعلان عن حالة الطوارئ و تشريع قوانين تمس حقوق الانسان و حياته الخاصة لأيمانها بأن القوانين العادية لاتف بحاجة المرحلة فمثلاً عندما تعرض امن امريكا للخطر بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (2001) و اخترق الجدار الامني الامريكي اتخذت اجراءات قاسية منها تشريع قانون باتريوت القاضي بحق الادعاء العام بحبس المشتبهين و مراقبة الاتصالات بانواعها و التحري عن اشخاص سجلت ملاحظات امنية عليهم و تشديد اجراءات التفتيش في المطارات و تفعيل دور اجهزتها الامنية و كذلك الدول الاوربية كفرنسا عندما تعرضت لهجمات ارهابية لجأت الى الاعلان عن حالة الطوارئ و بريطانيا من الدول التي اتخذت تحوطات امنية عند دخول اللاجئين الى اراضيها ظناً منها بانهم سيشكلون خطراً و تهديداً لأمنها و اخيراً تركيا فبعد الانقلاب الفاشل في (15/7/2016) اعلنت عن حالة الطوارئ تم تمديدها لمرتين لثلاثة اشهر في كل مرة لحماية أمنها و تحت غطائها تفعل فعلتها و برلمانها تمنح قواتها العسكرية المرابطة خارج حدودها بالبقاء هناك في (العراق – سوريا) في سبيل تأمين أمنها القومي ...

و نتيجة للاحداث الدامية التي شهدتها العراق و سوريا نزحت اعداد كبيرة و لجأت اخرين الى احضان اقليم كوردستان و تم ايواءهم في مخيمات و قدمت الخدمات الانسانية اللازمة لهم بمساعدة المنظمات الدولية العاملة بهذا الشأن و شهدت استقراراً نسبياً و لكن مع اقتراب موعد تحرير مدينة الموصل تبدأ قوافل النازحين القادرة من الفرار من تحت سيطرت داعش بالتوجه الى قوات البيشمةركة المرابطة في جبهات القتال و الاستسلام بعد مكوثهم لأكثر من سنتين تحت مظلة حكم داعش و زرعت في عقول الكثيرين منهم الفكر المتطرف و دربهم على فنون القتال و كيفية العمل ضمن الخلايا النائمة و الاتصال مع بعضهم البعض بعيداً عن الملاحقات الامنية و اساليب صنع المواد المتفجرة و فك الشفرات و غيرها مما يتطلب عملهم الارهابي في مرحلة ما بعد تحرير الموصل و بشهادة العديد منهم عند اللقاء بهم عن طريق اجهزة الاعلام فان هؤلاء الاشخاص لا يمكن ان يجردوا من افكارهم بمجرد خروجهم من الموصل او تغيير سماتهم الشخصية او نطقهم بمأساوية العيش في ظل داعش و انها مجرد اقنعة متعددة تخفي وراءها وجوههم و حقيقتهم و انهم سيشكلون عاجلاً او آجلاً تهديداً لأمن اقليم كوردستان و يكونوا عند رهن الاشارة بتنفيذ العمليات الارهابية لذا فان مسؤولية حكومة الاقليم كبيرة في التعامل معهم بانسانية و تقديم المأوى و الملبس و المأكل لهم من جانب و مراقبة تحركاتهم و اتخاذ الاجراءات الامنية الصارمة معهم من جانب آخر و ان اخذ الحيطة و الحذر لا يجرد اقليمنا من انسانية تعامله مع هؤلاء النازحين و اللاجئين و لا تشكل محل نقد من قبل المنظمات الدولية بل تعتبر اجراءات وقائية و احترازية لتأمين و حماية مواطني الاقليم كذلك آمن المخيمات ... اذن أمن الاقليم هي الاولى و تزداد مسؤولية الاجهزة الامنية وسط انباء عن نزوح اعداد كبيرة من مواطني مدينة الموصل عند بدء عمليات تحريرها مع تقديرنا للخيرين منهم الذين كانوا الضحية لاساليب داعش الارهابي فان المراقبة و الملاحقة الامنية سيكون من سمات المرحلة القادمة و يثقل من كاهل مسؤولية اجهزة اقليم المعنية بحفظ الأمن لذا فان الامن اولى و أهم و لكنها لاتعني خروج حكومة الاقليم عن اطارها الانساني المعروف بها في الاوساط الدولية و الاقليمية .