ومضات من النهضة الحسينية

 

لقد أذهلت الثورة الحسينية الألباب، وفجع ضمير الإنسانية، بكم الجرائم الوحشية التي أرتكبت بحق الحسين ع وصحبه، منذ خروجه من المدينة، وصولا" لأرض العراق، إلى أن إنتهى به المطاف وركبه الشريف، في أرض الغاضرية(كربلاء)، لقد حملت الثورة معان، غيرت مجرى التأريخ والإنسانية، فرغم قلت الناصر والعد، لإبي الأحرار، لم تثنى عزيمته، بل ظل مستمر بسيره، نحو محاربة النهج الأموي، ذلك النهج الذي أراد، أن يحرف دين إلله وكتابه، والإنقلاب على سنة رسوله(صلى الله عليه وآله).

فكانت غاية الحسين ع، تحمل بعد إنسانيا"، نتلمس ذلك بقولته المشهورة( ما خرجت أشرا" ولا بطرا"، وإنما لطلب الإصلاح في أمة جدي،.....)، فنلحظ من قول الإمام إبتداء"، عدم التقيد بالظرف الزماني والمكاني، بتوضيح أكثر، إن مساحة الإصلاح لا تتحدد، بالمكان والزمان، لذا فأبي عبدالله ع، قال: خرجت، والخروج هو الذهاب لمكان غير مكانه ، وزمان ليس زمانه، أي لأبعد مما هو فيه، فأينما وجد الظلم، وفي أي زمان، فالحسين وصحبه سوف يتوجهون إليه، حتى يعود الناس أحرارا.

لذلك نرى الحزن يتجدد، واللوعة على فراق الحسين ع تتوقد، في قلوب المؤمنين، بل في قلب كل مظلوم، على وجه الأرض، ذلك لن الأمام الحسين ع، لم يحارب شخص بعينه، أو سلطان لذاته، بل توجه لمحاربة نهج الظلم، أي كان مصدره، فالإمام لم يبرز من أجل طائفة، دون أخرى، ولا لدين معين بذاته، بل لعامة البشر، الذين أستبيحت حقوقهم، جراء الظلم والجور، الذي يقع من الحكام الظلمة، وتلك رسالة جده المصطفى( صلوات ربي عليه  وآله)، حين خاطبه الباري(عز وجل):( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).  

كما بين الإمام، صفة المصلح، حين قال:(لا آشرا" ولا بطرا، ولا ظالما" ولا مفسدا....)، وهو أمام معصوم من الزلل، فلما أطلق هذه الصفات؟ وكأنه يريد مخاطبة المظلومين، عليكم أن تعلموا سمة المصلح، فلا بد أن يكون كما وصف الحسين ع، وإلا، فالإصلاح لا يتفق مع الظلم، ومع إستئثار المناصب، وإستغلال المال العام، والتفرد بالسلطة، فالإمام خرج ثائرا" على يزيد، ويزيد يدعي خلافة المؤمنين، وهو لا ينتهي عن المحرمات والموبقات والكبائر، لكن دم إبي الأحرار، فضح زيف الظالمين والمنافقين.

فيا ساسة العراق، لا سيما الذين يدعون الإصلاح، هل قدمتم القرابين من أهليكم، للدين والوطن؟ وهل بذلتم الغالي والنفيس، كما فعل إمام الإصلاح والمصلحين، إبي عبد الله الحسين ع، هل ودعتم الدنيا الفانية، وخرجتم طالبين رضى الله، في عياله الفقراء، فالحديث القدسي يقول( الفقراء عيالي)! فركب الحسين سائر ولن يتوقف، حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين، والإمام بين ملامح معسكره، كما وأضح لنا معسكر يزيد، فمن أراد الإصلاح بعينه، فهو مع الحسين ع، وأما المنافقون، فسوف يحشرهم الله، مع يزيد وحزبه، وأولئك هم الأخسرون.