"امي قتلت بدم بارد"


"ما هو الشيء الذي تتفائل به؟ رؤية وجه امي"، امنية علي عبد النبي الزيدي، الكاتب والمسرحي العراقي، وربما سينقم على كل من يطلق عليه صفة الانتماء للعراق، لانه لم يوفي له، كعادته مع مبدعيه، فهذا العراق، والذي يبدوا، ان اليقين بات يحاورنا، بأنه يتخلى عن كل من يضحي ويعمل كادحا من اجله.

ذلك السمار الجنوبي، والذي كان ينتمي لمدينة الناصرية، حاصدا جوائز عالمية وعربية وعراقية، من خلال نصوص  قلم ذلك الكاتب، والذي يبدع في تسليط الضوء على معاناة الناس، وكيف يعالج قضاياهم، سائرا بمبدأ القول المشهور، "اعطني خبزا ومسرحا، اعطيك شعبا مثقفا" ولكن هل بقي الخبز لعبد النبي، ام سرق وكيف؟.

مستشفى الحسين"ع" التعليمي، في محافظة ذي قار، والذي من سوء الحظ اطلاق كلمة المستشفى عليه، فهو لا يناسب حضيرة للحيوانات، ولا يطابق ادنى مقاييس الصحة في حفظ وانقاذ حياة الناس، بل تعدى به الامر الى الاجهاز عليهم، والتجارب كفيلة بأغناء الحديث.

"ما هي امنيتك التي لم تتحقق؟ ان املك بيتا!" السؤال الذي طرح على عبد النبي من قبل المحاورة في "اخيرة المدى" قبل مدة، والذي لو كان  يعلم بخطف الناصرية لروح امه، لاستبدل امنيته، بان احافظ على روح امي، من جيثوم الفساد القاتل، الوباء الذي بات يستشري حتى في منازلنا، فالوباء اصبح عنوانا لسير الحياة، وكفيلا بأدارة معايشها، حتى وسط المهن التي يجب ان تكون الاكثر انسانية، اذا لم نرد ان نصفها بالدينية والعقدية.

الكاتب المسرحي، والذي عاش بانوراما الموت البطيء لامه، وهي تتوسد احضانه، دون ان يجري اي تعديل على النص، بل جره النص ليصبح احد أبطاله، دون طوعه، لتملي عليه الحياة ما تريد، وتنسقها وسط سيناريوا الظلم لعامة الناس، والرقص على جروح الفقراء.

"من انت في ثلاث كلمات؟ كاتب مسرحي عراقي" يبدوا ان النقمة حلت على إجابته لان من يكون عراقيا، عليه ان يستعد لشضف العيش، ويعد العدة لملاقات الجراح، ولو علم ان عراقيته هكذا تعامله، لقال كاتب مسرحي مجهول.

علي عبد النبي الزيدي، والذي فقد امه بسبب التقصير في اداء الكادر الطبي، والذي وقف مكتوف الايادي لعدم وجود طبيب خفر يعمل فعليا، غير حبر على ورق، اصبح ناقما على كل شيء، حتى على انتمائه وعنصريته لمدينته السابقة"الناصرية" والذي يقززه الانتماء اليها بعد ذلك، اصبح نادما على كل وشاح ابداع قدمه اليها، وحاله حال الكثير الذين "يقتلون بدم بارد" ولكن صوته كان مدويا ليصل الينا.

نقولها وعلى مضض، فقد العراق كل شيء حتى بات التعامل مع الاخلاق والإنسانية لا يحده الا اثنان، القوة او المال.